إيلاف من لندن: حذّرت الأمم المتحدة الخميس من ان الفساد وضعف الحكومة والمليشيات والبطالة وفقدان الخدمات تقوّض استقرار العراق منوّهة الى ان الخلافات بين الحزبين الكرديين أوصلت الاقليم لحافة الهاوية.
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس-بلاسخارت المقدمة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اليوم
وحصلت "ايلاف" على نصها ان مسار الاحداث التي هزّت العراق قبل 20 عاماً كان طريقاً وعراً للغاية لم يشهد تراكم عوامل الهشاشة الموجودة أصلاً والموروثة من العقود السابقة فحسب، بل شهد أيضاً ظهور نقاط ضعف جديدة.
وشددت على الحاجة إلى حيز مدني فعال ويتمتع بالتمكين والحماية من خلال تيسير الإصغاء إلى عدد كبير من الأصوات المختلفة والسماح لها، بما في ذلك تلك التي لا تتفق مع القرارات السائدة أو تنتقدها هو أمر صائب وفائق الأهمية.
مطلوب ضمان حرية التعبير
وعبّرت عن الامل بأن يتبنى قادة العراق وسلطاته بشكلٍ علني المشاركة المدنية وحرية التعبير لتجنب إثارة شعور متجدد بالعزلة وخيبة الأمل بين أبناء الشعب العراقي، وخاصة بين صفوف الشباب والنساء.
واكدت بلاسخارت على ان المساءلة وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان تتسم بنفس القدر من الأهمية لمنع تكرار دوامة الأزمات المتكررة.
ونوهت الى ان العراق يمتلك إمكانات هائلة ومن خلال الخطط الطموحة للحكومة، يمكن معالجة العديد من عوامل عدم الاستقرار شريطة تنفيذها بشكلٍ كامل بالطبع.
تقويض الاستقرار
وحذّرت من ان كل ذلك يمكن تقويضه بسهولة - سواء عبر الفساد الذي لا رادع له أو التدخلات الداخلية أو الخارجية أو من خلال موجة عارمة من خيبة الأمل أو المساومات السياسية التي تعمل ضد الصالح العام.
وقالت انه في حين أقر العديدون أن العراق طوال تاريخه تغلب على بعض المراحل الشديدة القتامة، إلا أنهم يعتقدون أيضاً أن عوامل عدم الاستقرار في الماضي القريب للبلد ظلت في معظمها كما هي.
وأوضحت ان ذلك سببه عوامل مثل الفساد وضعف الحوكمة ووجود جهات مسلحة خارج إطار الدولة والإفلات من العقاب والسياسة الفئوية وسوء تقديم الخدمات وعدم المساواة والبطالة والاعتماد المفرط على النفط.
واستدركت بالقول انه مع ذلك بالطبع لا يزال الوقت مبكراً، وليس لدينا بلورة سحرية للتنبؤ بالمجهول والذي يمكن أن يشمل ظهور عوامل إرباك محتملة.
الوقت مبكر
وعن الوضع العراقي الحالي اعتبرت بلاسخارت ان الحكومة اظهرت عزمها على التصدي لعدد من القضايا الملحة وهي تحاول تفادي عوامل تشتيت الانتباه التي يمكن أن تهدد بزعزعة الاستقرار السياسي السائد.
وقالت انه لا يزال الوقت مبكراً وليس هناك بلورة سحرية للتنبؤ بالمجهول والذي يمكن أن يشمل ظهور عوامل إرباك محتملة.
واضافت انه في ظل قلة أو انعدام التسامح مع العودة إلى الوضع القائم الذي كان سائداً قبل تشرين الأول اكتوبر 2022 وهو تاريخ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني فإن الحقيقة القاسية هي أنه لا يوجد وقت نضيعه.
خلافات الائتلاف الحاكم
وشددت بلاسخارت على ضرورة أن تبدي مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة التزاماً ثابتاً، في تقديم المصلحة الوطنية على مصلحة أي فرد أو حزب وعلى الدور المهم لمؤسسات دولة تتمتع بالاستقلالية وعلى الحاجة إلى حيز مدني فعال ويتمتع بالتمكين والحماية.
