يدور استعراض الصحف الأجنبية والعربية اليوم على محور واحد، وهو مساعي الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لوقف إطلاق النار في غزة حتى بعد استخدام واشنطن لحق النقض، وموقف إسرائيل من مساعيه تلك، وموقف كتاب فلسطينيين وعرب مما حدث في مجلس الأمن.
ونبدأ بما كتبه المحرر الدبلوماسي لصحيفة الغارديان البريطانية، باتريك وينتور، عن تعهد "الأمين العام للأمم المتحدة بمواصلة السعي لوقف إطلاق النار في غزة رغم الفيتو الأمريكي".
"لن أستسلم"
وجاء تعهد غوتيريش في خطابه في منتدى الدوحة في قطر، الذي لم ينتقد فيه الولايات المتحدة بشكل مباشر، لكنه قال إن مجلس الأمن "مشلول بسبب الانقسامات الجيواستراتيجية"، مضيفا أن المؤسسات العالمية "ضعيفة وعفا عليها الزمن، ولما تزل عالقة في فترة زمنية مضى عليها 80 عاما".
وأوضح غوتيريش سبب استخدامه للمادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، فقال "حثثت مجلس الأمن على الضغط من أجل تجنب وقوع كارثة إنسانية. للأسف، فشل مجلس الأمن في القيام بذلك، لكن، لن استسلم".
وأضاف أن قرار الأمم المتحدة، الذي صدر سابقا ويدعو إلى تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية، لا يُنفّذ، مما يضعف مصداقية الأمم المتحدة.
الشباب الفلسطيني يهتم "بحقوقه أكثر من حل الدولتين"
وينقل الكاتب عن بعض وزراء الخارجية العرب اعتقادهم بأن الزخم لوقف إطلاق النار قد لا يتزايد إلا قبل شهر رمضان في بداية مارس/آذار.
كما يروي عن وزير الخارجية القطري عدم تخليه عن المفاوضات لتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين، وهو الشرط المسبق الذي وضعته إسرائيل والولايات المتحدة لوقف إطلاق النار.
وينقل عن رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، "وجوب فرض عقوبات على إسرائيل"، مشتكيا من "تباطؤ المحكمة الجنائية الدولية في النظر في مسألة الاحتلال الإسرائيلي".
وكتب المحرر عن دعوات - وردت أثناء اجتماعات جانبية - لتجاوز قيادة السلطة الفلسطينية الحالية، لأنها "فقدت كل مصداقيتها. وكان الشباب الفلسطيني مهتما بحقوقه أكثر من الاهتمام بحل الدولتين".
"حل الأمين العام للأمم المتحدة خاطئ"
وننتقل إلى مقالة نيفيل تيلر في صحيفة جيروسالم بوست الإسرائيلية، التي كانت تحت عنوان: "حل الأمين العام للأمم المتحدة خاطئ".
ويتهم الكاتب فيها غوتيريش بأنه "مد طوق النجاة لحماس بالمطالبة بوقف إطلاق النار، وكان ينبغي له أن يحث مجلس الأمن على تشجيع زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع".
حل غوتيريش "غير مفهوم"
ويقول نيفيل تيلر إن "غوتيريش كان محقا في لفت الانتباه إلى الظروف المعيشية القاسية والمتدهورة داخل قطاع غزة، لكن الحل الذي اقترحه – وهو تصويت مجلس الأمن لصالح وقف إطلاق النار- غير مفهوم لأسباب عملية".
ويرى أن تعريف "وقف إطلاق النار" عالميا هو أنه اتفاق بين قوتين مسلحتين لوقف القتال، ولا يستطيع مجلس الأمن أن يفرض ذلك... يمكن للأمم المتحدة أن تطلب من إسرائيل، وهي عضوة ذات سيادة، إلقاء أسلحتها من جانب واحد، ولكن ما هو التأثير الذي يتمتع به مجلس الأمن على حماس؟"
ويفسر الكاتب سعي غوتيريش بأنه كان يريد أن "توقف إسرائيل جهودها للقضاء على حماس... والاحتفاظ بسيطرتها (لحماس) على قطاع غزة، والاستمرار في نيتها المستمرة لتدمير إسرائيل إلى أجل غير مسمى".
ويقترح على الأمين العام، بدلا من مد طوق النجاة لحماس عن طريق وقف إطلاق النار، أن يحث مجلس الأمن على تشجيع زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع".
ويقول إنه "من الممكن إنشاء وكالة خاصة تابعة للأمم المتحدة، تتولى تنسيق جهود الأمم المتحدة، والحكومات، والوكالات غير الحكومية، والجمعيات الخيرية، لتقديم إغاثة معززة إلى حد كبير للسكان المدنيين، وتكون كافية لتلبية احتياجاتهم".
ويرى أن "عمل هذه الوكالات يحتاج إلى تنسيق، حتى يتسنى رفع تدفق المساعدات إلى المستوى المطلوب. وينبغي على غوتيريش أن يكرّس جهوده هنا".
