بغداد: قتل عنصر على الأقلّ من فصيل عراقي موالٍ لإيران إثر قصف أميركي فجر الثلاثاء، فيما نددت الحكومة العراقية بـ"فعل عدائي واضح" من الجانب الأميركي، في تطوّر يأتي وسط توتر إقليمي متصاعد مع الحرب بين اسرائيل وحركة حماس الفلسطينية.

وأعلنت الولايات المتحدة قصف ثلاثة مواقع في العراق تستخدمها فصائل موالية لإيران، غداة هجوم بطائرة مسيّرة استهدف قوات التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة الاسلامية والقوات الأميركية قرب مطار أربيل في شمال العراق، أدّى إلى إصابة ثلاثة عسكريين أميركيين بجروح.

ونددت الحكومة العراقية في بيان الثلاثاء بـ"استهداف مواقع عسكرية عراقية من قبل الجانب الأميركي"، معتبرةً أنه "فعل عدائي واضح وغير بنّاء".

وأشار البيان إلى أن القصف الذي أدّى إلى مقتل "منتسب" في القوات الأمنية و"إصابة 18 آخرين بينهم مدنيون" بجروح، يسيء "إلى العلاقات الثنائية بين البلدين" ويمثّل "مساساً مرفوضاً بالسيادة العراقية".

وأفاد مسؤول في وزارة الداخلية العراقية الثلاثاء وكالة فرانس برس بأن قصفاً استهدف موقعاً للحشد في مدينة الحلّة مركز محافظة بابل في وسط البلاد "أدّى إلى مقتل عنصر" في فصيل موالٍ لإيران، وإصابة "20 آخرين بجروح، بينهم من القوات الأمنية العراقية".

وأشار إلى أن موقعاً آخر تابعا لفصيل موال لإيران في محافظة بابل تعرّض لقصف أيضاً، بدون مزيد من التفاصيل.

وأضاف المصدر أن أربعة عناصر أصيبوا كذلك في قصف موقع تابع لفصيل موالٍ لإيران في محافظة واسط في جنوب العراق.

وأكّد مصدران أمنيان في بابل وفي واسط هذه الحصيلة.

وفي وقت لاحق الثلاثاء، شيّع العشرات المقاتل الذي قضى في هذا القصف، رافعين أعلام الحشد الشعبي، وصور نائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس والجنرال الإيراني قاسم سليماني اللذين قضيا بضربة أميركية في مطار بغداد قبل نحو أربع سنوات، كما شاهد مصور في فرانس برس.

ومن أمام مسجد في العاصمة، ردّد المشيعون حول النعش الذي لفّ بعلم الحشد الشعبي، هتافات "كلا كلا أمريكا" و"أمريكا الشيطان الأكبر".

ضربات "دقيقة"
أتى ذلك فيما أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أنّ "القوات المسلّحة الأميركية شنّت ضربات ضرورية ومتكافئة على ثلاث منشآت في العراق تستخدمها كتائب حزب الله وجماعات تابعة لها".

وأضاف أنّ "هذه الضربات الدقيقة هي ردّ على سلسلة هجمات ضدّ طواقم أميركية في العراق وسوريا شنّتها ميليشيات ترعاها إيران، بما في ذلك هجوم شنّته كتائب حزب الله التابعة لإيران وجماعات تابعة لها على قاعدة أربيل الجوية في وقت سابق من اليوم".

وتصنّف واشنطن منذ العام 2009 كتائب حزب الله كتنظيم إرهابي.

من جهتها، قالت المتحدّثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريين واتسون في بيان إنّ الهجوم على قاعدة أربيل الجوية أدّى لإصابة ثلاثة عسكريين أميركيين بجروح، أحدهم حالته خطرة.

وأضافت واتسون في بيانها أن "الأولوية القصوى" للرئيس الأميركي جو بايدن هي "حماية العسكريين الأميركيين من الأذى"، مشيرة إلى أنّ "الولايات المتّحدة ستتحرك في الوقت والطريقة اللتين نختارهما إذا ما استمرّت هذه الهجمات".

وفي وقت لاحق الثلاثاء، أفاد مسؤول عسكري أميركي مفضلاً عدم الكشف عن هويته، عن "إطلاق عدّة صواريخ ضدّ القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي في قاعدة الشدادي في سوريا" الثلاثاء. وأضاف أنه "لم تسجل أضرار في البنى التحتية أو إصابات". ولم يتمّ تبني هذا الهجوم بعد.

وتعرضت القوات الأميركية في العراق وفي سوريا لعشرات الهجمات منذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر أي بعد عشرة أيام من بدء الحرب بين حماس واسرائيل في غزة.

وتعكس تلك الهجمات التداعيات الإقليمية التي تسببت بها هذه الحرب. وتقول الفصائل الموالية لإيران إن هجماتها ضدّ القواعد الأميركية في الشرق الأوسط تأتي بسبب الدعم الذي تقدّمه واشنطن لإسرائيل.

توتر إقليمي
وتعليقاً على الضربات الأميركية الثلاثاء، ندّد هادي العامري القيادي في الحشد الشعبي وزعيم أحد الفصائل البارزة في الحشد، بالضربة الأميركية عبر منشور على قناته الرسمية في تلغرام، مطالباً "الحكومة العراقية" بـ"تحديد جدولٍ زمني لمغادرة هذه القوات" الأجنبية "في أقرب فرصة".

واعتبر أن "لا حاجة لوجود" تلك القوات، "بل إن وجودها بات يشكل عامل دمارٍ لبلدنا، وقتلٍ لأبنائنا".

قصفت واشنطن مرّات عدّة مواقع مرتبطة بالفصائل الموالية لإيران في العراق، آخرها مطلع كانون الأوّل/ديسمبر، أسفر عن مقتل خمسة عناصر من فصيل موال لإيران.

وأحصت واشنطن حتى الآن 105 هجمات ضدّ قواتها في العراق وسوريا منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر، وفق حصيلة أفاد بها المسؤول العسكري الأميركي.

وتبنّت معظم الهجمات على القوات الأميركية "المقاومة الإسلامية في العراق" التي تضمّ مقاتلين في فصائل مرتبطة بالحشد الشعبي، وهو تحالف لعدة فصائل مسلحة عراقية باتت منضوية في القوات الرسمية.

وتعرّضت السفارة الأميركية في بغداد في 8 كانون الأول/ديسمبر لهجوم بعدّة صواريخ لم يسفر عن ضحايا، لكنه الأول الذي يطال السفارة مذ بدأت الهجمات ضدّ القوات الأميركية وقوات التحالف الدولي. ولم تتبن أي جهة هذا الهجوم.

وأعلنت الحكومة العراقية عن توقيف عدد من الضالعين في الهجوم على السفارة الأميركية وقالت إن عدداً منهم "على صلة ببعض الأجهزة الأمنية".