إيلاف من لندن: اعتبر مسؤول حزب البعث العراقي جناح سوريا موقف المالكي من هذا التنظيم قصر نظر سياسي لا يدل عن إستيعاب للتطورات الحاصلة في الداخل والخارج مشيرًا الى ان قادة مثله تنكروا لاحتضان سوريا لهم

وعد مسؤول حزب البعث العراقي جناح سوريا الشيخ راضي في مقابلة مع "ايلاف" اليوم "ان الوضع السيئ الذي يعاني منه الشعب العراقي منذ عشرين عاما من قلة الخدمات، وسوء الأدارة، وتدهور الوضع الأقتصادي ، واستباحة الكرامة الوطنية ، والتفريط بحقوق العراق لم يشغل اهتمام القادة العراقيين الحاليين، فلم يفكروا بإيجاد حلول يخففون فيها هذه المعاناة عن مواطنيهم وانما ابقوا دوامة الصراعات الطائفية وارهاب الناس وتخويفهم من عودة حزب البعث.


محمود الشيخ راضي مسؤول حزب البعث العراقي جناح سوريا (فيسبوك)

وأضاف انه بدلا من ذلك فأنه كان الاجدربالقادة العراقيين أن يستفيدوا من العشرين سنة الماضية لإعادة النظر بالكثير من المواقف الخاطئة التي أدت الى الشلل الذي أصاب الدولة بدل الأستمرار في السير وراء رغبات وأمنيات البعض الذين لايهمهم من العملية السياسية سوى إستمرار إحتفاظهم بامتيازاتهم الشخصية.

الحركات الإسلامية لاتؤمن بالديمقراطية
ونوه الى ان المسؤولين العراقيين دأبوا بالتحدث عن الديمقراطية "رغم معرفتنا بأن جميع الحركات الأسلامية لاتؤمن بالنظام الديمقراطي وإنما تؤمن فقط بالآليات الديمقراطية لأستلام السلطة وليس لتداولها".
وبين ان قادة هذه الحركات يتحدثون عن الألتزام بالدستور العراقي وهم لايطبقون منه إلا ما يناسبهم، ويفسرون بعض فقراته بحسب امنياتهم، كما هو تعاملهم مع المادة السابعة من الدستور التي تنص على تجريم البعث العراقي الذي وصفه بـ "البعث الصدامي"، وليس بعث سوريا. وقال: "هم يحاولون تعميم هذه الفقرة لكي تشملنا رغم معرفتهم بأننا كنا السباقين في التصدي لنظام صدام حسين".

ازدواجية تتنكر للوفاء
واعتبر مواقف قادة احزاب عراقية "من حزبنا فيه الكثير من التناقض والازدواجية، لأنهم كانوا معنا في المعارضة لسنين طويلة وهناك الكثير من الوثائق والمؤتمرات التي تؤكد حجم العمل والتنسيق والدعم الذي كنا نقدمه لهم في سوريا".
وزاد سائلا: "لو كان لديهم موقفا مبدئيا من إسم حزب البعث بشكل عام، فلماذا قبلوا دعمنا وإسنادنا لهم خلال فترة المعارضة وكانوا شركاء معنا في لجنة العمل المشترك؟ ولماذا يتنكرون لنا عندما سُلمت لهم السلطة".

وشدد مسؤول بعث العراق جناح سوريا على أن "هذا الموقف المؤسف فيه الكثير من التنكر لتاريخنا المشرّف في دعمهم واسنادهم أيام الشدة عندما لم يجدوا من يأويهم ويحميهم إلا سوريا العروبة وحزب البعث العربي الإشتراكي – قيادة قطر العراق (جناح سوريا) فموقفهم هذا لا يعبّر عن الوفاء المتوقع منهم".

مواقف المالكي لا تعبّر عن بعد نظر سياسي
وحذّر من أن الحقد والانسياق وراء الرغبات والأمنيات لا تبني الأوطان .. منوها الى ان "الموقف الأخير للأستاذ نوري المالكي حول البعث لايعبر عن بعد نظر سياسي، ولا يدل عن إستيعاب للتطورات الحاصلة في الداخل والخارج".

وكان المالكي الأمين العام لحزب الدعوة العراقي قد أعتبر في بيان صحافي في 31 آذار\ مارس الماضي، أن مظاهر استئصال الآخر المختلف فكرياً وسياسياً وثقافياً هي من صلب عقيدة البعث ومنظومته الفكرية السياسية، وهي عقيدة لن تنتهي ولن تزول من عقل البعث وسلوكه وستظل خطورة هذه العقيدة كامنة وتتحيّن الفرص للانقضاض على مسيرة التغيير في العراق بحسب قوله.
وشدد بالقول "أن عودة البعث، فكراً وسلوكاً وأفراداً، وتحت أي مسمى وواجهة، سوف لن يحصل أبداً، وأن أية محاولة في هذا المجال، من قبل أي طرف داخلي أو خارجي، هي جرم يعاقب عليه القانون العراقي، وسنواجهه بكل السبل القانونية والسياسية، وسنبقى متمسكين بكل القرارات التي صدرت بعد العام 2003، والتي تقضي باجتثاث البعث وفكره وبتجريمه".

يذكر ان المالكي قضى عددا من سنوات معارضته للنظام العراقي السابق لاجئا في سوريا تحت حكم البعث الذي وفّر له مكانا آمنا وهيّأ له سبل معارضته لذلك النظام. حيث عمل مع منظومة البعث السوري التي احتضنته آنذاك والتي يرفض تفريقها عن منظومة بعث العراق تحت قيادة الرئيس السابق صدام حسين كما ينص الدستور العراقي المصوت عليه باستفتاء شعبي أواخر عام 2005.