ويضيف الكاتب أنه كان على غوتيريش أيضا أن "يحث مجلس الأمن على مطالبة حماس والجماعات 'الإرهابية' المتحالفة معها بالإفراج عن جميع الرهائن على الفور؛ ولعل كلمة منه، يمكن أن تساعد في إطلاق سراحهم".
وينحي الكاتب في نهاية مقالته باللوم على حماس في حرمان سكان غزة من الازدهار، فيقول: "كلما تمكن الجيش الإسرائيلي من إنهاء مهمة تقويض حماس وحلفائها بشكل أسرع، كلّما تمكن سكان غزة بشكل أسرع من اتخاذ الخطوات الأولى نحو التعافي ونحو مستقبل خال من التأثير المؤلم للجماعة الإسلامية، التي حرمتهم من الحرية والازدهار لمدة 17 عاما".
"شعب مصمّم على الصمود"
وفي صحيفة "الأيام" الفلسطينية نقرأ مقالة لطلال عوكل يقول فيها إن "مؤسّسات الأمم المتحدة.. صُممت، وبلورت آليات عملها بما يخدم مراكز القوّة الاستعمارية القديمة والجديدة"، وأن الولايات المتحدة الأمريكية هي من يتحكّم في أداء المؤسّسة الدوليّة، وتعيين أمينها العام، طالما أنّها، أيضا، صاحبة المساهمة المالية الأكبر في موازنة الأمم المتحدة".
ويقول إن تاريخ هذه المؤسّسة "يشهد أنّ الولايات المتحدة هي أكثر دولة على الإطلاق استخدمت حق الفيتو، حين يتعلّق الأمر بقرارات لا تتّفق ومصالحها واستراتيجياتها، ومصالح حلفائها".
وهي بذلك، بحسب ما يقوله، "أكّدت أنّها هي المسؤولة عن الجرائم التي ترتكبها فرقتها المتقدّمة المعروفة باسم إسرائيل. في واشنطن يتخذ القرار، والإسرائيلي ينفّذ، ومن واشنطن تقدم الأسلحة والقذائف وأدوات القتل والتدمير".
ويستنتج من ذلك "إذا هي العدوّ الأوّل للشعب الفلسطيني ..".
ثم يقول إن الإدارة الأمريكية "تدرك مدى خطورة الأوضاع في غزة، لكنها لا تخجل حين يتعلّق الأمر بمصالحها وأهدافها وتبريرها القبيح أنّ وقف الحرب يزرع بذور حرب جديدة".
وبالرغم من الصورة القاتمة للأوضاع في غزة، كما يصفها عوكل، فإنه يؤكد وجود "شعب مصمّم على الصمود، ومصمّم على تحقيق أهدافه التحرُّرية، وهو قادر على بناء الحياة مرّة أخرى".
ويرى الكاتب أن الدمار الذي يتعرض له قطاع غزة لن يتوقف عند القطاع، بل سيصيب أيضا "الدولة الأعظم وحلفاءها المنخرطين في الحرب".
ويقول إن الأمريكيين يعترفون بأنّ صورة بلادهم "تضرّرت كثيرا على المستوى الخارجي، وأنّ إدارتها تضرّرت صورتها، وشعبيّتها على المستوى الداخلي".
ويرى في ذلك مؤشّرات على "تغيير النظام العالمي".
ويتساءل عوكل: "وماذا عن إسرائيل؟"، ويقول إن الكل فيها الآن موحد تحت "قيادة الحرب"، لكن تنتظرهم بعد توقفها، كما يقول، "أزمة .. مرشحة للتعمق".
حق الفيتو "رخصة للقتل"
ونختتم جولتنا بمقالة سمير عطا الله في صحيفة الشرق الأوسط، التي كانت تحت عنوان: "الناقض كل شيء".
ويقول الكاتب إن "الفيتو"، نقيض لفكرة الأمم المتحدة من أساسها، وتكريس للديكتاتورية، واحتقار للضعيف، وتدمير لمبدأ الإغاثة".
وهو "عملية طبقية واستخدامه، أو بالأحرى وجوده، إلغاء لفكرة مجلس الأمن وصلاحياته"، وهو "رخصة للقتل"؛ إذ يعطي "رخصة متكررة إلى حين انتهاء إسرائيل من تسوية الركام بالركام في غزة".
ويقول: "لعل الصين تقود الحملة لإلغاء هذه الممارسة العقيمة. العالم بحاجة إلى فكر جديد يدير قضاياه".
"هيروشيما أخرى"
ويقول الكاتب إن "ما تحاول إسرائيل أن تفعله هو هيروشيما أخرى تماماً، ولكن من دون سلاح نووي. وفي اعتقادها أنه كما أرغمت هيروشيما اليابان على الاستسلام، سوف تستسلم غزة أيضا".
التعليقات