بعد ثلاثة أشهر من اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس التي أدّت مؤخراً إلى انخفاض عدد الصواريخ التي تطلقها الحركة، تشير دعايتها الخاصة إلى ضعف إنتاج الأسلحة التي تحتاجها

إيلاف من دبي: استقبلت "حماس" العام الجديد بإطلاق 30 صاروخاً تقريباً من غزة على إسرائيل. وبينما تواصل حماس نشر مقاطع فيديو دعائية تفتخر فيها بترسانتها الصاروخية، انخفض عدد الصواريخ التي تطلقها من 75 صاروخاً في اليوم في أوائل ديسمبر إلى 14 صاروخاً في اليوم بحلول نهاية الشهر، بحسب مقالة كتبها ماثيو ليفيت، ونشرها موقع "معهد واشنطن".

واستهدف الجيش الإسرائيلي ببطء ولكن بشكل منهجي خط إنتاج الأسلحة المنظم الذي طورته "حماس" على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية والتي تمتعت خلالها بملاذ آمن في قطاع غزة.

حماس تملك الخبرة
يقول ليفيت: "تملك حماس خبرة في تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، وإعادة تدوير الذخائر غير المنفجرة، وإنتاج مجموعة واسعة من الأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى. ومع نمو المجمع الصناعي العسكري التابع للحركة، تفاخرت بوضع شعاراتها على هذه الأسلحة. ولا يشكل وسم حماس سوى إحدى علامات تطور نظام إنتاج الأسلحة التابع للحركة وإضفاء الطابع المؤسسي عليه على مر السنين".

لكن بعد اقتحام حدود غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، يجري بشكل منهجي تفكيك ترسانة أسلحة "حماس" وقدراتها على إنتاج الأسلحة، إلى جانب بنيتها التحتية العسكرية الحيوية الأخرى. فقد تم إيلاء قدر كبير من الاهتمام للجهود الإسرائيلية الرامية إلى تدمير نظام أنفاق "حماس"، أو "مترو غزة" كما يسميه الإسرائيليون. لكن خسارة المجمع الصناعي العسكري لا تقل أهمّية عن توجيه ضربة للحركة، التي تعهدت بتنفيذ هجمات إضافية على غرار تلك التي شُنت في 7 تشرين الأول/أكتوبر إلى أن يتم تدمير إسرائيل.

بحسب ليفيت، في السنوات التي أعقبت سيطرة "حماس" على قطاع غزة من حركة "فتح" في عام 2007، بنت "حماس"، التي استخدمت المدنيين في غزة كدروع بشرية، مجمعاً صناعياً عسكرياً ضخماً فوق الأرض وتحتها. فقد قامت "حماس" بتصنيع بندقية القنص "الغول" وذخائرها محلياً في غزة، وطبعت "القسام 12.7" على أغلفة الرصاص و"بندقية القنص الغول القسامية" على السلاح، الذي سُمّي على اسم المهندس الراحل عدنان الغول.

تصنيع طائرات ومسيرات
خلال الأسابيع القليلة الماضية، عثرت القوات الإسرائيلية على منشآت تابعة لـ"حماس" لتصنيع الطائرات بدون طيار والصواريخ. ومعظم هذه الصواريخ هي قصيرة المدى من نوع "القسام"، يشوبها عموماً خلل في الإطلاق وتسقط داخل غزة. وبدءً من عام 2014، نشرت "حماس" مقطع فيديو لصاروخ "أم-75" المنتج محلياً، والذي يحمل اسم الناشط في الحركة إبراهيم المقادمة ويبلغ مداه المعلن 75 كيلومتراً. ولطالما قامت "حماس" بإعادة استخدام أنابيب المياه المستوردة للبنية التحتية الحيوية مثل محطة تحلية المياه في غزة، لتصنيع هذه الصواريخ. كما أنتجت "حماس" أيضاً صواريخها الخاصة من طراز "آر بي جي-7 في آر" و"آر بي جي-29" ورؤوساً حربية حرارية وقنابل يدوية، بحسب ما يقول ليفيت.

