إن إعادة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة لا تفشل في تقديم حل سياسي لغزة فحسب، بل تؤدي إلى تفاقم المشكلة

إيلاف من بيروت: في خطابه يوم 11 نوفمبر، أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رؤيته السياسية لما بعد هزيمة حماس في قطاع غزة، وشدد على أن إسرائيل ستحافظ على وجود أمني في غزة مشيراً صراحة إلى عدم وجود نية لنقل السيطرة إلى السلطة الفلسطينية. في الوقت نفسه، رفض احتمال إقامة مستوطنات إسرائيلية في قطاع غزة في المستقبل.

السلطة وحماس سيان

هذا ما يقوله أومير دوستري، الخبير في الإستراتيجية العسكرية والأمن القومي والباحث في معهد القدس للاستراتيجية والأمن وفي منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، في مقالة نشرتها صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية. يضيف: "معارضة حكم السلطة الفلسطينية في غزة قرار حاسم بالنسبة لأمن إسرائيل. من الناحية الاستراتيجية، لا فرق بين أهداف حماس والسلطة الفلسطينية؛ كلاهما يهدف إلى تدمير إسرائيل. يكمن التفاوت في الأيديولوجيا (الإسلاموية مقابل القومية) والتكتيكات (التدمير الفوري مقابل الأذى التدريجي)".

يتابع دوستري: "مهم أن نلاحظ أنه في ظل حكم السلطة الفلسطينية، لم تكن غزة تشبه سنغافورة، ولم يكن هناك اختلاف يذكر في مستوى العداء تجاه إسرائيل، وتشجيع الإرهاب، وأعمال الإرهاب الفعلية. بدأ إطلاق الصواريخ من غزة إلى إسرائيل قبل سنوات من سيطرة حماس على السلطة في عام 2007. وعلى الرغم من الاختلافات السياسية والأيديولوجية بينهما، تعاونت فتح وحماس في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الانتفاضة الثانية. إضافة إلى ذلك، كانت السلطة الفلسطينية فاشلة سياسياً، وهو ما ظهر واضحاً في استيلاء حماس بالقوة على غزة في عام 2007. وعلى مدى العقود الماضية، كانت القوة الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية هي التي لعبت دوراً فعالاً في منع صعود حماس".

المشكلة ستتفاقم

حدثت مؤخرًا موجة من الإرهاب في جنين ونابلس. في هذه المناطق التي تكافح فيها السلطة الفلسطينية من أجل إرساء الحكم والحفاظ عليه، تواجه إسرائيل تحديات كبيرة. يقول دوستري إن حكم السلطة الفلسطينية يشوبه الفساد وعدم الاحترافية وانعدام السيطرة في العديد من المجالات، "ما يشكل تهديدًا مستمرًا لمواطني دولة إسرائيل. ومهم التأكيد على تحريض السلطة الفلسطينية المستمر ضد دولة إسرائيل ومواطنيها واليهود. ويمتد هذا إلى سياسة اقتصادية منهجية تحفز العنف ضد اليهود، كما يتضح من دفعات السلطة الفلسطينية لعائلات الإرهابيين".

بحسبه، وفي ضوء هذه العوامل، إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة لا تفشل في تقديم حل سياسي لغزة فحسب، بل تؤدي إلى تفاقم المشكلة. يقول: "إن اتخاذ مثل هذه الخطوة من شأنه أن يخاطر بتراجع إسرائيل في نهاية المطاف إلى دولة تذكرنا بوضعها قبل 7 أكتوبر 2023"، داعيًا إلى الاعتراف بالخطأ الجسيم والاستراتيجي المتمثل في الفصل المصطنع بين "الأمني" و"المدني" في غزة. يضيف: "هذا التقسيم معيب لأن الأمن الحقيقي سيكون بعيد المنال دون وجود مدني إسرائيلي مستدام على الأرض. ويثبت التاريخ أن في المناطق الخالية من المستوطنات اليهودية، انسحبت قوات الأمن الإسرائيلية في نهاية المطاف، ما أدى إلى تحويل تلك المناطق إلى قواعد إرهابية".

حرية العمل الأمني

يرى دوستري أن الاستيطان الإسرائيلي في غزة يقدم مزايا عدة، مثل تعزيز حرية العمل لقوات الأمن، وتحسين الحماية بإضافة قوات أمن مدنية، والحصول على صورة استخباراتية عالية الجودة وطويلة الأمد. بحسبه، ربما يتضمن التخطيط المعماري الاستراتيجي تقسيم المنطقة إلى أجزاء مختلفة، ما يسهل سيطرة قوات الأمن بشكل أفضل. ستوفر المستوطنات في غزة الدعم الحاسم والمساعدة الجسدية والروحية للجنود في الميدان الذين يفهمون الهدف من وراء وجودهم. يقول: "على إسرائيل أن تقاوم عودة مئات الآلاف من سكان غزة الذين تم إجلاؤهم إلى جنوب قطاع غزة. ينبغي بذل الجهود لتشجيعهم على الانتقال إلى سيناء. وقد يؤدي ضيق الوقت إلى تفاقم التوت بين سكان غزة على الحدود المصرية وقوات الأمن المصرية، ما قد ينتج تنازلات أو محاولات قسرية من جانب اللاجئين لدخول مصر بأي ثمن".

يرى دوستري أن هذا يقدم لإسرائيل فرصة تاريخية لتغيير التوازن الديموغرافي في المنطقة، وتصحيح المظالم الأخلاقية والإستراتيجية المرتبطة بخطة فك الارتباط لعام 2005 التي أخرجت حوالي 9000 مواطن إسرائيلي من منازلهم في غزة.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها أومير دوستري ونشرتها "جيروزاليم بوست"