في حوار أجرته معه الأسبوعية الفرنسية "لوبس" في عددها الصادر في الأسبوع الأول من شهر يوليو-تموز من العام الحالي، أشار توماس غومار (Thomas Gomart) مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إلى أن الميليشيات الروسية مثل ميلشيا فاغنر التي يقودها بريغوجين ليست جديدة، بل هي ظاهرة مألوفة في التاريخ الروسي.

ففي الفترات التي سعت فيها للتوسع، استعانت الإمبراطورية الروسية بالمساجين وبالمرتزقة الدخلاء. وواضح أن بوتين استعان حسب رأيه، بالإمبراطورة كاترين الكبيرة التي كانت ترى أنه من الضروري أن ندفع بعيدا بالحدود لضمان أمن روسيا.

وفي أواخر القرن الثامن عشر، واجهت كاترين الكبيرة تمرد بوكاتشيف، وهو قوزاقي ساهم في الحروب وفي الغزوات القيصرية، ثم انقلب على السلطة المركزية محاصرا بقواته العديد من المدن. إلاّ ان الجيش القيصري تمكن من القبض عليه، وتمزيق جسده إلى أشلاء.

وبحسب توماس غومار يمكن أن نجد تشابها بين بوكاتشيف وبريغوجين لأن هذا الأخير قاد تمردا شارك فيه أنصاره الذين هم في جلهم مجرمون وقادة عصابات خطيرة. لذلك يمكن القول أن روسيا دخلت الآن مرحلة اضطرابات خطيرة على المستوى الداخلي شبيهة بتلك التي حدثت قبل الثورة البلشفية.

ويضيف توماس غومار قائلا بإن تمرد فرقة فاغنر يعتبر أولا مواجهة فعلية لنظام بوتين منذ سنة2000. وقبل هذا التمرّد كان نقد النظام يأتي من شخصيات سياسية معارضة مثل بوريس نامتسوف الذي كان وزيرا في حكومة بوريس يلتسين، والذي اغتيل عام2015. أما الآن، فإن تمرد فرقة فاغنر يمثل خطرًا جسيما على نظام بوتين لأنه تمرّد داخلي مسلح، والذي يقوده يمتلك وسائل مادية كبيرة، وثروة هائلة.

ويعتقد توماس غومار أن بوتين سوف يلجأ إلى عمليات تطهير داخلية تشمل الجيش والقوى الأخرى الموزاية له. وقد اشتدت عمليات التطهير هذه مع بداية الغزو الروسي لأوكرانيا حيث تم اغتيال العديد من المعارضين ألصقت بهم تهم "الخيانة".

ويعتقد توماس غومار أن نظام بوتين سيفقد مستقبلاً ثقة حلفائه الحاليين أي تركيا والصين وايران. فالصين مثلا لم تفغر لروسيا قرار حل الحزب الشيوعي في عام1991.

أما تركيا فإن مساندتها لنظام بوتين تقوم على المصلحة فقط. فإن انتفت هذه المصلحة فإن أردوغان لن يتردد في البحث عن حليف آخر يكون أكثر نفعية لنظامه ولمصالح بلاده.
ولن يكون بإمكان ايران أن تظل حليفا لروسيا لأن أزماتها الداخلية وعلاقاتها الدولية المضطربة سوف تكون مقيدة لها بحيث لن تكون الحليف النافع والمفيد في الأوقات العصيبة.
ويرى توماس غومار أن نظام بوتين سوف يشهد قريبا عزلة على المستوى العالمي. وقد تقوده هذه العزلة إلى نهاية مأساوية.