واوضحت انه برغم ان البرنامج الحكومي قد وقعت عليه جميع الأحزاب المؤتلفة في تحالف إدارة الدولة لكن هذا لا يعني أنه لا توجد خلافات أو نزاعات كما هو الحال في البلدان الأخرى التي يحكمها ائتلاف.
واستدركت انه بغية تضييق الاختلافات ومتابعة التنفيذ في المجالات ذات الأولوية، تعقد اجتماعات منتظمة بين الحكومة وأعضاء الائتلاف اذ إن الأمر بسيط للغاية: تتطلب الموازنة بين الآراء والمصالح المختلفة والمتعددة تسويات مستمرة.
المعارضة والائتلاف الحاكم
وعدت أن القوى المحرِّكة والاتجاهات والآراء والتصورات من خارج الائتلاف ذات صلة كبيرة.. ونوهت الى ضرورة السماح بالتفاعل الصحي بين المعارضة والائتلاف بما في ذلك من خلال المناقشات العلنية بين صانعي القرار والقادة السياسيين والشخصيات المسؤولة والمجتمع المدني الأوسع نطاقاً.
واعتبرت إن الموارد اللازمة لتحويل أهداف معينة للحكومة -كتقديم الخدمات العامة الملائمة- إلى واقع يفترض أن تُطلق مع إقرار الموازنة الاتحادية العامة وهذا ما لم يحدث بعد لذا تتجه كل الأنظار هذه الأيام إلى مجلس النواب العراقي.
واشارت الى ان الاتفاق على ميزانية فعالة، عاجلاً وليس آجلاً، أمر بالغ الأهمية بما في ذلك، تنظيم انتخابات مجالس المحافظات التي طال انتظارها والتي تم الإعلان عنها الآن في موعد أقصاه 20 كانون الأول ديسمبر من هذا العام.
تحدي الاعتماد على النفط
واضافت انه في غضون ذلك يواصل العراق الاعتماد على النفط ولا يزال القطاع العام هو أكبر جهة توظيف وهذه الظواهر بطبيعة الحال ليست جديدة، ولكن كما قلت عدة مرات لا يمكن أن يستمر ذلك لأجل غير مسمى اذ إن تنوع الاقتصاد والإصلاحات الهيكلية الرئيسية تبقى ضرورة ملحة.
وبينت ان هذا يشكل تحدياً لأسباب مختلفة، بما في ذلك توقعات الجمهور فبدلاً من تطوير قطاع خاص يولد فرصاً للعمل اختارت الحكومات المتعاقبة الحل الأسهل وهو إيجاد فرص عمل في القطاع العام "لإسكات" الاضطرابات المدنية وقد أدى هذا إلى فاتورة أجور لا تستطيع أي دولة تحملها.
الاثار السيئة للتدخل السياسي
واكدت ان الإصلاحات التي أصبحت الحاجة ماسة إليها، لن تتجذر إذا خنقت بالأعشاب الضارة من المحسوبية والكسب غير المشروع فإن لمؤسسات الدولة المستقلة أهمية بالغة ولا يمكن لأي تدريب أو بناء قدرات أو برنامج مساعدة فنية مكافحة الأثار السيئة للتدخل السياسي.
ونوهت الى أن الحكومة اتخذت موقفاً صريحاً ضد الآثار الضارة المترتبة على الفساد والتي تنبع من النظام الذي بني على مدى العقدين الماضيين وهو ما سيجعل المصالح المكتسبة من الإصلاح المؤسسي المطلوب مهمة شاقة بلا شك، ولكن يجب أن يتم ذلك.
الاقتراب من الاستقلال في مجال الطاقة
واثنت بلاسخارت على جهود الحكومة في دفع العراق للاقتراب من الاستقلال في مجال الطاقة.
واستدركت بالقول لكن هذا لن يحدث بين ليلة وضحاها، ولكن من خلال إصدار جولات تراخيص جديدة وجهود الحد من إهدار الطاقة، بما في ذلك الحد من حرق الغاز- يقترب تحقيق هذا الهدف الطموح بشكل متزايد.
