إيلاف من لندن: طالبت منظمة دولية الحكومة العراقية الثلاثاء بالتحرك للكشف عن مصير 643 شخصًا اختطفتهم ميليشيات الحشد الشعبي المرتبطة بها ودعتها لوضع استراتيجية للبحث والتحقيق في هذه الحالات.

وشددت منظمة العفو الدولية في تقرير لها اليوم تابعته "ايلاف" في ذكرى مرور سبع سنوات على اختطاف اولئك الاشخاص على ضرورة اتخاذ السلطات العراقية إجراءات ملموسة للكشف عن مصير ومكان ما لا يقل عن 643 رجلًا وصبيًا اختفوا قسرًا في حزيران يونيو عام 2016 على أيدي مليشيات الحشد الشعبي في سياق العمليات العسكرية لاستعادة مدينة الفلوجة بمحافظة الانبار الغربية من سيطرة تنظيم داعش.
ونوهت الى ان "فصائل الحشد الشعبي تتألف من جماعات ميليشيا كبيرة وراسخة وتعتبر قانونيًا جزءًا من القوات المسلحة العراقية" بحسب قوانين البلاد.

وثائق لمنظمة العفو الدولية نشرتها الثلاثاء 6 يونيو 2023 عن صبية اختطفتهم مليشيات الحشد الشعبي ومازال مصيرهم مجهولا (المنظمة)

مطالبة الحكومة بتحرك
وقالت آية مجذوب، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية "لقد مرت سبع سنوات منذ أن شكل رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي لجنة للتحقيق في تلك الاختفاءات وغيرها من الانتهاكات التي ارتكبتها فصائل الحشد الشعبي خلال عمليات الفلوجة ولكن حتى الآن، لم تعلن اللجنة عن أي من النتائج التي توصلت إليها، ولم يخضع أحد للمحاسبة".
ونبهت الى "إن ضحايا الاختفاء القسري ليسوا فقط المفقودين، بل أيضًا أسرهم وأحبائهم الذين ما زالوا يعيشون في عذاب جراء عدم معرفة مصير أحبائهم. لقد تقاعست حكومات متعددة عن تزويد هذه العائلات بالإجابات التي تستحقها وبتعويضات عن معاناتها".

وأكدت على انه "من أجل وضع حد لحكم الإفلات من العقاب في العراق، يجب على الحكومة أن تُعلِن النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق على الملأ وأن تضمن الكشف عن أي معلومات عن مصير أو مكان الرجال والصبية المفقودين لعائلاتهم، وأن تحرص على إحالة الأدلة إلى السلطات القضائية للتمكن من تقديم الجناة إلى العدالة في محاكمات عادلة بدون اللجوء إلى عقوبة الإعدام".

لا يُعرف أي شيء عنهم
واضافت المنظمة انه "في أوائل حزيران يونيو 2016 واجه الاف الرجال والنساء والاطفال الفارين من بلدة الصقلاوية في محافظة الأنبار أفرادًا مسلحين يحملون رشاشات وبنادق هجومية وقد تعرّف عليهم الشهود على أنهم أعضاء في فصائل الحشد الشعبي بناءً على شعارات على زيهم الرسمي وراياتهم".

وأوضحت المنظمة أنه كما هو مفصَّل في تحقيق أجرته في 2016، نقل المسلحون البعض من الرجال والصبية الأسرى في حافلات وشاحنة كبيرة ولا يزال مصيرهم مجهولًا. وبينت انه على الرغم من المحاولات المتعددة التي بذلتها عائلات المختفين على مر السنين للضغط على السلطات لإجراء تحقيقات، إلا أنها لم تحصل على إجابات.

دفن أحياء
ونقلت منظمة العفو الدولية شهادات عن نساء اختطفن وافراد عائلاتهن، شهادات اكدت فيها لها أمرأة كانت من بين الذين اعتقلتهم فصائل الحشد الشعبي في 3 حزيران يونيو 2016 إن ستة أفراد آخرين من عائلتها قد اختطفوا ولا يزال زوجها وأحد أشقائها مفقودين، منوهة الى انه اطلق بعد ذلك عن أربعة من أشقائها بعد ان تعرضوا للتعذيب ليلًا ونهارًا وإنهم شهدوا فصائل الحشد الشعبي تدفن الناس أحياء، وسمعوا أصوات أشخاص يتعرضون للتعذيب.

