في عام 1956، طلب الزعيم الجزائري عبان رمضان الذي ستغتاله مخابرات جبهة التحرير عام1958 على الحدود الجزائرية-المغربية بعد أن كتب دستورها، من الشاعر مفدي زكرياء الملقب بـ"شاعر المغرب العربي" أن يكتب النشيد الرسمي للثورة الجزائرية فاستجاب لذلك. ويبدأ هذا النشيد بالمقطع التالي:

قسما بالنازلات الماحقات
و الدماء الزاكيات الطاهرات
و البنود اللامعات الخافقات
في الجبال الشامخات الشاهقات
نحن ثرنا فحياة أو ممات
و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا

وقد اعتمدت الجمهورية الجزائرية هذا النشيد انطلاقا من عام1963. ومؤخرا نشر في الرائد الرسمي الجزائري قرار يقضي بضرورة انشاد النشيد الوطني الجزائري كاملا من دون حذف المقطع التالي:

يا فرنسا قد مضى وقت العتاب
و طويناه كما يطوى الكتاب
يا فرنسا إن ذا يوم الحساب
فاستعدي وخذي منا الجواب
إن في ثورتنا فصل الخطاب
و عقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا

وقد أثار القرار الجزائري غضب السلطات الفرنسية. وفي مقال له نشر بجريدة "لوفغارو"، انتقد كزافيي دريانكور الذي كان سفيرًا لدى الجزائر القرار المذكور معتبرا إياه "استفزازيا"، ولا هدف منه سوى "فتح جراح لماض ولّى وانتهى".

وهو يقول بأن المقطع الذي شدّد القرار الجزائري على انشاده "عدواني وعنيف". وربما لهذا السبب، لم يكن يُنشد إلاّ في المؤتمرات الخاصة بجبهة التحرير الجزائرية.

أما في المناسبات الوطنية الأخرى فقد كان يُحذف باعتباره يعكس مرحلة مواجهة دموية انقضت مع انقضاء زمنها. أما الآن فإنه سيتم انشاد هذا المقطع في كل المناسبات الرسمية، وحتى خلال الزيارات التي يؤديها رئيس الجمهورية الجزائرية إلى البلدان الأجنبية بما في ذلك فرنسا.

وفعلا تمّ انشاد هذا المقطع خلال الزيارة التي أداها الرئيس عبد المجيد تبون إلى موسكو مؤخرا . وهذا ما أثار غضب السلطات الفرنسية التي رأت في ذلك استفزازا واضحا وصريحا لفرنسا بسبب موقفها من الحرب الأوكرانية. كما أن انشاد هذا المقطع يبدو وكأنه رد على فرنسا التي تطالب الجزائر بإعادة النظر في الاتفاق الذي امضته معها عام1968، والذي يقدم تسهيلات كبيرة للجزائريين بالهجرة إلى فرنسا والإقامة فيها.

ولم تكتفِ الجزائر بذلك، بل قررت مؤخرًا الاستغناء عن الفرنسية في البرامج التعليمية لصالح اللغة الإنجليزية. ويعني هذا بالنسبة للسفير السابق كزافيي دريونكور أن الجزائر تسعى مجددا الى انتهاج سياسية عدوانية تجاه فرنسا...