ما هو حجم الضرر الاستراتيجي والفني الذي ألحقته ضربات جماعة حزب الله بالجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان؟

إيلاف من بيروت: في أربعة أيام، نفذ حزب الله هجومين ناجحين وكبيرين بطائرات بدون طيار على مواقع إسرائيلية في شمال غسرائيل. في 6 يناير، استهدف قاعدة مراقبة حركة المرور التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي على جبل ميرون، وفي 9 يناير، استهدف مقر القيادة الشمالية في صفد.

ساهمت أخطاء تكتيكية جسيمة في نجاح الهجومين، رغم أن تأثير الهجوم الأخير كان طفيفا.

وبعد ذلك، تم إطلاق صاروخ مضاد للدبابات على موشاف كفار يوفال، ما أسفر عن مقتل ميرا أيالون، 79 عامًا، وابنها باراك، 45 عامًا.

من الناحية التكتيكية، تعرضت منشأة القوات الجوية لهجوم حزب الله من قبل، وهي قريبة بما يكفي من الحدود بحيث كان ينبغي عليها الاستعداد لمواجهة تهديد صاروخي مضاد للدبابات، لكنها لم تستعد إلا لتهديدات الصواريخ بعيدة المدى.

مقوّس أو مستقيم
وفي تلك المنطقة، توفر القبة الحديدية التغطية، لكنها لا تُسقط إلا صواريخ على علو مرتفع وفي مسار مقوس، فيما تطير الصواريخ المضادة للدبابات على علو منخفض وفي خط مستقيم، لتستهدف مركبات مدرعة ثقيلة، لكنها يمكن أن تدمر اي منزل بسهولة.

يملك الجيش الإسرائيلي نظام دفاع يمنع مثل هذه التهديدات، لكنه لم ينشر دفاعات تشمل قاعدة عسكرية كاملة. وكل هذا يؤثر في قدرات سلاح الجو الإسرائيلي والكشف الاستخباراتي.

علمت "جيروزاليم بوست" أن لدى الجيش الإسرائيلي فائض عن الحاجة من مشغلي المراقبة، وموارد المراقبة المتنقلة، والمقاتلين الذين يقومون بعمليات جمع المعلومات الاستخبارية.

قبل أعوام، كانت كتيبة التجميع القتالية تتألف من نحو 750 جندياً، مع 100 جندي للاستدعاء في حالات الطوارئ، وربما كان لديها أكثر من ذلك في منتصف الحرب الحالية، حيث تم استدعاء كامل الاحتياطي العسكري البالغ 360 ألف جندي في أكتوبر. في السنوات الأخيرة، تم بالفعل استخدام الرادارات، وهي أكثر تقدمًا من أنظمة الكشف البصري وقادرة على الرؤية من خلال أوراق الشجر. النظام الرئيسي هو نظام المراقبة الأرضية MARS من شركة Elbit، والذي يتكون من كاميرات مراقبة بمدى مختلف وبدقة مختلفة.

كذلك، علمت الصحيفة أن هناك أنظمة مراقبة وكشف متنقلة أخرى على الأرض منشورة في أجزاء من الشمال. ومع ذلك، فإن أنظمة المراقبة الأرضية لها قيود. ويمكن استخدام المقاتلة الشبح F-35 للمراقبة على أي جبهة تحتاجها إسرائيل، سواء من مسافة قريبة أو بعيدة.

ترى دمشق
لم يقدم الجيش الإسرائيلي إحصائيات الطائرات بدون طيار للحرب الحالية لأكثر من 100 يوم، لكن في الفترة من 9 إلى 13 مايو 2023، سجلت الطائرات العسكرية بدون طيار أكثر من 4000 ساعة من التحليق فوق غزة خلال عملية استمرت خمسة أيام ضد حركة الجهاد الإسلامي. وهناك أيضًا أسطول كامل من طائرات التجسس القديمة المزودة بأنظمة مراقبة محدثة، والتي يمكن بعضها الرؤية لمسافة تصل إلى 100 كيلومتر، أي يمكنها أن ترى دمشق من الجانب الإسرائيلي من الجولان، من دون الحاجة حتى إلى دخول المجال الجوي السوري.

قال ضابط إسرائيلي للصحيفة إن طائرات وحدته لديها "مراقبون معززون يقومون بجمع المعلومات الاستخبارية لبنك الأهداف للجيش الإسرائيلي، لمراقبة الاستخبارات بشكل عام ومجموعة متنوعة من العمليات الخاصة".

