موسكو: يستضيف الرئيس فلاديمير بوتين اعتبارًا من الخميس عددًا من قادة الدول الأفريقية في مدينة سان بطرسبرغ في لقاء يسعى لإظهار التوافق بين روسيا والدول الأفريقية على رغم الحرب في أوكرانيا وإنهاء العمل باتفاق تصدير الحبوب الذي يثير مخاوف القارة.
وإزاء العزلة التي سعت دول غربية لفرضها على الرئيس الروسي منذ بدء غزو أوكرانيا في شباط/فبراير 2022، بقيت خطوط التواصل مفتوحة بين موسكو وأطراف عدة مثل بكين وطهران، وبدرجة أقل عواصم إفريقية عدة.
وقال بوتين في مقال نشر الإثنين على الموقع الالكتروني للكرملين "اليوم، الشراكة البنّاءة، الواثقة، والموجّهة نحو المستقبل بين روسيا وأفريقيا هي على قدر خاص من الدلالة والأهمية".
وسيحلّ عدد من قادة القارة بينهم رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا، ضيوفًا على سان بطرسبرغ، العاصمة السابقة للإمبراطورية الروسية، في ثاني قمّة من نوعها بعد أولى في سوتشي عام 2019.
واتهم المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الثلاثاء الدول الغربية بمحاولة ثني الأفارقة عن حضور القمة.
وقال "عملياً كل الدول الأفريقية كانت عرضة لضغوط غير مسبوقة من الولايات المتحدة، والسفارات الفرنسية لم تكن غير ناشطة كذلك... للحؤول دون انعقاد هذه القمة".
وأضاف بيسكوف "من المهم اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن نجتمع مع (القادة) الأفارقة وأن نتحدث إليهم، خصوصًا بشأن اتفاقية تصدير الحبوب".
جدول أعمال القمة
ويبرز على جدول أعمال القمة بند أساسي هو رفض موسكو في وقت سابق من الشهر الحالي تمديد العمل باتفاقية أتاحت منذ صيف 2022 تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود على رغم الحرب والحصار الذي تفرضه البحرية الروسية على المرافئ الأوكرانية.
وأتاحت الاتفاقية خلال زهاء عام تصدير نحو 33 مليون طن من الحبوب من الموانئ الأوكرانية الى مختلف بقاع الأرض بما فيها أفريقيا، ما ساهم في استقرار أسعار المواد الغذائية عالميًا والحد من المخاوف من وقوع أزمة نقص في المواد الأساسية.
وعلى مدى الأيام الماضية، سعت موسكو لتهدئة المخاوف الأفريقية بهذا الشأن، مؤكدة تفهّمها "قلق" دول القارة.
وأكد بوتين أنّ موسكو ستعوّض الحبوب الأوكرانيّة المورّدة إلى أفريقيا.
وأوضح في المقال على موقع الكرملين "أريد أن أطمئن أن بلدنا قادر على تعويض الحبوب الأوكرانية على أساس تجاري أو مجاني، خصوصا أننا نتوقع مجددًا محصولًا قياسيًا هذا العام".
وسبق لروسيا أن أبدت استعدادها لتفعيل الاتفاقية مجددًا بحال تمت تلبية شروطها خصوصًا لجهة تصدير منتجاتها الزراعية والأسمدة المتأثرة بالعقوبات الغربية المفروضة عليها.
العلاقات مع أفريقيا
ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا، سعت روسيا الى تعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الأفريقية على حساب نفوذ دول أخرى مثل فرنسا في بعض بلدانها، عبر وسائل شتى منها تعزيز حضور مجموعة فاغنر العسكرية في بعض المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة.
وفي إشارة الى اهتمام موسكو المتزايد بأفريقيا، زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف القارة مرتين منذ مطلع العام ساعيا للتقريب بين الجانبين في مواجهة "الإمبريالية" الغربية.
وقال بوتين في مقال الإثنين "لطالما دعمنا الشعوب الإفريقية في نضالها من أجل التحرر من الاضطهاد الإمبريالي، ساعدنا في تأسيس الدول، تعزيز السيادة والقدرات الدفاعية".
وتنعكس زيادة الحضور الروسي في أفريقيا من خلال اتفاقات للتعاون العسكري وحملات إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، وفق خبراء.
الا أن فشل التمرد المسلّح لمجموعة فاغنر على القيادة العسكرية الروسية، طرح علامات استفهام حول مستقبل تواجد عناصرها وعملياتها في دول القارة.
وبينما اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في حزيران/يونيو روسيا بأنّها "قوة لزعزعة استقرار أفريقيا عبر ميليشيات خاصّة تنكّل بالمدنيين"، أكد الكرملين ان موسكو "تنسج (مع الدول الأفريقية) علاقات ودية، بنّاءة مبنيّة على الاحترام المتبادل".
وسعى قادة الدول الأفريقية الى التوسط لإيجاد حلّ للنزاع. وقام وفد ضم عددًا القادة الأفارقة منتصف حزيران/يونيو، بزيارة موسكو وكييف، ودعوا خلال لقائهم بشكل منفصل بوتين ونظيره الأوكراني فولودومير زيلينسكي، الى وقف الأعمال الحربية، من دون أن تحقق جهودهم أي نتيجة تذكر.
وتأتي قمة سان بطرسبرغ الخميس قبل نحو شهر من قمة مجموعة دول بريكس التي تستضيفها جنوب أفريقيا.
وبعد أشهر من الترقب، أكدت بريتوريا أن بوتين لن يحضر القمة في ظل وجود مذكرة توقيف صادرة بحقه عن المحكمة الجنائية الدولية، ستكون جنوب إفريقيا ملزمة نظريا بتنفيذها لكونها من موقعي نظام روما الأساسي للمحكمة.
التعليقات