إنها لحظة حاسمة لجيل يتضامن مع الجنوب العالمي، خصوصًا في الغرب حيث تهز احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين عرش السياسة الأميركية والأوروبية

إيلاف من بيروت: بالنسبة إلى العديد من العرب والمسلمين الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا، ليس هذا الصراع العربي – الإسرائيلي الذي كان في زمن آبائكم. إنها الآن لحظة حاسمة للجيل الذي يجد نفسه متضامنا مع جزء كبير من الجنوب العالمي، خصوصًا في الغرب حيث تهتز عروش السياسة الأميركية والأوروبية باحتجاجات مؤيدة للفلسطينيين.

أودت الحرب بحياة أكثر من 11 ألف شخص في غزة، معظمهم من المدنيين، وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس. وقالت مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية باربرا ليف إن عدد الضحايا قد يكون أكبر، فيما قُتل نحو 1200 إسرائيلي في هجوم 7 أكتوبر.

خارج الإجماع

احتشدت الحكومات العربية بقوة دبلوماسية جماعية ربما لم نشهدها منذ مبادرة السلام العربية التي قادتها السعودية في قمة بيروت في عام 2002، فاستضافت المملكة العربية السعودية قمة إسلامية عربية مشتركة استثنائية السبت الماضي بالرياض، شارك فيها، بين آخرين، الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ورئيس النظام السوري بشار الأسد.

الوحدة في الدعوة إلى وقف إطلاق النار ليست حالة شاذة في الرأي العام العالمي؛ فهو أكثر من إجماع. والولايات المتحدة وإسرائيل هما اللتان تقفان خارج هذا الإجماع. رد الفعل السلبي من شركاء الولايات المتحدة العرب، والذي ظهر خلال آخر جولة دبلوماسية مكوكية لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في المنطقة، دفع إدارة بايدن إلى الضغط من أجل وقف مؤقت للنار لأسباب إنسانية، والتمسك باحتمال حل الدولتين.

حجم المطلوب بعد الحرب يجب أن يكون على غرار مؤتمر مدريد الذي انعقد في عام 1991، مع التركيز على رؤية التكامل الإقليمي مع غزة والفلسطينيين، لا عزلهم. جعلت إدارة بايدن التكامل الاقتصادي الإقليمي ركيزة أساسية لنهجها في التعامل مع الشرق الأوسط، لذا يجب أن تكون المرحلة النهائية أكبر وأشد جرأة من مجرد الحديث عن حل الدولتين، والدور المحتمل للسلطة الفلسطينية، وما إذا كانت هناك قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة أو عربية أم لا. كلها ضرورية، لكنها ليست كافية لرسم خطة جديدة ومسار لإسرائيل والفلسطينيين والمنطقة بعد هذه الحرب.

إجراءات أميركية

في إسرائيل، لا يمكن أن تأتي النهاية بسرعة. وعلى الرغم من أن الجيش الإسرائيلي حقق تقدمًا في العمليات البرية في غزة، فإن "القادة يقرون بأن حماس التي تتكبد خسائر فادحة في شمال غزة غير قريبة من نقطة الانهيار"، كما قال بن كاسبيت، الذي كتب: "رؤية إسرائيل المتمثلة في تحقيق انتصار يقضي على حماس بسيطة، حيث تقوم باغتيال القادة العسكريين والسياسيين للمنظمة أو اعتقالهم، وقتل مخططي هجوم 7 أكتوبر في جنوب إسرائيل ومنفذيه، والقضاء على جميع ترسانات حماس وقوتها النارية، وحرمانها من أي قدرة على إدارة قطاع غزة أو الحفاظ على سيادتها هناك".

في الوقت نفسه، يرى القادة الإسرائيليون أن الولايات المتحدة تطلق "إجراءات خلفية ضد المشاعر القوية المؤيدة للفلسطينيين والضغوط السياسية الداخلية في الولايات المتحدة، ما يزيد الضغط على مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي"، كما كتب كاسبيت.

لا شروط

لا يبدو أن هذا الضغط أثر على الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل. كتب جاريد زوبا : "كانت إدارة بايدن واضحة لا لبس فيها: على إسرائيل أن تقرر متى سيتم تحقيق النصر في غزة". حتى ذلك الحين، ستستمر الأسلحة الأميركية في التدفق على تل أبيب من دون قيود.

تقول "نيويورك تايمز": "واصل المسؤولون الأميركيون تدريب الإسرائيليين على أساليب تجنب سقوط المدنيين مع الاستمرار في إضعاف حماس، بما في ذلك تشجيع القوى الجوية الإسرائيلية على استخدام قنابل أصغر عند استهداف البنية التحتية لحماس".

لكن، إلى أي مدى يلتزم الجيش الإسرائيلي هذه النصيحة؟ لن يفصح المسؤولون الأميركيون عن ذلك تمامًا. لكن الحملة لا تظهر أي علامة على حصول ذلك مع تطويق الجيش الإسرائيلي مدينة غزة قبل عملية مطاردة متوقعة عبر الأنفاق لمسؤولي حماس العسكريين.

عنف في الضفة

في ظل غياب الاهتمام الإعلامي، كثفت القوات الإسرائيلية غاراتها الوحشية على مخيم جنين للاجئين وواصلت عمليات القتل خارج نطاق القانون في الضفة الغربية، وتقول إسرائيل إنها تستهدف حماس وأعضاء الجماعات المسلحة الأخرى المرتبطين بهجوم 7 أكتوبر.

منذ بداية عام 2023، فقد ما لا يقل عن 371 فلسطينيًا حياتهم برصاص إسرائيلي في الضفة الغربية، وفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية. ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولين في الأمم المتحدة قولهم: "إضافة إلى القتلى، أصيب أكثر من 2000 فلسطيني وتشرد 1000 في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر".

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها أندرو باراسيليتي ونشرها موقع "المونيتور"