كما قامت "حماس" أيضاً بتهريب الأسلحة إلى غزة على مدى سنوات عديدة - من بينها أسلحة إيرانية وسورية وصينية وكورية شمالية وروسية - وجميعها تقريباً زوّدتها إيران. وكان الكثير من بنادق الكلاشنكوف وقذائف "آر بي جي" التي استخدمها مهاجمو "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر، قديمة وتم تهريبها على الأرجح إلى غزة على مدى فترة طويلة من الزمن. وعلى مر السنين، تم اعتراض العديد من سفن تهريب الأسلحة، مثل "كارين-أ" في عام 2002 و"كلوس-سي" في عام 2014، ولكن يُفترض أن سفن أخرى نجحت في نقل الأسلحة إلى "حماس". ولسنوات عديدة، قامت "حماس" بتهريب الأسلحة إلى غزة عبر الأنفاق من مصر.

قدرات عسكرية
يقول ليفيت: "كانت حماس تفتخر بقدراتها العسكرية، وكما هو الحال مع معظم الجيوش الوطنية، فقد وسمت كل عتادها تقريباً بشعارها الخاص. لقد رأيتُ الكثير من الأمثلة على السلع العسكرية لـ "حماس" عندما زرتُ مؤخراً قاعدة عسكرية إسرائيلية تعرض بعض أسلحة الحركة ومركباتها وغيرها من المعدات. ويعود معظم هذه المعدات إلى المهاجمين الذين نفذوا مجزرة 7 تشرين الأول/أكتوبر، في حين جاء بعضها من مخزونات حماس التي تم اكتشافها أثناء التوغل العسكري الإسرائيلي في غزة في أعقاب المجزرة. وما رأيته هو أنظمة توجيه الصواريخ، وحقائب الظهر، ومعدات طبية تابعة لحماس، وغير ذلك. وحتى لوحات الذاكرة الرقمية الخاصة بوحدات التحكم بقاذفات الصواريخ كانت تحمل شعار حماس".

يضيف: "في الأسابيع التي أعقبت مجزرة 7 تشرين الأول/أكتوبر، صادر الجيش الإسرائيلي كمية كبيرة من الأسلحة ودمر مصانع وورش الأسلحة التابعة لحماس في غزة. وبينما يناقش الخبراء مدى فعالية الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد الحركة في غزة، وما إذا كان بإمكان إسرائيل تحقيق أهدافها العسكرية غير الواضحة أحياناً هناك، يمكن التأكيد على نقطة واحدة، وهي أن القوات الإسرائيلية تقوم بشكل منهجي بتدمير المجمع الصناعي العسكري التابع لحماس".

دعاية حماس نفسها
حتى الدعاية الخاصة بـ "حماس" تشير إلى ضعف قدرات الحركة على إنتاج الأسلحة بعد مرور ثلاثة أشهر على اندلاع الحرب. وفي الأسبوع الماضي، نشرت "حماس" مقطع فيديو لطائرة إسرائيلية مسيرة من طراز "سكاي لارك-2" زعمت أنها استولت عليها في شمال قطاع غزة.

ويُظهر الفيديو إعادة تجميع الطائرة المسيرة، التي وُضعت فوق علم "حماس"، بينما يقوم مصور الفيديو بتكبير الملصقات العسكرية الإسرائيلية التي تشير إلى انتماء طائرة "إلبيت" المسيرة إلى "الجناح المركزي العاشر" للقوات البرية في الجيش الإسرائيلي. ويشير ملصق آخر إلى أنه تم نشر الطائرة المسيرة في إطار الحملة العسكرية "السيوف الحديدية 3.1" في غزة. وإلى جانب هذه الملصقات أضافت "حماس" علامتها الخاصة التي تعيد تسمية الطائرة المسيرة على أنها مملوكة للفرع العسكري لـ "حماس".

يختم ليفيت مقالته بالقول: "كانت حماس تنتج طائرات مسيرة خاصة بها. أما اليوم فأفضل ما يمكنها فعله هو وضع علامة الحركة على طائرة مسيرة إسرائيلية سقطت فوق قطاع غزة".

المصدر: "معهد واشنطن"