اضاف أن أحد الجوانب الجديدة لهذه الوحدة هو الآتي: "في بعض الأحيان يجلس معنا ممثل عن القوات البرية في الطائرة. في وقت سابق، كان الممثل يقدم إحاطة حول ماهية مهمته، وما يخشى حدوثه، وما يريد أن تجمعه الطائرة من معلومات استخبارية".

بالذكاء الاصطناعي
في أغسطس الماضي، قالت شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI) إن طائرتها MAR2 Oron يمكن أن تكون جاهزة للعمل في الأشهر التالية. ورفض الجيش الإسرائيلي الإجابة عما إذا كانت الطائرة قيد الاستخدام حاليًا. إذا كان الأمر كذلك، فإنها تمزج العديد من الجوانب المادية لطائرة Gulfstream G550 الأقدم مع مجموعة من التقنيات المثبتة حديثًا. ومن المقرر أن يقوم السرب الجوي رقم 122 بتشغيل الطائرة.

يمكن هذه الطائرة تحمل الظروف الجوية القاسية، وهو ما قد يكون مهمًا لمحاربة حزب الله في الشتاء. كما تتميز بثماني محطات عمل لمشغلي جمع المعلومات الاستخبارية، وأجهزة استشعار متعددة المجالات، وقدرة على مستوى أعلى من الذكاء الاصطناعي لتنسيق مدخلات الذكاء المتعددة ومشاركتها بشكل منهجي. يعرف هذا الذكاء الاصطناعي أيضًا كيفية تركيز المزيد من الاهتمام على المعلومات الاستخبارية القابلة للتنفيذ بشكل فوري، بما في ذلك اختيار بعض أهدافه.

360 درجة
الطائرة أسرع، ويمكنها التحليق على ارتفاعات أعلى، والسفر لمسافة أبعد، لمدة 15 إلى 16 ساعة تقريبًا، وتمتد قدراتها في المراقبة الاستخباراتية إلى أبعد من طائرات التجسس السابقة الأخرى في ذخيرة إسرائيل. ويمكنها رؤية المشكلات وتحليلها على بعد مئات الكيلومترات، في حين أن العديد من الأنظمة الأخرى لا تكتشف المشكلات إلا في نطاقات أقرب.

لا تتميز قدراتها التجسسية بدقة أعلى فحسب، وبمزيج أكثر تطورًا من أجهزة الاستشعار المختلفة، وقابلية تشغيل بيني أكبر من الطائرات المماثلة السابقة، لكنها تسلط مراقبتها في جميع الاتجاهات. إذا كانت طائرات التجسس السابقة تركز على منطقة أمام الطائرة، فيمكن MARS 2 تقديم صورة دفاعية للطائرة بزاوية 360 درجة، حتى إنها تتفوق على أنظمة المراقبة F-35 التي تم تطويرها قبل 10 سنوات من أحدث التقنيات الموجودة على MARS2.

ليس لدى الجيش الإسرائيلي أي رد، باستثناء الهجوم الوقائي، لمنع الصواريخ المضادة للدبابات من ضرب المنشآت العسكرية أو المدنية داخل نطاق الصواريخ المضادة للدبابات التابعة لحزب الله والذي يبلغ مداه ثمانية كيلومترات. وتبلغ سرعة الصاروخ حوالي 500 قدم في الثانية، ما يحول دون كشفه والرد عليه.

ما يمنع حزب الله من مهاجمة إسرائيل بآلاف الصواريخ؟
إذا فاجأ حزب الله إسرائيل بصواريخ مضادة للدبابات في المواقع الثلاثة المذكورة أعلاه ببضع عشرات من الصواريخ، والصواريخ المضادة للدبابات، والطائرات بدون طيار - دون أن يبذل أي جهد - فما الذي يمنعه من مفاجأة الجيش الإسرائيلي بـ 8000 صاروخ دفعة واحدة ضد إسرائيل؟ حيفا أم تل أبيب؟

حتى الآن، حاول الجيش الإسرائيلي إبقاء حزب الله بعيدًا من خلال مهاجمته، وقتل قائد فوج الطائرات بدون طيار في حزب الله، والقيادي في قوات الرضوان وسام الطويل، إلى جانب سقوط 180 مقاتلاً من حزب الله وحماس في لبنان مقارنة بسقوط نحو 20 جنديًا من الجيش الإسرائيلي حتى الآن.

لكن، إلى أن يتوصل الجيش الإسرائيلي إلى كيفية التعامل مع الأمر بشكل مثالي – ضرب الأشخاص المهمين لحمل حزب الله على نقل قواته بعيدًا عن الحدود من دون الدخول في حرب كبيرة – فإنه سيكون من الصعب على إسرائيل أن تترجم تفوقها العسكري إلى مكاسب أمنية مستدامة على المدى الطويل.

المصدر: "جيروزاليم بوست"