بحسب الأسبوعية الفرنسية Courrier internationale، تُجمع الصحف الأوروبية الواسعة الانتشار على أن زعيمة التجمع الوطني، وريث الجبهة الوطنية ذات التوجه اليميني المتطرف، مارين لوبان هي المستفيدة الأكبر من أزمة قانون التعاقد التي تتخبط فيها فرنسا راهنا، مُشلّة الحركة الاقتصادية، وباعثة الحيرة والارتباك في قصر "الإيليزيه"، وفي قصر الحكومة، ومكاتب كبار وزرائها.
وكانت اليمينية مارين لوبان قد ترشّحت ثلاث مرات لرئاسة الجمهورية لتفوز في هذه الدورات بما يزيد على العشرين في المائة. وهي نسبة أقضّت مضاجع الأكثر وثوقا بأنفسهم في الوصول إلى قصر "الإيليزيه".
وتقول صحيفة Handelsblatt الألمانية إن مارين لوبان "استغلت الفوضى التي تهيمن على البرلمان لكي تكون في موقع المعارضة الرشيدة والجديرة بالمصداقية".
وترى جريدة "الباييس" الاسبانية أن حزب التجمع الوطني تمكّن من أن يلعب دورًا هاما داخل البرلمان، مبرزا أنه مدرك لخطورة الأزمات التي تعيشها فرنسا راهنا أكثر من الرئيس ماكرون، ومن حكومته.
وقد عارض حزب التجمع الوطني قانون التعاقد من دون أن يُورط نفسه في التظاهرات المناهضة له، والتي تنظمها وتشرف عليها أحزاب اليسار والنقابات العمالية، ومن يُسمّون أنفسهم بـ"المتمردين"، محترمة بذلك الإجراءات البرلمانية.
وفي مقال لها، كتبت جريدة "الباييس" تقول: "إن رغبة ماكرون في فرض اصلاحاته مهما كانت التكاليف، وحتى وإن هبت الرياح بما لا تشتهيه سفنه، هي في الحقيقة نابعة عن قناعة وعن مسؤولية". وهو يعلم أنها لاشعبية، إلاّ أنه يرى أنها ضرورية بالنسبة لفرنسا، وإذن هو على استعداد تام لتحمّل تبعاتها. لكن بحسب النقابات، ما هو محوري هو: هل يمكن أن ندوس على الديمقراطية من أجل فرض قانون؟ وهل يمكن أن نحكم بلدا بمثل هذه الطريقة؟ وما هي النتائج المترتبة عن ذلك؟؟
وفي مقالٍ لها، أشارت جريدة "الغارديان" البريطانية" أن فرض قانون التعاقد يمثّل "تهديدًا للديمقراطية الفرنسية"، و"فرصة ذهبية" لمارين لوبان لكي يزداد حزبها صعودًا وشعبية.
وبقطع النظر عن شعبيتها التي تزداد ارتفاعا سنة بعد أخرى بحسب ما تبرزه الاحصائيات، فإن مارين لوبان باتت تعتقد أكثر من أيّ وقت مضى بأنها قادرة على أن تلعب دورا أساسيا في المستقبل القريب في تشكيل المشهد السياسي في بلادها.
وهذا ما تؤكده الأسبوعية الألمانية "دي تزايت" التي تقول بإن الفرنسيين لم يعودوا يثقون في الأحزاب التقليدية، وأصبحوا يبحثون عن من يحسن الاستماع إلى مطالبهم، ويحسن إدارة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
وتقول "دي تزايت" إن الأحزاب التي ترفع شعار الدفاع عن حقوق الطبقات الشعبية باتت تثير سخرية هذه الطبقات. وأما المحافظون فمن المحتمل أن يصوتوا لصالح قانون التقاعد الذي سنته حكومة ماكرون. لذا فإن الطبقات الشعبية ذات الدخل المحدود سوف تدير ظهرها لهم. وبذلك تجد مارين لوبان نفسها متحررة من عراقيل كثيرة، ومن مصاعب كانت تمنعها من تحقيق الانتصار الساحق الذي تتطلع إليه منذ سنوات طويلة.
التعليقات