نيويورك: قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، الخميس، إن تركيا تتحمل المسؤولية عن انتهاكات وجرائم حرب محتملة ارتكبت في سوريا، وأغلبها ضد السكان الأكراد في شمالي البلاد.

وأضافت المنظمة، ومقرها نيويورك، في تقرير مطول يتكون من 74 صفحة واستند إلى مقابلات مع 58 من الضحایا والناجین وأقارب وشھود على الانتھاكات فضلا عن ممثلين من منظمات غیر حكومیة وصحفیین ونشطاء وباحثین، أن هذه الانتهاكات ارتكبت من قبل القوات التركية وكذلك الفصائل المسلحة المدعومة من أنقرة في المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا.

ولم يصدر رد فوري من تركيا بشأن الاتهامات التي وجهتها هيومن رايتس ووتش، وفقا لوكالة أسوشيتد برس.

وقال التقرير إن تركيا، باعتبارها "قوة احتلال" في شمال سوريا، تتحمل مسؤولية استعادة النظام العام والسلامة وحماية السكان ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

ومنذ العام 2016، نفذت تركيا ثلاث عمليات عسكرية واسعة النطاق في سوريا استهدفت بشكل رئيسي المقاتلين الأكراد الذين طالما أعلنت أنقرة سعيها لإبعادهم عن حدودها. وباتت القوات التركية وفصائل سورية موالية تسيطر على شريط حدودي واسع في سوريا.

وأدت التوغلات التركية إلى نزوح مئات الآلاف من الأكراد. وقال بعض الذين بقوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم عانوا من انتهاكات على يد القوات التركية وتحالف من مقاتلي المعارضة الذين سلحتهم وتمولهم أنقرة.

مسؤولية تركيا
وذكر نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش آدم كوغل إن "الانتهاكات، بما في ذلك التعذيب والاختفاء القسري لأولئك الذين يعيشون تحت السلطة التركية في شمال سوريا، ستستمر ما لم تتحمل تركيا نفسها المسؤولية وتتحرك لوقفها".

وأضاف كوغل أن "المسؤولين الأتراك ليسوا مجرد متفرجين على الانتهاكات، بل يتحملون المسؤولية كقوة احتلال"، مبينا أنه "في بعض الحالات، كان المسؤولون الأتراك متورطين بشكل مباشر في جرائم حرب واضحة".

وووثق تقرير هيومن رايتس ووتش، الذي حمل عنوان "كل شيء بقوة السلاح: الانتهاكات والإفلات من العقاب في مناطق شمال سوريا التي تحتلها تركيا"، حالات اختطاف واعتقالات تعسفية واحتجاز غير قانوني وعنف الجنسي وعمليات التعذيب.

وقالت هيومن رايتس ووتش إنها وجدت أيضا أن الجيش التركي ووكالات الاستخبارات التركية، بما في ذلك جھاز الاستخبارات الوطنیة (إم آي تي) وعدد من مدیریات المخابرات العسكریة، كانت متورطة في تنفيذ الانتهاكات والإشراف عليها.

وبينت هيومن رايتس ووتش أن تركيا فشلت في ضمان سلامة ورفاهية السكان المدنيين، مشددة أن حياة 1.4 مليون من سكان المنطقة تتسم بالفوضى القانونیة وانعدام الأمن.

انتهاك حقوق الإنسان
واتهمت المنظمة تركيا بالترحيل القسري للاجئين السوريين من أراضيها الى مناطق تسيطر عليها في بلادهم، مشيرة الى أن أكثر من 1700 شخص تمت إعادتهم الى منطقة تل أبيض في تموز (يوليو) 2023 وحده.

وقالت إن فصائل "الجيش الوطني" ارتكبت عمليات "نهب وسلب واستيلاء على الممتلكات على نطاق واسع"، وغالبية المتضررين لم يستردوا "ممتلكاتهم أو يتلقوا تعويضا مناسبا".

ونقل التقرير عن رجل إيزيدي نازح من منطقة رأس العين قوله "أصعب شيء بالنسبة إلي كان أن أقف أمام بيتي ولا أتمكن من دخوله".

وقال التقرير إن النساء الكرديات المعتقلات أبلغن عن تعرضهن للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب، كما تحدث عن احتجاز أطفال لا تتجاوز أعمارهم ستة أشهر إلى جانب أمهاتهم.

وخلصت هيومن رايتس ووتش إلى أن المساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الحرب المحتملة في الأراضي التي تحتلها تركيا لا تزال أمرا بعيد المنال.

وطالبت المنظمة تركيا بـ"منح هيئات التحقيق المستقلة إمكانية الوصول الفوري ودون عوائق إلى الأراضي الخاضعة لسيطرتها".

وكانت تركيا ذكرت أن الهدف من توغلاتها هو إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا حيث يمكن لبعض اللاجئين الذين تستضيفهم داخل البلاد العودة إلى ديارهم.

وتستضيف تركيا حوالى 3.6 مليون سوري فروا من الحرب الأهلية التي استمرت عشر سنوات في بلادهم.

وقال كوغل: "لقد سهّل احتلال تركيا لأجزاء من شمال سوريا خلق مناخ من الانتهاكات والإفلات من العقاب- إنها أبعد إلى ما تكون منطقة آمنة".

وتشهد سوريا منذ عام 2011 نزاعا داميا تسبب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وألحق دمارا واسعا بالبنى التحتية وشرّد وهجّر أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.