جنين (الأراضي الفلسطينية): بدأت القوات الإسرائيلية الثلاثاء الانسحاب من مخيم للاجئين في مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة، بعد نحو يومين على عملية عسكرية واسعة النطاق في المنطقة أوقعت 12 قتيلاً فلسطينيًا.

العملية العسكرية في مخيم جنين التي أطلقت فجر الإثنين، شارك فيها مئات الجنود وتخلّلتها غارات بواسطة مسيّرات وجرافات. كذلك شاركت في العملية وحدات النخبة من مختلف قوات الجيش والأمن وحرس الحدود.

تل أبيب
من جهة أخرى، سقط سبعة جرحى دهسًا وطعنًا في تلّ أبيب الثلاثاء في هجوم نفّذه فلسطيني قبل أن يقتل برصاص مدني.

ليل الثلاثاء قال متحدث عسكري في تصريح لوكالة فرانس برس إن "القوات الإسرائيلية بدأت بالانسحاب من مخيم جنين".

قبل ساعات من ذلك سمع دوي انفجارات في المخيم كما حلّقت مسيّرة في أجواء المنطقة، وفق مراسلة فرانس برس.

وأشادت حركتا حماس والجهاد الإسلامي في غزة "بالعملية البطولية والنوعية" التي رأتا فيها ردّ فعل طبيعي على "جرائم الاحتلال في جنين" حيث قتل الجيش الاسرائيلي الإثنين عشرة فلسطينيين وأصاب نحو مئة بجروح، عشرون منهم إصاباتهم خطرة، في عملية قال إنّ هدفها "القضاء على السلاح والمسلحين" فيها.

وأكّدت الشرطة الإسرائيلية وفق المعلومات الأولية أنّ "السيارة دهست مشاة في شارع بنحاس روزين"، وأنّ سائقها "ترجّل منها وطعن آخرين بأداة حادّة، ممّا أسفر عن إصابة سبعة أشخاص، ثلاثة منهم في حالة خطيرة".

وقال قائد الشرطة الاسرائيلية يعقوب شبتاي إنّ "المنفّذ الذي جاء من الضفة الغربية تمّت تصفيته" على يد مدني مسلّح.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل فلسطينيين الثلاثاء ما يرفع عدد قتلى العملية العسكرية إلى 12 قتيلاً.

واعتُقل أكثر من 100 فلسطيني كما اضطر آلاف للنزوح من مخيّم جنين.

ودانت منظمة "اطباء بلا حدود" إطلاق القوات الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع داخل مستشفى خليل سليمان في جنين، واصفة إياه ب"غير المقبول".

وخلال زيارة إلى قاعدة عسكرية قرب جنين، تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بـ"القضاء على الإرهاب".
وقال "لن نسمح لجنين أن تعود لتكون حاضنة للارهاب".

وصباح الثلاثاء بدت مدينة جنين خالية ما عدا من دوريات الجيش.

وأقفلت المحال التجارية وانتشرت بقايا إطارات مشتعلة في أماكن متفرقة، وحلقت الطائرات المسيرة الإسرائيلية في سمائها، بحسب ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.

تصنيع متفجرات
وأعلن الجيش الاسرائيلي أن قواته فكّكت ست منشآت لتصنيع المتفجرات وثلاث غرف عمليات في جنين وضبطت كميات كبيرة من الأسلحة.

وقال الجيش إن "الأسلحة كانت في مخابئ، وفي مسجد، وفي أنفاق في مناطق مدنية، وغرف عمليات وفي سيارات"، مضيفا أنه عثر على مخابئ ومخازن أسلحة وأنفاق تحت الأرض تستخدم لتخزين المتفجرات.

وأشار متحدث باسم الجيش إلى "استجواب أكثر من 300 مشتبه بهم واعتقال 30 منهم".

قبل هذه العملية، صعّدت إسرائيل عمليات المداهمة والتوغّل في شمال الضفة الغربية بعد هجمات استهدفت إسرائيليين، كما نفّذ مستوطنون غارات على بلدات فلسطينية عدّة أحرقوا فيها ممتلكات وسيارات ومزروعات.

تفاقم العنف
وتفاقم العنف الإسرائيلي-الفلسطيني منذ العام الماضي، وتصاعد أكثر في ظلّ حكومة بنيامين نتانياهو وحلفائه من اليمين المتطرف.

ووصفت وزارة الخارجية الفلسطينية التصعيد بأنه "حرب مفتوحة على أهالي جنين".

وبحسب نائب محافظ جنين كمال أبو الرب فإنّ "حوالى 3000 شخص غادروا المخيّم حتى الآن".

وأضاف لفرانس برس أنّه يجري اتخاذ الترتيبات لإيواء هؤلاء النازحين في مدارس وملاجئ أخرى في مدينة جنين.

وقال قاسم بني قادر الممرض في مشرحة بمستشفى جنين إنّ "هذا التوغل هو الأسوأ الذي نشهده خلال خمس سنوات".

وفي ردود الفعل الدولية، حضّ رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الجيش الإسرائيلي على "ضبط النفس" وحماية المدنيين الفلسطينيين، مع تأكيده في الوقت نفسه على "حقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وإدانته الهجمات "الإرهابية" الفلسطينية.

من جانبه، شجب مفوّض حقوق الإنسان في الأمم المتّحدة فولكر تورك دوامة العنف، مشدّداً على "وجوب أن يتوقّف القتل".

بطالة وفقر
وتقول الأمم المتحدة إنّ مخيّم جنين يعاني من "أعلى معدلات البطالة والفقر" مقارنة بمخيمات الضفة الغربية الأخرى، وإنّ العملية العسكرية قطعت إمدادات الماء والكهرباء عن جزء كبير منه.

وارتفعت حصيلة قتلى الهجمات والمواجهات والعمليات العسكرية منذ مطلع كانون الثاني/يناير إلى ما لا يقلّ عن 190 فلسطينياً، و25 إسرائيلياً وأوكرانية وإيطالي.

وتشمل هذه الأرقام مقاتلين ومدنيين بينهم قصّر من الجانب الفلسطيني. أما في الجانب الإسرائيلي فغالبية القتلى مدنيون.

ويعيش في الضفة الغربية من دون القدس الشرقية، نحو 2,9 مليون فلسطيني، بالإضافة إلى نصف مليون يهودي في مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.

وتحتلّ إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية منذ العام 1967.