يؤكد عثمان العمير لتلفزيون "بي بي سي" أن الذكاء الاصطناعي يوفّر للإعلام ميزات لا تتوافر في العنصر البشري، من دون أن تهدد وجوده، مشدداً على الحاجة للتطوير والتغيير بما يخدم تكامل المعلومات واتساق الأفكار لخدمة العمل الصحافي.

إيلاف من لندن: حل عثمان العمير، مؤسّس "إيلاف" ورئيس تحريرها، اليوم ضيفاً على شاشة "بي بي سي" في أعقاب إعلان "إيلاف" يوم الثلاثاء الماضي تبني خطوات تواكب التطوّرات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence)، وتدفع نحو تحقيق رؤيتها في أن تصبح أحد أبرز روّاد إنتاج المحتوى الإعلامي، بالاستفادة من الأدوات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي.

يؤكد العمير لمحاورته في "بي بي سي" أن لأدوات الذكاء الاصطناعي فعالية كبيرة تساهم في إحداث تغييرات إيجابية داخل المؤسسات الإعلامية، "من شأنها تعزيز المحتوى، كما تخدم تجويد تجربة القارئ".

خطوة ريادية جديدة

وكانت "إيلاف" قد أعلنت في بيان مسهب عن خطوة ريادية جديدة نحو تحقيق رؤيتها في أن تؤكّد حضورها البنّاء والفاعل في عالم الذكاء الاصطناعي، فتكون أول صحيفة إلكترونية ناطقة بالعربية فيه، معتمدةً استراتيجية تهدف إلى تطوير التجربة الإخبارية التي يخوضها المستخدمون، بتقديم محتوى مخصّص وجذّاب ومتعمّق، ومتطلعةً إلى استخدام وسائل حديثة مثل تطبيق المذيع الإخباري الافتراضي وقارئ الأخبار الذكي وتطبيقات التحليل السياسي ومؤشرات الاتجاهات السائدة وتقارير التأثير الاجتماعي.

عن الخطوات المتقدمة التي حققتها المؤسسات الإعلامية، وفي مقدمها "إيلاف"، يقول العمير لـ "بي بي سي": "وصل بعض المؤسسات أو الصحف المهتمة بالذكاء الاصطناعي إلى مرحلة تنفيذ بعض الخطوات، وليس كلها". ويضيف مسلطاً الضوء على ما تختاره "إيلاف" من هذه الوسائل الحديثة: "إن انطلاق ’إيلاف‘من لندن، عاصمة الإعلام وعاصمة التطور وتلاقي الحضارات، يمنحنا فرصة لنطل بسرعة على أحدث التطورات، فنسخر جيّدها في خدمة عملنا الصحافي".


إطلالة العمير عبر شاشة "بي بي سي" في 13 مايو 2023

يوضح العمير في هذا الإطار أن "إيلاف" أنشأت شركة تستفيد من الصناعات المتطورة، "وستتمكن في غضون شهرين أو ثلاثة أشهر من تحقيق تطور كبير في مجال صناعة المحتوى بالاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي".

فالأدوات الجديدة تتيح تحليل الصور ومقاطع الفيديو واستخلاص المفيد منها، وتلخيص التقارير المطولة والدراسات المعمقة والتفصيلية في دقائق، وتوظيفها في خدمة المحتوى المخصص، وفقًا لرغبات المستخدم وتفضيلاتها. كما تسرع هذه الأدوات عملية تفريغ المقابلات في سطور مكتوبة، وتحويل التسجيلات والمقاطع المصورة إلى نصوص مكتوبة.

في المقابل، هذه الأدوات قادرة على تحويل النصوص المكتوبة إلى نصوص سمعية، وربما إلى نصوص سمعية وبصرية في المستقبل.

يقول العمير إن هذه التقنيات كلها موجودة ومتوافرة، "ولدينا فريق متمكن ومتحمس لتنفيذ أي فكرة جديدة واختبار نتائجها"، كما يلاحظ.

تخفف من الزوائد

لكن.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي مهنة الصحافي؟ لا يرى العمير في هذا التطور التقني – المعرفي الكبير أي تهديد للعمل الصحافي المبدع، "إنما يمكن أدوات الذكاء الاصطناعي أن تساعد المؤسسات في التخلص من العناصر الزائدة فيها".

في هذا الرأي، ينطلق العمير من خبرة تزيد على أربعين عاماً في الصحافة وإدارة المؤسسات الإعلامية، وهو هنا لا ينفي وجود زوائد لا معنى لها في المؤسسات الإعلامية، بل يرى أن هذه الزوائد "هي الفئات المهددة بفقدان وظائفها لصالح الذكاء الاصطناعي، أما أصحاب العقول القادرة على تطوير العمل والإبداع والابتكار، فلا غنى عنها؛ إذ ثمة أمور كثيرة لا يستطيع العقل الاصطناعي ان يوفّرها".

فلننتظر الغد!

في إعلانها الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، تؤكد "إيلاف" أنها باقية على عهد الصدقية، وستوثّق ألفتها بالحقيقة، وتقوّي ائتلافَها مع الدقة، تماماً كما كانت منذ بدأت أول صحيفة إلكترونية عربية في مايو 2001.

وفي حواره مع "بي بي سي"، يشدد العمير على هذا الجانب مؤكدًا أهمية الإنسان في إدارة هذه المسألة برمتها، آليًا وصحافيًا وأخلاقيًا. يقول: "العنصر البشري المبدع مهم، فبمقدور الذكاء الاصطناعي التدقيق في مصدر الخبر ومحتواه، والتأكد من دقته ومقاطعة المعلومات التي ترد فيه مع مصادر معلومات موثوقة، لكن يبقى العنصر البشري المبدع الأقدر على الإشراف على المحتوى، سواء في الصحافة المكتوبة أم المسموعة أم المرئية".

يختم العمير: "أما عن فرضية الاستغناء عن العقول البشرية، فلا ادري إذا كنا سنخلق غدًا عقلًا بشريًا أم لا، لكن اسمه حتى الآن هو ذكاء اصطناعي".