خلافات الحزبين الكرديين
وعن الاوضاع في اقليم كردستان العراق اشارت بلاسخارت الى ان الخلافات بين الحزبين الحاكمين خلال الأشهر الأخيرة قد دفعت الإقليم إلى حافة الهاوية ولقد كانت هناك أسباب وجيهة لوصف الوضع السياسي (من قبل الكثيرين) بالمتهور وغير المسؤول على نحو متزايد.
وقالت "أننا نعتقد اعتقاداً راسخاً بأن الخلافات المالية والإدارية والأمنية والانتخابية المعلقة كان بالإمكان معالجتها منذ أشهر مضت لكن الرغبة في التوصل إلى حل توافقي كانت غائبة تماماً - لفترة طويلة جداً.
ونوهت الى انه مع ذلك، فإن الجهود المتكررة التي بذلها رئيس الإقليم، (نجيرفان بارزاني ) فضلاً عن آخرين، للعمل على إعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات والاجتماع الذي عقد مؤخراً بين رئيس وزراء الإقليم ونائب رئيس الوزراء، أدت أخيراً إلى بعض الأخبار السارة وبعد مرور أكثر من ستة أشهر اجتمع مجلس وزراء إقليم كردستان مرة أخرى يوم الأحد بكامل أعضاءه.
وعبرت عن الامل بأن تكثف الأطراف جهودها الآن وتتجاوز الخلافات وتعمل لخدمة مصالح جميع الناس. ومن نظرة واحدة إلى تاريخ أو جغرافية إقليم كردستان، يتضح لدينا مدى الحاجة الملحة إلى التوصل لحلول مستدامة.
واشارت الى ان إن انتخابات الإقليم البرلمانية قد تأخرت كثيراً إذ كان من المقرر بداية أن تعقد في تشرين الأول اكتوبر من عام 2022، والآن قام رئيس الإقليم بتحديد موعد الانتخابات بعد مشاورات مع جميع الأحزاب، في 18 تشرين الثاني نوفمبر المقبل .
ولفتت انتباه الأحزاب بأن الوقت عامل جوهري ويجب التوصل بصورة عاجلة إلى اتفاق بشأن المسائل الانتخابية المعلقة فإن تأجيلاً آخر سيلحق الضرر بثقة الجمهور.
العلاقة بين بغداد وأربيل معقدة
وفيما يتصل بالعلاقات بين بغداد وأربيل اشارت بلاسخارت إلى أن التفاعلات لا تزال توصف بأنها جيدة لكنها معقدة ومن الواضح أن الصراعات السياسية الداخلية في إقليم كردستان لا تساعد بل تؤثر على العلاقة مع الشركاء في بغداد.
وقالت انه في 4 نيسان ابريل الماضي وبعد صدور حكم من محكمة التحكيم الدولية التي تتخذ من باريس مقراً لها ونظراً لغياب قانون النفط والغاز الذي طال انتظاره، أعلنت كل من بغداد وأربيل عن توصلهما إلى اتفاق مؤقت يسمح باستئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي.
وفي 10 مايو أيار الحالي طلبت الحكومة العراقية من تركيا السماح باستئناف التصدير إلا أنه لم يستأنف حتى الآن وبما أنه قد تم إيقاف ضخ النفط بتاريخ 25 آذارمارس فمن المرجح فقدان إيرادات تبلغ مئات الملايين من الدولارات.
وشددت على ضرورة إضفاء الطابع المؤسسي لبنية العلاقات بين بغداد وأربيل وسواء كان الأمر يتعلق بالميزانية أو التساؤلات حول موارد النفط والغاز أو المناطق المتنازع عليها أو تنفيذ اتفاق سنجار أو أي مسألة معلقة أخرى فإنه لا يزال من الضروري تجاوز حدود التعاملات الظرفية.
