الميليشيات الموالية لإيران تهدد إسرائيل من سوريا. يقول بشار الأسد إنه يؤيد الفلسطينيين، لكن من يصدقه؟

إيلاف من بيروت: يتحدث ناشطو المعارضة السورية عن مهزلة كبرى في القمة العربية الإسرلامية بالرياض، التي انعقدت أخيرًا بسبب الحرب الإسرائيلية في غزة: حضور رئيس النظام السوري بشار الأسد.

وبحسب موقع "دي دبليو" الألماني، قال رؤساء الدول والحكومات في الاجتماع الذي بادرت إليه الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، إن إسرائيل تنتهك القانون الإنساني الدولي، واتهموها بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين في قطاع غزة، كما انتقد الأسد اتفاقيات التطبيع المبرمة بين دول عربية عدة وإسرائيل.

إن ظهور الأسد بصفة السياسي المهتم بمعاناة المدنيين أمر يصعب على الناشطين السوريين تحمله، نظراً إلى الجرائم التي اقترفها خلال الحرب الأهلية السورية. ونسب موقع "دي دبليو" إلى سيلين قاسم، الناشطة ومسؤولة الاتصالات في قوة الطوارئ السورية ومقرها واشنطن، قولها: "يفوز خطاب الأسد في الرياض حول الوضع في غزة بجائزة اللحظة الأكثر نفاقًا في تاريخ العالم". أضافت: "من غير المحتمل أن يتحدث مجرم حرب له تاريخ مظلم عن هذه الأشياء".

وأشار إبراهيم زيدان، وهو صحافي وناشط من إدلب في غرب سوريا، إلى أن الأسد ذكر في خطابه القصف الذي يتعرض له أطفال غزة، وهو من قصف بالأسلحة الكيميائية مدينة خان شيخون في محافظة إدلب في عام 2017، مؤكدًا أن ضحايا الأسد لم يكونوا سوريين فحسب، "فقد هاجمت قوات الأسد الفلسطينيين الذين فروا إلى سوريا".

في عهد والد بشار، حافظ الأسد، لجأ عدد كبير من الفلسطينيين إلى سوريا، وصارت البلاد موطناً جديداً لنحو مليون منهم، حتى لو لم يتم تجنيسهم أبداً. كما عاش زعيم حماس خالد مشعل في المنفى في سوريا فترة طويلة.

غزة السورية

كانت العلاقة بين دمشق وحماس التي انبثقت من جماعة الإخوان المسلمين صعبة جدًا، بسبب المذبحة التي تعرض لها أنصار الجماعة في مدينة حماة في عام 1982، إذ قتل منهم النظام السوري بين 10 آلاف و30 ألفاً. في الوقت نفسه، صوّر نظام دمشق نفسه مراراً مدافعًا عن القضية الفلسطينية. وعندما تحولت الثورة السلمية إلى حرب أهلية دامية في عام 2011، تدهورت العلاقات مع الفلسطينيين، إذ رفضت حماس الوقوف إلى جانب الأسد، فانتقل مشعل إلى قطر حيث يقيم حتى اليوم.

في خلال الحرب الأهلية، تقول سيلين قاسم إن قوات النظام السوري استهدفت المدنيين الفلسطينيين في مخيم اليرموك الفلسطيني بدمشق، وكان فيه فلسطينيون معارضون للنظام. حينها، أغلقت قوات الأسد المنطقة وأوقفت تسليم المواد الغذائية والكهرباء والدواء وغيرها من المساعدات. وأطلق العديد من المراقبين في ذلك الوقت على مخيم اليرموك اسم "غزة السورية". وفي نهاية العام 2022، بعد عودة الأسد إلى الجامعة العربية، تصالحت حماس رسمياً مع نظام دمشق. لكن ثمة مؤشرات تدل على أزمة ثقة مستمرة بين الجانبين، بحسب ما كتب الباحث السياسي صامويل راماني من المعهد الملكي للخدمات المتحدة.

في قمة الرياض، دعا الزعماء العرب المحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق في "جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية" التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، فوقع الأسد على البيان الختامي. لكن، لا شيء يؤكد أن هذا القرار سيكون له عواقب ملموسة. قال راماني لموقع "دي دبليو": "أعرب النظام السوري عن تضامنه مع قطاع غزة، لكنه يتجنب التصعيد ضد إسرائيل. دمشق لا تريد المخاطرة السياسية والأمنية لنصرة حماس". أضاف راماني أن العمليات العسكرية من الأراضي السورية ضد إسرائيل "اقتصرت حتى الآن على قصف متقطع وهجمات صاروخية على مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل. هذه الأحداث تحدث منذ سنوات، وغالباً ما تتهم بها الميليشيات الإيرانية أو الموالية لإيران".

ضعيف وسلبي

من جهته، أطلق الجيش الإسرائيلي صواريخ على المطارات السورية في دمشق وحلب، ما أدى إلى تعطيلها مؤقتاً. وتقول تل أبيب إن هذا القصف يمنع تدفق المقاتلين أو الأسلحة من إيران. لكن إسرائيل لم تقم حتى الآن بأي محاولات للقضاء بشكل مباشر على المنشآت العسكرية السورية أو حتى الروسية في سوريا. مع ذلك، هاجمت الولايات المتحدة مؤخرًا القواعد الإيرانية في سوريا.

"النظام السوري لاعب ضعيف وسلبي، ولا يملك القوة العسكرية". هذا رأي جوزيف ضاهر، الخبير في الشأن السوري في معهد الجامعة الأوروبية. في الواقع، يسلم الخبراء في الشأن السوري بأن حكومة الأسد لم تكن قادرة على النجاة من الحرب الأهلية عسكريًا إلا بفضل الدعم العسكري الهائل من إيران وروسيا. وهذا أحد الأسباب التي ترجح ألا تقوم الحكومة السورية نفسها بأي عمل عسكري ضد إسرائيل. مع ذلك، يمكن الميليشيات الموالية لإيران الموجودة في البلاد أن تبادر إلى تنفيذ عمليات أكبر ضد إسرائيل، وهي في أي حال لا تأتمر بأمر الأسد.

في الوقت الحالي، وعلى الرغم من الهجمات والهجمات المضادة، يبدو أن أياً من الطرفين - الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة وإيران والجماعات المدعومة منها من جهة أخرى – لا يسعى إلى تصعيد إقليمي كبير، بحسب تحليل مجموعة الأزمات الدولية. لكن ، كلما طال أمد الحرب، زاد خطر حدوث ذلك.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "دي دبليو" الألماني