"منشقون روس بلا بوصلة"، ذلك هو عنوان المقال الذي نشرته الأسبوعية الفرنسية "لوبس"في عددها الصادر في أول الأسبوع الثاني من شهر يوليو-تموز من العام الحالي. ويلقي هذا المقال الضوء على تشتت وتشرذم المنشقين الروس المعادين لبوتين، وفقداهم لاستراتيجية نضالية بواسطتها يكونون قادرين على مواجهة نظام بوتين.

وايليا بونوماريف واحد من هؤلاء المنشقين. وقبل أن ينضم إلى المعارضة خارج بلاده كان نائبا في "الدوما"(البرلمان). وخلال تلك الفترة عارض ضمّ القرم وذلك عام 2014.

وراهنا هو يقيم في العاصمة الأوكرانية كييف. وهو يقول: "ليس هناك سوى طريقة واحدة لإسقاط بوتين وهي أن نكون إلى جانب أوكرانيا على جبهات القتال".
ويشرف إيليا بونوماريف على "فيلق الحرية الروسي"، وهو أحد الفيالق الذي يضم روسا تطوعوا للقتال في صفوف الجيش الأوكراني، ويخضعون لأوامره.

Russian Volunteer Corps founder Denis Kapustin (fourth from right, in black), known as
مؤسس فيلق المتطوعين الروسي دينيس كابوستين (الرابع من اليمين، باللون الأسود)، المعروف باسم "وايت ريكس"، في شمال أوكرانيا بالقرب من الحدود الروسية في 24 مايو\ايار 2023.

وهو ينتقد بحدة المعارضين الروس قائلا: "مشكلة المنشقين الروس أنهم يتكلمون كثيرا، ويقيمون العديد من التظاهرات لكنهم صفر في مجال الفعل.. إن بوتين لا يفهم غير لغة واحدة هي لغة القوة".

أما يفغني بيرغوجين فهو يلتقي في نقطة واحدة مع المنشقين الروس وهي أنه يتكلم كثيرًا لكنه مبالغ في الفعل. وقد لاقت حركته التمردية التي استمرت ساعات قليلة مساندة مطلقة من قبل المعارض الروسي ميخائيل كودوروفسكي المقيم في لندن الذي يقول: "حتى الشيطان لا بد من مساعدته والوقوف إلى جانبه إذا ما كان الأمر يتعلق بإسقاط بوتين".
أما غاري غاسباركوف بطل العالم في الشطرنج والذي أصبح زعيما للمعارضة الروسية فيرفض مساندة بيرغوجين لأنه "مجرم" بحسب تعبيره.

وتكتب "لوبس"قائلة: "وسط هذه الجوقة من الأصوات المُتنافرة، هناك حقيقة وهي أن القيصر بوتين أصبح عاريا تماما. ضعيفا ومعزولا هو الآن قائد لجيش يعاني من مصاعب كثيرة، مكتفيًا بوضع أكياس من الرمل لحماية موسكو في حين أن شائعات تقول بإن رموز النظام بمن في ذلك بوتين نفسه فروا إلى سانت بطرسبورغ".

وفي جريدة "كومارسانت"كتب المنشق الروسي ليف كاديك المقيم في ليتوانيا: "نحن نعيش وضعًا يشبه تماما الوضع بين عام1916 وعام1917. وأمر مثير للسخرية أن يُشبّه بوتين نفسه بنيقولا الثاني في خطابه.. ففي عام1917، بدأ السقوط بالجيش الذي فقد معنوياته، ولم يعد راغبًا في مواصلة الحرب. وهذا ما يمكن معاينته من خلال تمرّد فرقة فاغنر.

وفي روستوف لم يعد رجال الشرطة يرغبون في القتال. وليس هناك أية مواجهة. والشعب لم يعد يخفي ضيقه من هذه الحرب. وقد أدرك بريغوجين ذلك. وهو يملك القوة والسلاح لكنه لا يحظى بالتأييد السياسي. لذلك لم يتمكن من المضيّ> قدما في عمليته التمردية".

وفي جريدة أخرى تصدر في المنفى، كتب المنشق الروسي ليونيد غوسمان يقول: "روسيا الآن عبارة عن سيدة عجوز تعبت من الحياة، ولم تعد راغبة في أيّ شيء، ولا الاعتقاد في أي شيء، ولا تأمل في أي شيء، ولا تحلم إلاّ بأن تكون وحيدة. هذه البلاد مثل شخص أدركته الشيخوخة، لم يعد لها مستقبل. بل هي غير قادرة على أن تفكر في ذلك . لم يعد لها سوى الماضي. وهي بلاد بلا أبطال".