اسطنبول: يحلم كمال كيليتشدار أوغلو المناهض لرجب طيب إردوغان وتمكن من زعزعة موقعه في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، بأن يكون منقذ الديموقراطية في البلاد التي يرى أنها تضررت من حكم الرئيس المنتهية ولايته لعقدين بلا منازع.

وبعدما أدلى بصوته في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأحد، دعا زعيم حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديموقراطي)، الناخبين إلى "التصويت من أجل التخلّص من نظام استبدادي".

وفي الدورة الأولى من الانتخابات حصل كيليتشدار أوغلو على 44,9% من الأصوات مقابل 49,5% لإردوغان، مرغماً الرئيس المنتهية ولايته على خوض دورة ثانية للمرة الأولى. وحسب آخر استطلاعات الرأي التي لم تصدق توقعاتها في الدورة الأولى، يتقدم إردوغان على منافسه بفارق خمس نقاط أيضا هذه المرة.

ورغم هذا الفارق، تبقى هناك نقطة مجهولة. فهناك 8,3 ملايين ناخب لم يدلوا بأصواتهم في الدورة الأولى رغم أن نسبة المشاركة بلغت 87 بالمئة.

وبعد الدورة الأولى، اختفى كيليتشدار أوغلو (74 عاماً) الذي فوجىء بنتيجة الدورة الأولى التي لم يكن يتوقعها على ما يبدو، عن الشاشات ليظهر مجددا في اليوم الرابع ويجدد حملته بحزم.

وشدد هذا الموظف الرسمي السابق لهجته هذا الأسبوع حول مصير اللاجئين ومسألة الإرهاب، خلافا للأسلوب الهادئ الذي اعتمده خلال حملته الانتخابية للدورة الأولى، في محاولة لاستمالة القاعدة الناخبة للقوميين.

وأبدى عزمه على إبعاد اللاجئين السوريين "في اليوم التالي للفوز"، وهو تهديد كرره بعد أيام حين وعد بأن تركيا لن تصبح مجددا "مخزن مهاجرين".

بنى هذا المرشح الذي لا يتمتع بحضور قوي، لنفسه صورة شخصية عامة طورها خلال تجمعاته الانتخابية وخصوصا في أشرطة فيديو بسيطة ينشرها كل مساء على شبكات التواصل الاجتماعي.

وعد بـ"الربيع"
قال كيليتشدار أوغلو "سأحمل القانون والعدالة الى هذا البلد. سأحمل التهدئة" واعداً بـ"الربيع".

كما يطرح أبرز معارض لإردوغان نفسه كمكافح للفساد في السياسة التركية منددا منذ سنوات بهذه الآفة المستشرية، على حد قوله، في أعلى هرم السلطة.

ووعد بانه في حال انتخابه سيدفع فواتير الماء والكهرباء وسيفضل قصر جانكايا الرئاسي التاريخي على القصر الفخم المكون من 1100 غرفة الذي بناه إردوغان على تلة مشجرة في أنقرة.

تعهد كمال كيليتشدار أوغلو أيضا بعدم الاستئثار بالسلطة مؤكدا انه "بعد إعادة الديموقراطية" والحد من سلطات الرئيس سيتخلى عن كل شيء للاهتمام بأحفاده.

منذ ان تولى رئاسة حزب الشعب الجمهوري الذي أنشأه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، قام بتغيير نهج الحزب من خلال محو صورته العلمانية المتشددة.

ففي 2022 اقترح مشروع قانون لضمان حق النساء التركيات في وضع الحجاب، سعيا منه لاستمالة القاعدة المحافظة.

والمرشح الذي ولد لعائلة متواضعة في مقاطعة تونجلي المتمردة تاريخيا (شرق) ذات الأغلبية الكردية والعلوية، أراد في موازاة ذلك كسب أصوات الأكراد الذين يطلق كثيرون منهم عليه اسم "بيرو"، كمن يتحدث عن جد أو مرجع ديني علوي باللغة الكردية.

خلال الحملة، كسر أحد المحرمات حين تحدث في شريط فيديو انتشر على نطاق واسع، عن انتماءه الى الطائفة العلوية.

صبور ومثابر
وكان هذا الخبير الاقتصادي الذي تولى لفترة رئاسة إدارة الضمان الاجتماعي التركي في تسعينات القرن الماضي، كان يعتبر حتى الآن غير قادر على الفوز بانتخابات.

لكن يعود إليه الفضل إلى حد كبير في الفوز المزدوج في 2019 لمرشحي حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات البلدية في اسطنبول وأنقرة، ما شكل نكسة غير مسبوقة لإردوغان وحزبه.

وبناء على هذا النجاح، تمكن هذه السنة من أن يجمع حوله ستة تنظيمات معارضة وان ينال دعم أبرز حزب مؤيد للاكراد.

وأحاط نفسه خلال الحملة برئيسي بلديتي اسطنبول وأنقرة أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش اللذين يحظيان بشعبية واسعة ويعتزم تعيينهما نائبين للرئيس في حال فوزه، كما أعاد تشكيل فريقه حول إمام أوغلو في الدورة الثانية.

في كل من تجمعاته الانتخابية، توجه كمال كيليتشدار أوغلو الى مناصريه راسما علامة "قلب باصابعه" ما أصبح شعار حملته.

غير أن هذا الشعار ووعوده بالنهوض بالاقتصاد لم تكن كافية لهزم الرئيس في الدورة الأولى، ويخوض الدورة الثانية مشددا على أنه رجل صبور ومثابر.