في لبنان، يواجه الإصلاحيون النخبة الفاسدة في لعبة تعيد إحياء العصر الذهبي، وتدعو اللاعبين إلى تخيل تاريخ مختلف

إيلاف من بيروت: في غرفة بيروتية خافتة النور، يجلس خمسة أصدقاء حول طاولة وفي منتصفها خريطة لبنان. لكل منهم عدد قليل من العلامات وبطاقة وضعت مقلوبة أمامهم، عليها رسم كرسي عتيق ترمز إلى القوة، وتحدد مسار اللعبة بأكملها. هذه البطاقة تمنحك دورك السري: إصلاحي أو فاسد.

يقول جان ميشيل شمالي، أحد مطوري اللعبة: "الأمر يشبه الحياة الواقعية، فأنت لا تعرف من الفاسد ومن الإصلاحي".

تم إطلاق لعبة "مشروع رئيس: لعبة الفساد" في ديسمبر الماضي، ما أتاح للناس فرصة ممارسة اللعبة السياسية في لبنان. المهمة هي السيطرة على الدوائر، وفي نهاية المطاف، الفوز في الانتخابات الرئاسية، بالخداع أو باللعب النظيف... لا يهم. يقول شمالي إن الفكرة خطرت خلال احتجاجات عام 2019، عندما خرجت أعداد كبيرة من اللبنانيين إلى الشوارع. اقترح صديق، بنوا خياط، أن يبتكروا لعبة تعتمد على أفعال السياسيين. يضيف شمالي: "في كل مجتمع أفراد يسيئون استخدام السلطة لمصالحهم الخاصة. أردنا أن نتحدث عن ذلك من منظور لبناني".

أرض الأزمات

فلبنان غارق في أزمة مالية حادة، مترافقة مع أعلى مستوى للتضخم في العالم وتراجع في قيمة العملة الوطنية بنسبة 98 في المئة. خسر ملايين المودعين أموالهم، وأصبحوا غير قادرين على الوصول إلى ما تبقى منها بسبب قيود مصرفية صارمة على عمليات السحب. نتيجة لذلك، يواجه 80 في المئة من اللبنانيين الفقر، بحسب الأمم المتحدة.

سياسياً ، البلد في فراغ. في انتخابات العام الماضي، تنافس عدد من المرشحين الإصلاحيين أكثر من أي وقت مضى، وحصلت الأحزاب التي رفدت حركة 19 أكتوبر الاحتجاجية على 13 في المئة من الأصوات الشعبية. لكن البلاد بدون رئيس منذ ذلك الحين. إضافة إلى ذلك، لم يتهم أحد بالتورط في انفجار ضخم وقع في مرفأ بيروت في أغسطس 2020، وأودى بحياة أكثر من 200 شخص.

الأخضر لون المال

تقول رنا زاهر، رسامة اللعبة: "لا رأي لنا في سياسة البلاد، كان الهدف صنع لعبة قد تجدها في خزانة جدتك. فالخريطة عتيقة عليها بقع ولطخات، وترتدي الشخصيات الإصلاحية والفاسدة أزياء من خمسينيات القرن الماضي. أحدهم يدخن سيجارة رفيعة، وآخر يحمل كاميرا بفلاش يدوي، ورجل يعتمر طربوشًا ويقف حاملاً مسدسًا عتيقًا. تضيف زاهر: "لن أذكر أي أسماء، لكن تم تشكيل شخصيات اللعبة لتتماهى مع شخصيات سياسية حقيقية". الإصلاحيون مرسومون بالأحمر الداكن، والفاسدون بالأخضر. تقول زاهر: "الأخضر يرمز إلى المرض والموت، وهو لون المال بالطبع". يقول شمالي: "أردنا أن نعرف كيف وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم. علينا أن نعود 100 عام إلى الوراء لنكتشف الخطأ الذي حدث".

لعبة "مشروع رئيس" معروضة للبيع في المحلات التجارية في جميع أنحاء لبنان وعبر الإنترنت، وقد باعت 500 نسخة حتى الآن. يختم شمالي: "اللعبة مكتوبة بالإنكليزية، لكم يمكن أن يلعبها أشخاص في أي مكان لمساعدة الناس على رؤية شكل الفساد في الحياة الواقعية. إنها تصور نضال كل بلد في العالم، وأناساً يحاولون التأكد من وصول الأخيار إلى السلطة".

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبتها جيني غوستافسون ونشرتها صحيفة "غارديان" البريطانية