وُلِد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في 19 أغسطس/آب عام 1966 في قرية عارورة الواقعة شمال غرب مدينة رام الله، ودرس الشريعة في جامعة الخليل.
والتحق "صالح محمد سليمان خصيب" بعمر مبكر بجماعة الاخوان المسلمين، ثم انضم -حينما كان في بدايات العشرينيات- لكوادر حركة المقاومة الإسلامية حماس بعد أشهر من انطلاقها عام 1987، وشارك في تأسيس جناح القسام العسكري في الضفة الغربية بين عامي 1991-1992.
وفي هذا السياق، يقول عصمت منصور -الذي أمضى عشرين عاما في السجون الإسرائيلية- لبي بي سي إنه أمضى سنوات طويلة في السجن برفقة صالح العاروري منذ عام 1994، ووصفه بأنه "شخص ذكي.. هادئ.. لا يتحدث كثيرا.. كان يفكر بطريقة استراتيجية ومنظمة.. ويتمتع بحس أمني مرتفع".
ويقول منصور إن العاروري أمضى معظم سنوات سجنه الطويلة ضمن الاعتقالات الإدارية ودون محاكمة لأن "التهم لم تكن تثبت عليه".
وبحسب التقارير فقد أفرج عن العاروري -بعد أكثر من عقد على اعتقاله- في عام 2007، لكن إسرائيل أعادت اعتقاله حتى أفرج عنه عام 2010.
وفي هذا السياق يقول منصور إن العاروري أدى من داخل السجن دورا محوريا وهاما في قيادة صفقة مفاوضات تبادل الأسير جلعاد شاليط، التي أفرج بموجبها عن 1027 معتقلا فلسطينيا من بينهم رئيس حركة حماس الحالي في غزة، يحيى السنوار.
يقول منصور: "اجتمع العاروري والسنوار بقيادات حماس في سجن النقب.. وحسموا تفاصيل الصفقة النهائية.. إذ كان فيها عقبات أمام قيادات الحركة في الخارج.. ثم أفرج عنه قبل إتمام الصفقة بشهور.. ربما لإعطائه مجالا في إتمام ترتيبات صفقة التبادل"
وبعد ذلك، قضت المحكمة العليا الاسرائيلية بإبعاد العاروري عن الأراضي الفلسطينية، حيث انتقل إلى سوريا -التي خرج منها بعد تطورات الحرب السورية- منتقلا إلى تركيا.. وصولا إلى الضاحية الجنوبية في لبنان معقل حزب الله الأبرز في بيروت.
وانتخب صالح العاروري عام 2010 عضوا في المكتب السياسي لحماس، ثم انتخب نائبا لرئيس الحركة عام 2017، وهو ما نُظر إليه حينها على أنه تأكيد من حماس على خطها القتالي ضد إسرائيل، وذلك باختيار شخصية تقود العمل العسكري في الضفة، ومقربة من إيران، في ثاني أرفع منصب في الحركة.
وبعد أيام قليلة من انتخابه، زار العاروري طهران، والتقى علناً بعد فترة وجيزة بزعيم حزب الله، حسن نصر الله، وفقاً لتقارير إخبارية فلسطينية في ذلك الوقت.
كما انتخب العاروري رئيسا لحركة حماس في الضفة عام 2021.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد الهجوم الذي قادته حماس وأدى إلى مقتل أكثر من 1200 شخص في إسرائيل، ظهر العاروري وهو يجتمع مع نصر الله، والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية زياد النخالة.
وناقش الثلاثة آليات "تحقيق النصر الشامل ووقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية"، حسبما نقلت قناة المنار، التابعة لحزب الله.
ولطالما كان صالح العاروري على رأس المطلوبين لإسرائيل، إذ يوصف بـ "مهندس" الهجمات في الضفة الغربية المحتلة ضد الجنود الإسرائيليين والمستوطنين، وإطلاق الصواريخ من غزة ولبنان، كما أن الإعلام الإسرائيلي وصفه بـ كابوس إسرائيل وعرّاب العلاقات مع إيران وحزب الله، وهو مدرج على قائمة الإرهابيين الدوليين الأمريكية.
ويذكر أن القوات الإسرائيلية هدمت منزل العاروري الواقع في بلدته العارورة بالضفة الغربية نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما اعتقلت عشرين شخصاً بينهم شقيقه وأبناء شقيقه.
وعن سياق اغتيال نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري، يقول مدير مجموعة ريماركس لتحليل العنف السياسي مراد بطل الشيشاني، إنه رغم عدم تبني إسرائيل للعملية، إلا أن كل الأصابع تتجه نحو إسرائيل، فاغتيال العاروري يعبر عن تحول نوعي في العمليات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية، التي يبدو أنها على أبواب مراحل عملياتية جديدة في غزة.
ويقول الشيشاني لبي بي سي، إن اغتيال صالح العاروري الذي يمثّل همزة الوصل بين حزب الله وحماس، يُذكر بكثير من عمليات الاغتيال التي نفذتها إسرائيل ضد أشخاص ذوي أدوار عملياتية هامة، مثل محمود المبحوح في دبي عام 2010، والمهندس محمد الزواري في تونس عام 2016.
ويقول مدير مجموعة ريماركس لتحليل العنف السياسي إن ما حدث يأتي في سياق عاملين أساسيين، الأول: استهداف قيادات حماس القريبة من إيران، والثاني: استهداف القيادات التي ما زال لها دور عملياتي بارز.
ويضيف الشيشاني: "إسرائيل لديها قناعة دائما منذ اغتيالها أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي بأن ضرب القيادات يؤدي لتفكيك هياكل المجموعات المسلحة.. كما أن هذه العملية تُعبر عن رسالة لحزب الله في الضاحية الجنوبية.. إذ تُذكّر بعمليات مشابهة كاغتيال رضى موسوي قبل أيام في دمشق.. وقبلها عماد مغنية، أيضا في دمشق.. وهذا يأتي في سياق استهداف قيادات حماس ضمن حواضنها الخارجية.. ما يعني التعامل مع غزة كملف خارجي.. وبالتالي تولي الموساد دفة القيادة في التنفيذ والبحث عن صفقة".
ويُشار إلى أن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري رفض التعليق على استهداف مكتب حركة حماس في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، والذي أسفر عن مقتل القيادي في الحركة صالح العاروري وقائدين من كتائب القسام.
التعليقات