إيلاف من دبي: يحاول مسؤولون كبار مما لا يقل عن 10 إدارات مختلفة صياغة مجموعة من الصفقات المثيرة للاهتمام لإنهاء حرب غزة والإجابة عن كيفية حكم القطاع بعد توقف القتال.

بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، يتداول المسؤولون أفكاراً كثيرة، أغلبها مؤقتة أو بعيدة المدى أو تعارضها بشدة بعض الأطراف. عدة اقتراحات مثيرة للجدل هي: نقل السلطة داخل السلطة الفلسطينية من الرئيس الحالي محمود عباس، إلى رئيس وزراء جديد، مع السماح لعباس بالاحتفاظ بدور شرفي؛ إرسال قوة حفظ سلام عربية إلى غزة لدعم الإدارة الفلسطينية الجديدة هناك؛ إصدار قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بدعم من الولايات المتحدة، يعترف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم.

وفي ما يأتي خريطة طريق لمسارات ثلاثة مقترحة، استنادا إلى مقابلات مع أكثر من عشرة دبلوماسيين ومسؤولين آخرين مشاركين في المحادثات، تحدثوا من دون الكشف عن هويتهم.

المسار الأول: تبادل الرهائن ووقف إطلاق النار
يرى الأميركيون أن إنهاء الحرب هو أول ما يتعين على الأطراف تحقيقه. وتتزامن هذه المحادثات مع مفاوضات من أجل إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة تم احتجازهم خلال الهجوم الذي وقع يوم 7 أكتوبر واحتجزتهم حماس وحلفاؤها. وقالت حماس إنها لن تطلق سراح الرهائن حتى توافق إسرائيل على وقف دائم لإطلاق النار، وهو موقف يتعارض مع هدف إسرائيل المعلن بالقتال حتى يتم إخراج حماس من غزة، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز".

يناقش مسؤولون من الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر وقطر اتفاقا من شأنه أن يوقف القتال لمدة تصل إلى شهرين. وفي أحد الاقتراحات، سيتم إطلاق سراح الرهائن على مراحل خلال فترة وقف نار تصل إلى 60 يومًا مقابل إطلاق سراح الفلسطينيين الذين تعتقلهم إسرائيل. واقترح بعض المسؤولين إطلاق سراح المدنيين الإسرائيليين أولا، مقابل إطلاق سراح النساء والقاصرين الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل. وبعد ذلك سيتم تبادل الجنود الإسرائيليين الأسرى بقادة نشطاء فلسطينيين يقضون عقوبات طويلة الأمد.

يقول دبلوماسيون من مختلف الأطراف إنهم يأملون في إمكانية إجراء مناقشات أكثر تفصيلاً خلال فترة الهدنة حول هدنة دائمة قد تشمل انسحاب معظم القوات الإسرائيلية أو كلها، ورحيل قادة حماس من القطاع وانتقال السلطة إلى السلطة الفلسطينية. في الوقت الحالي، رفضت إسرائيل وحماس بعض هذه الشروط.

المسار الثاني: إصلاح السلطة الفلسطينية
سيطرت السلطة الفلسطينية فترة وجيزة على غزة بعد مغادرة القوات الإسرائيلية في عام 2005، لكن حماس أجبرتها على التنحي عن السلطة بعد عامين. الآن، يريد البعض عودة السلطة إلى غزة، ولعب دور في حكم ما بعد الحرب. ولجعل هذه الفكرة أكثر جاذبية لإسرائيل، التي تعارضها، هناك دفع من قبل الولايات المتحدة والأردن ومصر والمملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى لإصلاح السلطة وتغيير قيادتها.

في عهد رئيسها الحالي محمود عباس (88 عاماً)، يُنظر إلى السلطة على نطاق واسع على أنها فاسدة وسلطوية. ويشجعه الوسطاء على القيام بدور شرفي أكبر والتنازل عن السلطة التنفيذية لرئيس وزراء جديد يمكنه الإشراف على إعادة إعمار غزة والحد من الفساد. ويقول المسؤولون الأميركيون إن الهدف هو جعل السلطة إدارية أكثر قبولا للدولة الفلسطينية المستقبلية. ويؤكد المسؤولون الإسرائيليون أيضًا أن السلطة بحاجة إلى تغيير نظامها التعليمي الذي لا يعزز السلام، وإنهاء دفعات الرعاية الاجتماعية للمدانين بارتكاب أعمال عنف ضد الإسرائيليين.

يريد بعض منتقدي عباس أن يحل محله سلام فياض، الأستاذ بجامعة برينستون الذي يُنسب إليه الفضل في تحديث السلطة خلال فترة رئاسته للوزراء قبل عقد من الزمن؛ أو ناصر القدوة، المبعوث الفلسطيني السابق إلى الأمم المتحدة الذي انفصل عن عباس منذ ثلاثة أعوام. لكن دبلوماسيين يقولون إن عباس يضغط من أجل مرشح يتمتع بنفوذ عليه، مثل محمد مصطفى، مستشاره الاقتصادي.

اقترح بعض المسؤولين تشكيل قوة حفظ سلام عربية لمساعدة الزعيم الفلسطيني الجديد في الحفاظ على النظام في غزة بعد الحرب. ويرفض المسؤولون الإسرائيليون هذه الفكرة، لكنهم طرحوا فكرة إنشاء قوة متعددة الجنسيات تحت إشراف إسرائيل في القطاع. وقال دبلوماسيون أميركيون للإسرائيليين هذا الشهر إن الزعماء العرب يعارضون فكرتهم.

المسار الثالث: تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل
تقول "نيويورك تايمز" إن إدارة بايدن أعادت إحياء المناقشات مع السعودية لدفعها للموافقة على إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل.

وكان الاتفاق الثلاثي قيد المناقشة قبل هجمات 7 أكتوبر، وبدا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مستعدا لأن إدارة بايدن كانت تعرض معاهدة دفاع أميركية - سعودية، وتعاونًا في برنامج نووي مدني، وتعززي مبيعات الأسلحة الأميركية للرياض. يقول مسؤولون أميركيون إنه بموجب هذا الترتيب، كان السعوديون سيقبلون التنازلات الإسرائيلية البسيطة نسبياً بشأن القضية الفلسطينية مقابل الاعتراف السعودي.

لكن منذ بدأت الحرب، رفعت السعودية السقف، وتصر مع الولايات المتحدة على التزام إسرائيل عملية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية تشمل غزة. كما أخبر المسؤولون الأميركيون الإسرائيليين أن السعودية والدول العربية الأخرى لن توافق على تمويل إعادة إعمار غزة إلا إذا التزم الإسرائيليون مسارًا يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية.

يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الشروط السعودية والأميركية علناً، وهو تعهد مؤخراً بالحفاظ على السيطرة العسكرية الإسرائيلية على كامل الضفة الغربية وقطاع غزة. ويؤيد العديد من الإسرائيليين ذلك، على الرغم من أن بعض المسؤولين الأميركيين يتساءلون عما إذا كان هذا موقفاً تفاوضياً افتتاحياً من جانب نتنياهو.

المصدر: "نيويورك تايمز"