سنجار .. خيبة أمل
وزادت بالقول انه اذا نظرنا إلى سنجار عن قرب، لا نملك سوى الإعراب عن خيبة أملنا لأنه لم يتحقق سوى نزر يسير من التقدم، أو لم يحدث أي تقدم على الإطلاق نحو تنفيذ اتفاق سنجار لعام 2020، على الرغم من إعلانات الالتزام المتكررة.
وحذرت من ان مثل هذا الركود يفسح مجالاً واسعاً للمفسدين (من مختلف التوجهات والانتماءات) لاستغلال الوضع لمآربهم الخاصة كما يمنع آلاف النازحين من أهالي سنجار من العودة إلى مناطقهم الأصلية.
وعبرت عن الاسف فإن التزايد الأخير في التوترات بين المجتمعات المحلية في سنجار قد أججته إلى حد كبير المعلومات المضللة عبر الإنترنت التي استهدفت الأيزيديين وعمل القادة المحليون من جميع الأطراف بشكل جماعي للحد من تزايد التوترات ولكن التحديات التي تواجه المصالحة ستستمر إلى أن يتم اتخاذ خطوات مجدية بما في ذلك تلك التي تتعلق بالإدارة الموحدة والهيكليات الأمنية المستقرة وإعادة الإعمار.
وبينت انه مع إدراج اتفاق سنجار لعام 2020 كإحدى أولويات البرنامج الحكومي الواضحة فلقد حان الوقت لتنفيذه.
احتياجات الماء
وحول مشكلة المياه اكدت بلاسخارت انها تشكل أهم أزمة مناخية في العراق. وحذرت من انه بحلول عام 2035، تشير التقديرات إلى أن العراق سيكون لديه القدرة على تلبية 15٪ فقط من احتياجاته من المياه حيث تبلغ نسبة التلوث في أنهار العراق 90٪ ويعاني 7 ملايين شخص حالياً من انخفاض إمكانية الحصول على المياه. مما يحدث أثراً مضاعفاً كبيراً للتهديدات التي يتعرض لها استقرار العراق.
وشددت على ان الأولوية التي توليها الحكومة العراقية لمسألة أمن المياه هي موضع ترحيب بالغ ويقال إنه يجري الإعداد لخطط تحديث واسع النطاق لأنظمة إدارة المياه في العراق وسيكون ذلك حيوياً في تلبية الطلبات التي يشكلها النمو السكاني والتوسع الحضري.
واعتبرت بلاسخارت إن التوزيع العادل للموارد بين جيران العراق هو أمر يكتسب نفس القدر من الأهمية فإذا كان الحصول على المياه منافسة فسيخسر الجميع. إن الحل المجدي الوحيد يكمن باتخاذ الإجراءات المحلية الجريئة والتعاون الإقليمي الوثيق.
واشارت في هذا المجال الى أن التطورات الأمنية والاقتصادية والسياسية الإقليمية تؤثر - وستستمر في التأثير - على العراق ولذلك تبذل الحكومة جهودا لتوسيع نطاق الدبلوماسية مع جيرانها وفيما بينهم في عدد من المجالات من أمن الحدود والتجارة إلى تقاسم المياه وقضايا المناخ.
ونوهت الى انه بطبيعة الحال فإن الاستقرار الإقليمي سيعتمد أيضاً على احترام مبادئ السيادة والسلامة الإقليمية وحسن الجوار.
المفقودون الكويتيون
وحول مسألة المفقودين الكويتيين ورعايا البلدان الأخرى والممتلكات الكويتية المفقودة بما في ذلك الأرشيف الوطني فأن السلطات العراقية، تواصل بمساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجنة الثلاثية بذل الجهود الرامية إلى تحديد مكان الشهود ومواقع الدفن المحتملة للمواطنين الكويتيين ورعايا البلدان الأخرى.
ورحبت بتشكيل الحكومة العراقية لجنة تضم في عضويتها الأجهزة الأمنية برئاسة مديرية حقوق الإنسان في وزارة الدفاع مهمتها دعم الأنشطة في هذا الصدد وحيث سنواصل انتظار تحقيق تقدم بشأن استعادة الممتلكات الكويتية المفقودة – بما في ذلك الأرشيف الوطني.
التعليقات