في العراق أكبر عدد من المختطفين في العالم
وقالت امرأة أخرى اختطف رجال مسلحون أحباءها في مركبات تابعة لفصائل الحشد الشعبي في 2 حزيران(يونيو) 2016 إن 15 فردًا من أفراد عائلتها، بمن فيهم زوجها وشقيقها وابنها، لا يزالون مفقودين وعلى الرغم من جهودها، لم تتخذ السلطات أي إجراء ولم تقدم للأسرة أي سبل للانصاف.
ووفقًا للجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري، يقدر عدد المفقودين في العراق ما بين 250 الف ومليون شخص منذ عام 1968، مما يجعله أحد البلدان التي لديها أكبر عدد من الأشخاص المفقودين في جميع أنحاء العالم.

تقاعس السلطات
واشارت العفو الدولية الى انه في 5 حزيران(يونيو) 2016، شكل مكتب رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي لجنة للتحقيق في حالات الاختفاء وغيرها من الانتهاكات المرتكبة في سياق العمليات العسكرية لاستعادة الفلوجة، بما في ذلك من قبل فصائل الحشد الشعبي كما كلف الحكومة المحلية في الأنبار بتشكيل لجنة تحقيق منفصلة.
ونوهت الى ان هذه اللجنة المنفصلة نشرت في 11 حزيران يونيو 2016 النتائج التي أرسلتها إلى رئيس الوزراء وكشفت أن 643 رجلًا وصبيًا من بلدة الصقلاوية مفقودون فيما تؤكد عائلات المختفين أن العدد الفعلي أعلى.

لا نتائج عن التحقيق
وأكدت المنظمة انه منذ ذلك التاريخ من غير الواضح ما هي الخطوات التي اتخذتها اللجنة التي شكلها رئيس الوزراء السابق للتحقيق الفعّال في حالات الاختفاء، ولم تنشر علنًا أي نتائج.
واشارت الى ان جماعات حقوقية وعائلات قد ابلغتها أن السلطات لم تبلغ عائلات المختفين بأي نتائج وحتى اليوم، تلتزم السلطات العراقية الصمت إزاء الإجراءات التي اتخذتها لمعالجة هذه الانتهاكات والتحقيق فيها وتوفير العدالة وسبل الانتصاف للضحايا.

واضافت العفو الدولية انها تطالب منذ 2016 مرارًا وتكرارًا بالمعلومات بشأن هذا التحقيق بما في ذلك في رسائل موجهة إلى مكتب رئيس الوزراء ووزارة الخارجية في 19 أيار مايو(أيار). ولكن وحتى يومنا هذا لم تتلقَّ منظمة ردًا مفيدًا يُفصّل مصير المختفين ومكان وجودهم.
وفي 4 نيسان ابريل 2023، أصدرت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري تقريرا بعد زيارتها للعراق في نوفمب(تشرين الثاني) 2022 حثت فيه العراق على "أن يدرج فورًا حالات الاختفاء القسري كجريمة منفصلة".. كما دعته إلى "وضع استراتيجية شاملة للبحث والتحقيق في جميع حالات الاختفاء وتعزيز وتوسيع قدرة الطب الشرعي الوطنية لضمان وصول جميع الضحايا إلى عمليات استخراج الجثث وخدمات الطب الشرعي".

العراق ملزم بتجريم الاختفاء القسري
وأوضحت العفو الدولية أن الاختفاء القسري ليس حاليًا جريمة بموجب القانون العراقي، وبالتالي لا يمكن المقاضاة عليه كجريمة قائمة بذاتها.. ونوهت الى انه كون العراق دولة طرف في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، يقع على عاتقها التزام بتجريم الاختفاء القسري والتحقيق، وتقديم الجناة إلى العدالة وضمان تعويض الضحايا.

وقالت مؤسسة الحق لحقوق الإنسان، وهي منظمة مجتمع مدني مستقلة مقرها في بغداد لمنظمة العفو الدولية: “إنَّ عدم تشريع قانون حماية الأشخاص من الاختفاء القسري، مؤشر على عدم وضع حد لحالات الاختفاء القسري. إن مؤسستنا تواصل جهودها في سبيل دعم أصوات الضحايا وذويهم للوصول سويًا الى كشف الحقيقة عن مصير الآلاف".
وفي ختام تقريرها دعت منظمة العفو الدولية السلطات العراقية إلى توفير التعويض وسبل الانصاف بما في ذلك دفع التعويضات وتوفير إعادة التأهيل لأسر الذين اختفوا في حزيران يونيو 2016 وإلى إصدار تشريع فعّال يجرّم الاختفاء القسري وفقًا للقانون الدولي.
وكان العراق قد أعلن في كانون الأول ديسمبر عام 2017 تحرير كامل أراضيه من سيطرة تنظيم داعش بعد حوالي 3 أعوام ونصف العام من المعارك التي حسمت بتحقق النصر لصالح القوات العراقية في أكثر من ثلث مساحة البلاد احتلها التنظيم في يونيو حزيران عام 2014 .