خطوة الى الوراء
وبين الشيخ راضي أنه بالعودة الى لقائه مع المالكي عام 2009 "بعد أن وجهت لنا دعوة رسمية لفتح حوار سياسي فعقدتُ في حينها عدة لقاءات مع الأستاذ أكرم الحكيم ( وزير الحوار الوطني) وكانت جميع اللقاءات ناجحة إضافة الى اللقاء مع المالكي ( رئيس الوزراء حينها) لذلك تعتبر هذه التصريحات الاخيرة له خطوة الى الوراء".
وأوضح انه طرح في حينها رؤية تؤكد على ان العملية السياسية بحاجة الى تقويم لأن فيها خلل غياب التيار القومي العربي عنها لأنها لا تعبّر عن واقع الحركة السياسية العراقية".

خلاف على الموقع وليس على الموقف
وخاطب الشيخ راضي المالكي قائلا ان "الوقوف ضد التيار القومي العربي الذي يمثله حزب البعث العربي الأشتراكي – قيادة قطر العراق لجناح سوريا الذي عملتم معه في المعارضة طيلة 35 عاماً يفقدكم الكثير من المصداقية".
وأكد قائلا "لقد كنا دائماً مع تقليل حجم الخسائر في لجنة العمل المشترك (وكنا وانتم طرفين فيها) ولازلنا فعندما قرر الأميركان إسقاط صدام حسين إتصلت بالدكتور إبراهيم الجعفري مسؤول حزب الدعوة الاسلامية (رئيس الوزراء لاحقا) وطلبت منه أن نلتقي وقلت له إن قرار الحرب ليس بيدنا والأميركان سوف يذهبون اليها فيجب أن تكون الحركة الوطنية العراقية مستعدة لمثل هذه الاحتمالات .. فإذا كنا لانستطيع إيقاف الحرب فلنعمل على تقليل حجم خسائرها على الأقل فرد سائلا: ماهو المقترح؟ فقلت يجب أن نعلن الآن وقبل بدء الحرب عن تشكيل جبهة وطنية تضم جميع القوى السياسية المؤمنة بإنقاذ العراق من الدكتاتورية والاحتلال على أن تكون بأسماء الأحزاب وأولها حزب البعث. فسأل لماذا نضع إسم حزب البعث ونحن بصدد إسقاط صدام حسين وهو جواب "دلل على سوء الفهم لدى غالبية القائمين على العملية السياسية في العراق من خلال الخلط بين صدام حسين وحزب البعث. فالانحرافات تحدث في جميع القوى السياسية والدينية، لذلك فأن الدستور كان مصيباً عندما أكد على (البعث الصدامي)" .

واشار الى ان محاولة تقليد التجارب الفاشلة والتي ناضلت المعارضة العراقية ضد النظام السابق والتي كان قادة العراق الحاليين جزءاً منها لأسقاطها يفقدهم المصداقية ويعطي الانطباع بأن خلافهم مع النظام السابق لم يكن على الموقف وإنما على الموقع!

ونوه الشيخ راضي الى ان "صدام حسين قد سبق قادة العراق الى الاجتثاث عندما أصدر قانون تجريم حزب الدعوة وبأثر رجعي وإعدام كل منتمي له وكان أخي فؤاد الشيخ راضي أحد شهدائه .." وتساءل قائلا "فماذا كانت نهاية صدام؟ لذلك لا أرى من المصلحة الاقتداء بهذا النموذج لأنه فشل فشلاً ذريعاً، فلا تتبنوا التجارب الفاشلة".

دعوة لحكومة انقاذ عراقية
وأضاف إن الأصرار على عدم وجود تيار قومي عربي يمثله حزب البعث العربي الإشتراكي – قيادة قطر العراق فيها شبه كبير من موقف صدام حسين عندما قال لا توجد معارضة لنظامه، وإن المجاميع التي تسمي نفسها معارضة ما هم إلا مجموعة مرتزقة وجواسيس والباقي يعرفونه.
وشدد مسؤول بعث العراق جناح سوريا محمد رشاد الشيخ راضي في ختام تصريحاته، على ان الأوان قد حان "لكي نجلس مع بعض كما كنا أيام المعارضة ونتفق على حلول تخدم الشعب بعيداً عن الشعارات والاتهامات. وهذا منطلق من موقع الحريص على إيقاف مسلسل الانتقام والعمل يداً بيد لتشكيل حكومة إنقاذ وطني تعمل على خدمة الشعب وليس العكس كما هو حاصل الآن".

يشار الى ان حزب البعث العربي الاشتراكي كان قد تأسس بسوريا في مثل هذا اليوم السابع من نيسان أبريل عام 1947 داعيا الى توحيد الوطن العربي في دولة واحدة.. شعاره: وحدة حرية اشتراكية في اشارة إلى الوحدة العربية والتحرر من السيطرة والتدخل الاجنبي.

وبعد تفكك الجمهورية العربية المتحدة التي تشكلت عام 1958بين مصر وسوريا بزعامة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ومشاركة حزب البعث فقد أدى انقلاب سوري عام 1966 الى الانفصال وتقسيم الحزب الى فصيلين متصارعين: تنظيم يهيمن عليه العراقيون وتنظيم يهيمن عليه السوريون.