تواجه إسرائيل معضلة مؤلمة وربما مثيرة للجدل في المستقبل: بعد إيقاف الحرب في غزة مؤقتاً لأسباب إنسانية، كيف ستتمكن القوات الإسرائيلية من استئنافها لتحققي هدفها تدمير حماس؟
إيلاف من دبي: يقول ديفيد إغناتيوس في "واشنطن بوست" إن الاحتفال الإسرائيلي بالإفراج عن بعض الرهائن في الأيام الماضية لم يخف الحقيقة المرة. فقد قال أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين في مقابلة أجريت معه عشية سريان الهدنة: "إنه أمر حلو ومر"، مضيفًا: "في هذا الوقت، تركز إسرائيل على إطلاق سراح جميع النساء والأطفال البالغ عددهم 100". وسيكون أصعب كثيرًا توسيع نطاق الصفقة لتشمل أكثر من 100 من المدنيين والجنود. وربما يعني ذلك العودة إلى المعركة قريبًا.
يتابع المسؤول الإسرائيلي: "المرحلة التالية ستكون صراعاً عالي الحدة. فالجيش مصمم على الانتقال إلى المرحلة التالية من الحرب. فنحن لم نصل إلى مرحلة الاستقرار بعد. وهناك تصميم قوي جداً على أننا لم نعد قادرين على العيش مع وجود حماس في غزة".
لبّ المشكلة
بحسب إغناتيوس، هنا لب المشكلة. يقول: "ستسعى إسرائيل إلى استئناف عملياتها الهجومية في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط الدولية من أجل وقف دائم لإطلاق النار. ومن الأمثلة على ذلك المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، الذي قال للصحفيين الخميس الماضي في الدوحة: ’هدفنا هو أن تنتهي هذه الصفقة بهدنة دائمة‘".
يضيف إغناتيوس: "شاهدت إسرائيل وهي تواجه مرارا معضلات مماثلة في حروبها الماضية، وخصوصًا الضغط الدبلوماسي لوقف القتال قبل أن يكمل الجيش الإسرائيلي مهمته. في الحرب العربية - الإسرائيلية في عام 1973، حاصرت إسرائيل الجيش المصري الثالث على الجانب الشرقي من قناة السويس فتدخل وزير الخارجية الأميركي آنذاك هنري كيسنجر. وفي حصار بيروت في عام 1982، قاومت إسرائيل الدعوات المتكررة لوقف إطلاق النار قبل أن توافق أخيرًا على صفقة أميركية تسمح لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات بمغادرة المدينة مع قواته".
بحسبه، ربما تكون عملية الجرف الصامد في عام 2014 أبرز مثال على ما يقول. في 7 يوليو، غزت إسرائيل غزة لتدمير أنفاق حماس ووقف إطلاق الصواريخ، وتوسطت الولايات المتحدة ومصر لوقف مؤقت لإطلاق النار قصير الأمد في 1 أغسطس و10 أغسطس و13 أغسطس و19 أغسطس، قبل التوصل إلى هدنة دائمة في 26 أغسطس من ذلك العام.
أكثر تطورًا
يرى إغناتويس أن مقاتلي حماس ما زالوا متحصنين تحت الأرض، والعمليات العسكرية في شمال غزة لم تنته بعد، فيما العمليات في جنوب غزة فلم تبدأ بعد. ونقل عن مسؤول إسرائيلي ثان قوله إن شبكة أنفاق حماس "أكثر تطورا مما كنا نعتقد"، بعد اكتشاف ما لا يقل عن 600 فتحة نفق في الشمال وحده. ومحتمل أن تتضمن المرحلة التالية شن هجمات عنيفة على خان يونس ومعاقل حماس الأخرى في جنوب غزة.
لكن المسؤولين الإسرائيليين يأملون أن يتم خلال هذه المرحلة توفير المزيد من المساعدات الإنسانية الدولية لتخفيف معاناة المدنيين الفلسطينيين، والحد من الصور المروعة التي أثارت احتجاجات عالمية خلال الأسابيع الستة الأولى من الحرب.
يقول إغناتيوس: "مما لا شك فيه أن حماس ستستغل فترة التوقف للراحة وإعادة تنظيم صفوفها، وكذلك الأمر بالنسبة للجيش الإسرائيلي. لكن، بعد فترة التوقف، على إسرائيل أن تتخذ قرارات صعبة بشأن مستويات قوة الجيش المعبئة. بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر، استدعت إسرائيل نحو 300 ألف جندي احتياطي، وهو رقم غير مسبوق أدى إلى استنفاد المواهب الشابة في الاقتصاد الإسرائيلي بشدة. وقد يتم إعادة بعض جنود الاحتياط غير الضروريين إلى وظائفهم المدنية. إلا أن المسؤول الإسرائيلي الأول شدد على أن تدمير حماس يشكل مصدر قلق بالغ، مشيرًا إلى أن على إسرائيل أن تنتصر في هذه الحرب، من منظور اقتصادي أيضًا، بالنظر إلى أن تكاليف الحرب لا تذكر مقارنة بالفوائد طويلة المدى المتمثلة في عودة الناس إلى العيش بأمان".
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها ديفيد إغناتيوس ونشرتها "واشنطن بوست"
التعليقات