بات غابرييل أتال (34 عاما) الذي عيّنه إيمانويل ماكرون الثلاثاء رئيسا للوزراء، أصغر رئيس حكومة في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة بعد صعوده المذهل وبروزه كأكثر الشخصيات شعبية في معسكر الرئيس الفرنسي.
وتنتظر أتال تركة ثقيلة بعد أن صدع -تبني إصلاح أنظمة التقاعد وقانون الهجرة- الأغلبية الرئاسية.

ويبدو أن بعض الصحف الفرنسية والسياسيين يرون شبهًا بين أداء أتال وماكرون بحيث أُطلِقَت عليه عدة ألقاب أبرزها "ماكرون الجديد، رجل السلطة، وماكرون جونيور".

شابٌ ناجح
ولقد نجح هذا الشاب أن يفرض نفسه في سن الرابعة والثلاثين، كخليفة لإليزابيث بورن في رئاسة الحكومة، وفقًا لصحيفة "لوبوان" الأسبوعية التي أسمته بـ"ماكرون الجديد".

وبالنسبة إلى نصف الفرنسيين، أتال هو الشخصية الأكثر شعبية في الحكومة وفي الأغلبية الرئاسية. ولقد كان أصغر وزير للتربية وأصبح أول رئيس حكومة فرنسي يجاهر بمثليته الجنسية.

ويأتي تعيينه بينما يواجه ماكرون في ولايته الثانية من خمس سنوات صعوبات كبيرة. فبدون أغلبية في الجمعية الوطنية وفي مواجهة صعود اليمين المتطرف، يبذل الرئيس الفرنسي جهودا شاقة من أجل إعطاء دفع لولايته الثانية.

تركة ثقيلة
ترك تبني إصلاح أنظمة التقاعد المؤلم والمثير للجدل ومؤخرا قانون الهجرة المدعوم من اليمين القومي والذي صدع الأغلبية الرئاسية، أثرا سلبيا كبيرا.
وغابرييل أتال قادم من حركة المؤيدين الشباب لدومينيك ستروس الذي كان أحد أبرز شخصيات اليسار قبل سقوطه على أثر اعتقاله بتهمة اعتداء جنسي في 2011 في نيويورك. فأصبح أتال من أوائل الاشتراكيين الذين انضموا إلى إيمانويل ماكرون عندما أسس في 2016 حزبه "إلى الأمام!" الذي كان نقطة انطلاقه إلى الرئاسة.

معروف لدى الرأي العام
بعد فوز ماكرون في 2017، انتخب أتال، وهو ابن منتج سينمائي درس على مقاعد المدرسة الألزاسية الراقية في باريس، نائبا في معقل اليمين في أو-دو-سين، إحدى ضواحي باريس.

وفتح له ذلك باب دخول الحكومة من باب صغير عندما كُلف حقيبة سكرتير الدولة للشباب وتميز بـ"قدرته على العمل" و"حسه السياسي"، بقدر ما أثبت طموحه. واعترف في ذلك الوقت بوضوح "لو منعت نفسي من القيام ببعض الأمور لما كنت على الأرجح حيث أنا اليوم".

في تموز/يوليو 2020، تساءل رئيس الوزراء آنذاك جان كاستيكس "هل وجدنا ما نشغّل به الشاب غابرييل من جديد؟".
في البداية، شغل أتال منصب المتحدث الرسمي باسم الحكومة وقام بهذه المهمة بمهارة خلال أزمة كوفيد-19. وفرض نفسه واحدا من أعضاء الحكومة القلائل الذين أصبحوا معروفين لدى الرأي العام.

"رجل السلطة"
بعد إعادة انتخابه في 2022، عرض عليه إيمانويل ماكرون حقيبة الميزانية إذ سمحت له سهولة تعامله مع وسائل الإعلام بأن يكون من الوزراء النادرين الذين أرسلوا إلى الخطوط الأمامية للدفاع عن إصلاح أنظمة التقاعد الذي لا يحظى بشعبية.

ولم يمضِ وقت طويل حتى وصلت المكافأة الجديدة: وزارة التربية الوطنية المرموقة، اعتبارا من تموز/يوليو 2023.
وبين تصريحاته حول "صدمة المعرفة" و"مدرسة الحقوق والواجبات" وتبنيه موقفا لصالح فرض زي رسمي ومنع العباءة في المدرسة، أصبح الوزير الشاب موجودا في كل مكان ويشغل ساحة الإعلام، مثيرا إعجاب كبار السن الذين يشكّلون قلب الناخبين المؤيدين لماكرون.

انتقادات
قبل أسابيع، عبرت مستشارة حكومية عن استغرابها لهذا الحماس لـ"رجل السلطة" هذا الذي يثير سخرية حتى بين مؤيديه بسبب "اعتداده بتفوقه".
واعتبرت زعيمة كتلة اليسار الراديكالي ماتيلد بانو أنه "ماكرون جونيور متخصص بالغطرسة والازدراء".