انطلاقًا من مقولة "البقاء للأذكى"، سلّط الإعلامي محمود العوضي الضوء على مسيرة عثمان العمير، رئيس تحرير "إيلاف" الزاخرة في عالم الصحافة، من خلال "فيديوغراف" أطلقه على منصة "ميدار" الإعلامية.

"في الصحافة.. البقاء للأذكى"، موقفٌ أطلقه عثمان العمير، رئيس تحرير صحيفة "إيلاف" الإلكترونية في إطلالته الأخيرة عبر أثير "BBC عربي"، بعدما اختبر العمل الإعلامي على مدى 40 عاماً كانت شاهدة على قفزاته المستمرة في صناعة الخبر المتجدد، ومواقفه الرائدة في دنيا الصحافة.

مسيرة غنية بالحدث والخبر على السواء، لخصها الإعلامي محمود العوضي في "فيديوغراف" نشره عبر منصة "ميدار" الإعلامية، مسلّطًا فيه الضوء على عناوين عريضة تصدرت حوار العمير الأخير عبر "BBC عربي" عقب إعلانه عن خطوة "إيلاف" الريادية الجديدة: "الأولى عربياً في الاستثمار في الذكاء الإصطناعي".

"عثمان العمير.. البقاء للأذكى" بهذه العبارة ينطلق "الفيديوغراف"، رابطًا رؤية "العمير" بقول جورج برنارد شو: "التقدم مستحيل من دون تغيير، وأولئك الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم لا يستطيعون تغيير أي شيء".

يقول العوضي: "علاقة عثمان العمير بهذه الكلمات تتجاوز القناعة النظرية وتتخطاها للتطبيق العملي"، مضيفًا: "التجدد ميّز مسيرته الإعلامية إلى حدّ الصدمات التي أحدثها عبر العقود فصار سببًا في التغيير والتطوير في محيطه". هكذا يلّخص العوضي القفزات النوعية التي سجلها العمير في مسيرته الصحافية.

عمل صحافيًا رياضيًا في بداية حياته، فقضى على وهم الحياد حين قال قبل نصف قرن: "اتركوا التعصب وشجعوا الهلال"، رافعا بذلك سقف الإثارة الكروية إلى حدودها القصوى.

تجرّأ وودّع الورق

في مؤشرٍ آخر على عقلية التجدد والتطور، يضيء على استقراره في لندن حيث بدأ رحلة صحفية جديدة، بعدما أتقن الإنكليزية مستكتشفًا العالم من منظور اكثر انفتاحًا. وجاءت ثورته الصحافية مع جريدة "الشرق الأوسط" التي جعلها "شرقًا أوسط" في محتواها وتنوّع جنسيات العاملين بها.

في قمة المجد في الصحافة المكتوبة، تجرّأ وودّع الورق معانقًا فضاء الإنترنت بإطلاقه صحيفة "إيلاف" الالكترونية. قال حينها: "الصحافة الورقية انتهت"، فأحدث ضجة وموجة استهجان في الأوساط الصحافية. لكن التجارب أثبت صدقية تطلعاته واستشرافه مهنيًا مع تداعيات ثورة الإنترنت التي أنهت عمل معظم المؤسسات الإعلامية الورقية بعدما عجزت عن مواكبة التجدد حول العالم.

حينها، كان يبعث رسالة استشراف إلى الجميع: "التغييرات المقبلة أكبر من أن نتجاهلها". ثم أطلّ بنبوءة جديدة في لحظات المجد مع الصحافة الإلكترونية: "الصحافة الإلكترونية تعاني، بل انتهت في عصر السوشيال ميديا".

قنبلة جديدة

مواكبًا مسيرة التطور في صناعة الخبر، ألقى أخيرًا عبر "BBC عربي" قنبلة جديدة لن تكون الأخيرة: "في الصحافة البقاء للأذكى"، معلنًا عن استثمار "إيلاف" في الذكاء الاصطناعي، وشارحًا الخطوات المتقدمة في استخدامه في صناعة الخبر بما يخدم عمل المؤسسات الصحافية.

في هذا الحوار، شدد العمير على أهمية الإنسان في الحضور الإعلامي في الذكاء الاصطناعي، آليًا وصحافيًا وأخلاقيًا. قال: "العنصر البشري المبدع مهم، فبمقدور الذكاء الاصطناعي التدقيق في مصدر الخبر ومحتواه، والتأكد من دقته ومقاطعة المعلومات التي ترد فيه مع مصادر معلومات موثوقة، لكن يبقى العنصر البشري المبدع الأقدر على الإشراف على المحتوى، سواء في الصحافة المكتوبة أم المسموعة أم المرئية".

المثال الأبرز

ربما يكون العمير نفسه أبرز مثال على هذا. فمنذ انطلق بـ"إيلاف" صحيفة إلكترونية صنعت الخبر عبر الأثير، واكب التحولات الجذرية في دنيا الخبر. وحين استشعر التغيير الطارئ بضغط السوشال ميديا، أطلق أشرعة "إيلاف" لتواكب الحداثة بخطواتٍ عملية جريئة "كأول صحيفة الكترونية عربية تستثمر في الذكاء الاصطناعي". فالقرار بشري، وتنفيذ القرار بشري، وهذا هو مبدأ البقاء، من منظور العمير. فليست الآلة الذكية من سيحل محل البشري، إنما البشري الذكي الذي يحسن استخدام الآلة الذكية هو من سيحل محل البشري المتلكئ عن التعلّم.

يختم العوضي سرديته لـ "صدمات" العمير البناءة في دنيا الصحافة بقوله: "الأذكى هنا هو المتجدد.. والمتجددون لا يموتون". وتوجه إلى استاذه قائلًا: "شكرًا أستاذي لأنك سمحت لنا أن نعيش معك في المستقبل".