كييف (أوكرانيا): عاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الساعي لحشد دعم لهجوم مضاد مرتقب ضدّ القوات الروسية إلى كييف الإثنين بعد جولة أوروبية تلقّى خلالها تعهّدات بتزويد بلاده مسيّرات هجومية وصواريخ أرض-جو، مبدياً تفاؤله بإمكان إمداد كييف في المستقبل بمزيد من الطائرات المقاتلة.

وقال زيلينسكي في رسالة عبر الفيديو "عائد إلى بلادي وبجعبتي (...) أسلحة قوية جديدة للجبهة"، وذلك في ختام جولة استمرت ثلاثة أيام في المملكة المتحدة حيث تلقى تعهّدات بتزويد بلاده صواريخ للدفاع الجوي، وقد أبدى تفاؤله بإمكان إمداد كييف في المستقبل بمزيد من الطائرات المقاتلة.

ومساء الإثنين أكد نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه "فتح الباب أمام تدريب طيارين" اوكرانيين "من الآن".

وجاءت زيارة زيلينسكي للعاصمة البريطانية في أعقاب زيارات أجراها إلى روما وبرلين وباريس، وفي وقت أعلنت فيه أوكرانيا أنّها حقّقت "أول نجاح" في هجومها في محيط باخموت (شرق)، المدينة التي تتركّز فيها المعارك منذ أشهر والتي أصبحت بغالبيتها بيد الروس.

في المقابل، تقول روسيا إنها تحقق تقدّما داخل هذه المدينة التي تحاول بلا كلل السيطرة عليها منذ الصيف الماضي رغم الخسائر الكبيرة بدون أن تنجح في ذلك حتى الآن.

لكنّ موعد الهجوم المضاد الذي أُعلن أنه وشيك، لم يحن بعد، بحسب زيلينسكي الذي أكّد "التحضير" للعمليات، مشددا في المقابل على أن كييف "بحاجة إلى مزيد من الوقت".

وفي أعقاب لقائه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في المقر الصيفي لرؤساء الوزراء البريطانيين في تشيكرز في شمال غرب لندن، أقرّ زيلينسكي بأنّها "فترة صعبة".

ميدانياً، قُتل أربعة أشخاص في شرق أوكرانيا الإثنين في ضربة روسية على أفدييفكا الواقعة على خط المواجهة قرب دونيتسك، كما قتل آخران في قرية بمنطقة خاركيف المحاذية لروسيا، وفق السلطات المحليّة.

وأفادت أجهزة الطوارئ الأوكرانية بأنّ ضربات روسية "عنيفة" استهدفت خيرسون (جنوب) حيث تضرّرت مبان سكنية عدة.

وفي منطقة نيكوبول (وسط) أوقعت عمليات قصف ثلاثة جرحى بينهم فتاة تبلغ 14 عاماً.

وفي لوغانسك التي تُعتبر أحد معاقل الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا، أصيب سبعة أشخاص بجروح، أحدهم مسؤول كبير في صفوف الانفصاليين، في انفجار عبوة ناسفة داخل صالون للحلاقة في وسط المدينة الإثنين.

وقال زعيم هذه "الجمهورية" الانفصالية ليونيد باسيتشنيك عبر تطبيق تلغرام إنّ "سبعة أشخاص أصيبوا بجروح" في الانفجار، مشيراً إلى أنّ "أربعة رجال هم بحالة حرجة بينهم شاب عمره 17 عاماً ووزير الداخلية بالوكالة إيغور كورنيت".

أسلحة بعيدة المدى
وفي المملكة المتحدة تعهّدت الحكومة إمداد كييف بـ"مئات" الصواريخ الدفاعية أرض-جو "في الأشهر المقبلة"، والمسيّرات الهجومية البعيدة المدى (200 كيلومتر). وتضاف هذه المعدّات إلى صواريخ كروز من طراز "ستورم شادو" تعهّدت بريطانيا الأسبوع الماضي تسليمها لكييف، لتكون الأولى التي تطلبها أوكرانيا منذ أشهر لضرب أهداف بعيدة عن خط المواجهة.

وأكّد الجيش الروسي الإثنين أنّه أسقط صاروخاً من هذا النوع.

