إيلاف من بيروت: يضغط التقدميون في الحزب الديمقراطي على الإدارة الأميركية للتوصل إلى "حلٍّ عادل" للفلسطينيين، مع "ضمان أمن إسرائيل".
وهناك غالبية ديمقراطية تعارض فكرة وقف إطلاق النار المؤقت بين "إسرائيل وحماس"، وتدعم إنهاء الوضع المتوتر القائم برمته، والتوصل لحلٍ عادل ونهائي منعًا لتكرار المواجهات والعمليات الحربية التي تدمر قطاع غزة وتبقي التوتر قائمًا بين الفلسطينيين وإسرائيل.

وقف اطلاق النار
وفي حين يتبنى التقدميون مصطلح "وقف إطلاق النار" إلى أجل غير مسمى، تتحدث إدارة بايدن عن "توقف مؤقت للأعمال العدائية". وهو ما يشير إلى اختلاف كبير بالرأي بين الديمقراطيين تجاه الموقف السياسي من الحرب الدائرة في الشرق الأوسط.

وهناك جماعة تُشكّل ضغطًا كبيرا في الحزب الديمقراطي تُعرَف بـ"ديمقراطيو العدالة التقدميون". وهم يعملون من أجل تحقيق السلام. ويقولون أن واشنطن يجب أن تنهي دعمها السياسي والمالي غير المشروط لحكومة يمينية متطرفة، بما في ذلك المساعدة العسكرية المقترحة من بايدن بقيمة 14 مليار دولار لإسرائيل. لكن، فيما يهدد هؤلاء بوضع ضوابط على المساعدات العسكرية لإسرائيل، ويتوعدون بمناقشتها قريبًا، تشير المعطيات الى أن حزمة المساعدة بقيمة 14 مليار دولار، ستمرّ وسط إجماع ديمقراطي وجمهوري.

آراء متضاربة
صحيفة "بوليتيكو" أضاءت بدورها على هذا الموضوع الخلافي داخل الحزب الديمقراطي، واستعرضت مواقف متباينة كان أبرزها ما قاله سيناتور ديمقراطي في "مجلس الشيوخ" بأن التقدميين لن يتراجعوا عن أولوياتهم بشأن إسرائيل وغزة مطالبين بوقف اطلاق النار بدلا ًمن الهدنة.
والجدير ذكره، ان عدد من تقدمي الحزب الديمقراطي يقولون إن الفضل باقرار اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل انما يعود لضغوطهم على ادارة بايدن.
وهو ما تؤكده تدوينة النائبة الديمقراطية أيانا بريسلي، على وسائل التواصل الاجتماعي. وجاء فيها: إن الفضل يعود إلى "قوة الدبلوماسية ومناصرتنا الجماعية بتحقيق الهدنة. يجب أن نستمر بالضغط لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار الآن، سعيا لإنقاذ الأرواح، وإعادة جميع الرهائن، وإنهاء هذا العنف المروّع".

في المقابل، يستخدم بعض الديمقراطيين لغة موازية، بين الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار، واشتراط تطبيق الأهداف التي وضعتها إدارة بايدن.
وهو ما اشار اليه بيان السيناتور جيف ميركلي، الذي قال: "آملُ أيضًا أن يوفر وقف القتال المؤقت التفاوض على تمديده، والعمل على وقف دائم لإطلاق النار. لكن، قبل التوصل إلى وقف أطول لإطلاق النار، لا بد من حل عدد من التحديات وأهمها إطلاق سراح جميع الرهائن الذين احتجزتهم (حماس)، وإنهاء سيطرتها على غزة".
وشدد على "ضرورة إرسال المساعدات بكميات كبيرة، والتزام إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة في العودة إلى ديارهم".

مؤيدو بايدن
من جهةٍ أخرى، يؤيد رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ"مجلس الشيوخ"، بن كاردين، مواقف إدارة بايدن. ويقول إن وقف إطلاق النار سيفيد (حماس)، لكن الهدنة مفيدة لحل محنة الرهائن وعودتهم إلى عائلاتهم، داعيًا (حماس) إلى إطلاق سراح جميع الأسرى لديها.

وأضاف كاردين: "إن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه لإطلاق سراح بعض الرهائن، هو إشارة أمل لبعض العائلات الأميركية والإسرائيلية التي تحطمت حياتها في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي وقع في 7 أكتوبر (تشرين الأول) ضد إسرائيل".

وتؤيد هذا الموقف أيضًا النائبة ديبي شولتز التي صرحت بأنها ممتنة لأن بايدن لم يستجب للدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار قبل أسابيع. لأن إسرائيل لم تكن لتتمكن من تحقيق هذا الاختراق لو حدث ذلك.
وتابعت: إن وقف إطلاق النار من جانب واحد لا يخدم سوى إرهابيي (حماس)، الذين انتهكوا وقف إطلاق النار، في السابع من أكتوبر، وتعهدوا بالقيام بذلك مرارًا".

الانتخابات
في المحصلة، قد لا تغيّر ضغوط المعارضين موقف بايدن او تثنيه عن دعمه المطلق لاسرائيل، لكن، هذا الانقسام لا يبشر خيرا لمستقبله الرئاسي، وسط انقسام الآراء حول أهليته لقيادة البلاد بعدما بلغ عامه الـ81. ناهيك عن المواقف المعارضة لموقفه من استمرار التمويل غير المشروط لاسرائيل واوكرانيا على حد سواء.
ولا ننسى المعارضة الجمهورية التابعة لمعسكر الرئيس السابق دونالد ترامب التواق للعودة الى البيت الابيض.

لا شك ان اتفاق الهدنة سيخفف الضغوط عن بايدن إلى حد ما، وسيعزز اوراقه الانتخابية في حال تم تنفيذه بنجاح مع ادخال المساعدات الى الفلسطينيين. فإدارة بايدن لعبت دورًا أساسيًا في التوصل إليه.
لكن، هل سيتراجع تقدميو "الحزب الديمقراطي" عن دعوة الرئيس لتطوير اتفاق الهدنة نحو "وقفٍ دائم لإطلاق النار"؟ وهل سينجح بايدن بتوحيد صفوف الحزب لإعادة انتخابه رئيسًا من جديد؟

في الواقع، الاجابة على السؤال ستبقى رهن الاحداث المرتقبة والتطورات على الساحة الميدانية، مع التذكير بأن الرأي العالمي بدأ يتغيّر باتجاه معاكس لإسرائيل بعد الهجوم على مجمع الشفاء الطبي، وقصف المستشفيات واستمرار التصعيد.

وهذا يعني أن الادارة الأميركية باتت تواجه ضغوطًا خارجية مع ارتفاع صيحات المتظاهرين لوقف اطلاق النار، فيما تضغط الدول العربية والاسلامية ومعها قوى "بريكس" لتحقيق حلٍّ دائم على قاعدة حل الدولتين بحدود 1967.