وحذّر المتحدّث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف من أنّ زيادة المساعدات البريطانية ستتسبّب في "مزيد من الدمار" ولكن "لن يكون لها تأثير كبير على مسار" الصراع.

لكنّ سوناك أكّد أنّ المساعدة البريطانية طويلة المدى، بما في ذلك "الترتيبات الأمنية" اللازمة بمجرّد استعادة أوكرانيا لأراضيها. كما أكّد أنّ لندن ستؤدي "دوراً رئيسياً" في "التحالف" الذي تسعى كييف اليه لتسليمها طائرات مقاتلة.

وقال زيلينسكي "أعتقد أنّ ذلك سيحصل في القريب العاجل، وستعلمون بقرارات أعتقد أنّها مهمّة للغاية"، مضيفاً أنّه "متفائل للغاية".

تدريب طيارين
ولم يتلقَّ زيلينسكي رداً من قادة إيطاليا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا على طلبه الملحّ الحصول على طائرات مقاتلة، لكنّ لندن ستقوم بتدريب الطيارين الأوكرانيين هذا الصيف.

ومساء الإثنين أعلن الرئيس الفرنسي أنّه "فتح الباب أمام تدريب طيارين" أوكرانيين "من الآن"، وذلك غداة لقائه نظيره الاوكراني فولوديمير زيلينسكي في باريس.

وقال ماكرون خلال مقابلة عبر قناة تي اف 1 "وهذا (الأمر) مع دول أوروبية عدّة باتت مستعدة. اعتقد أنّ هناك مباحثات قائمة مع الأميركيين"، معتبراً في المقابل أنّ التطرّق الى احتمال تسليم كييف مقاتلات مستقبلاً "سيكون نقاشاً نظرياً".

والأحد، تعهّدت فرنسا تدريب عدد من الكتائب الأوكرانية وتجهيزها بعشرات المركبات المدرّعة والدبابات الخفيفة من طراز AMX-10RC التي تُستخدم غالبًا في مهام استطلاع، وذلك في أعقاب مأدبة عشاء جمعت الرئيسين الفرنسي والأوكراني في قصر الإليزيه.

وفي الجانب الألماني، أعلنت برلين الاحد حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 2,7 مليار يورو، وهو مبلغ قياسي منذ بداية النزاع، تشمل العديد من الدبابات والعربات المدرعة ومنظومات الدفاع الجوي.

تحذير لإيران
من جهتها، حذّرت الولايات المتحدة من أن إيران وروسيا "توسّعان تعاونهما العسكري غير المسبوق"، وفق المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي.

ولفت كيربي إلى "استمرار الاتصالات بين إيران وروسيا حول بيع أسلحة أكثر تطوّراً، وخصوصاً مسيّرات متطوّرة في شكل أكبر"، مشيراً إلى أنّ طهران سلّمت روسيا منذ آب/أغسطس أكثر من 400 مسيّرة، خصوصا من طراز "شاهد".

وأضاف أن الولايات المتحدة ستعلن فرض عقوبات جديدة "في الأيام المقبلة" على كيانات وأفراد ضالعين في التعاون بين البلدين.

دبلوماسياً أيضا، يزور الموفد الصيني لي هوي الممثل الخاص للشؤون الأوراسية المكلف مناقشة تسوية للنزاع في أوكرانيا، كييف يومي الثلاثاء والأربعاء، على ما أفاد مسؤول أوكراني رفيع المستوى وكالة فرانس برس.

ولم تصدر الصين علناً أيّ إدانة للتدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، وذلك خلافا لغالبية القوى الدولية العظمى.

من جهتها أوفدت جنوب أفريقيا التي اتّهمتها الولايات المتّحدة مؤخرا بإمداد روسيا بالأسلحة، قائد قواتها البرية إلى موسكو في "زيارة ودية".

وفي كييف، اجتمع أصدقاء وزملاء لأرمان سولدين، الصحافي في وكالة فرانس برس الذي قُتل الأسبوع الماضي في شرق أوكرانيا، لتكريمه والإشادة بخصاله وتفانيه في مهنته.

ورفعت منظمة "مراسلون بلا حدود" شكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب "جرائم حرب" في اوكرانيا تتعلق خصوصا بمقتل سولدين، علماً بأنّها الشكوى الثامنة منذ بدء الغزو الروسي لهذا البلد.