باريس: تستقطب السياحة المرتبطة بأحداث تاريخية والتي يتوقع أن تشهد انتعاشا في 2024 في الذكرى الثمانين لإنزال الحلفاء في منطقة نورماندي، في فرنسا سنويا ملايين الزوار وتنبع من الحاجة إلى الغوص بالماضي والعودة إلى الجذور.
في العام 2022، أتى 11,4 مليون زائر في إطار هذا النوع من السياحة إلى فرنسا أي بارتفاع نسبته 44 بالمئة مقارنة بالعام 2021، على ما ذكرت وزارة الجيوش الفرنسية المكلفة خصوصا إدارة مواقع الذكرى والأضرحة. ومن بين هؤلاء الزوار 2,7 مليونا أتوا من الخارج.
وتفيد الكسندرا ديرفو رئيسة قسم سياحة الذاكرة في الوزارة الذي يشارك في المعرض الدولي للسياحة المقام في باريس حتى الأحد "السنوات التي تتضمن ذكرى رئيسية تسلط الضوء" على سياحة الذاكرة، معددة "مئوية الحرب العالمية الأولى. وفي العام 2024 لدينا فعاليات رئيسية عدة" بمناسبة الذكرى الثمانين لإنزال الحلفاء.
يقول مارك المتقاعد من سلاح البحرية الفرنسية البالغ 58 عاما والذي فضل عدم الكشف عن اسمه كاملا "نستعد للاحتفاء بالذكرى الثمانين للانزال مع أحد قدامى المحاربين الأميركيين".
وتوضح زوجته كورين البالغة 60 عاما "أنا وطنية جدا. وزيارة هذه الأماكن وتذكّرها أمر مهم".
وترى بريجيت بيار (70 عاما) "من المهم أن تبقى الذكرى بينما نرى حروبا جديدة عند حدودنا". وقد أتت برفقة زوجها فيليب (72 عاما) الذي لا يحتفظ "بذكرى طيبة" لخدمته العسكرية بسبب إصابة خطرة تعرض لها.
في العام 2022، زار مواقع معركة نورماندي 5,52 ملايين شخص مع إيرادات قدرها 25,2 مليون يورو على ما أظهرت دراسة أجرتها منطقة نورماندي. في 2019 بلغ عدد الزوار 6,1 ملايين بسبب الذكرى الخامسة والسبعين للانزال.
وأشارت الدراسة إلى أن زوار هذه لمواقع "يطغى عليهم طابع دولي" أكثر من زوار المنطقة بحد ذاتها وهم أكثر تقدما بالسن مع متوسط أعمار يبلغ 53 عاما.
"الغوص في الماضي"
ويفيد ديدييه أرينو مدير مكتب الاستشارات السياحية "بروتوريسم" وكالة فرانس برس أن هذا النوع من السياحة "يتميز بأنه مرتبط جدا بالحروب" موضحا "مع وفاة المحاربين القدامى الواحد تلو الآخر، يتراجع الاهتمام في صفوف الفرنسيين لكن ثمة اقبال من زبائن استراليين وأميركيين وكنديين. والاقبال مرتبط بشكل وثيق بمناسبة أو ذكرى أو محطات ترتدي رمزية".
ويضيف "لكن إذا وسعنا التعريف، تبرز سياحة أخرى وهي ذاكرة المحاربين القدامى مع اهتمام بثقافة معينة وممارسات وشهادات وكل ما يُروى في هذا الإطار... وهذا يتلاقى مع الحاجة إلى الغوص مجددا في الماضي والعودة إلى الجذور".
في معرض السياحة العالمي رفع جناح مونبيليار الواقعة في شرق فرنسا شعارات من قبيل "الماضي والمستقبل" و"منظر يحوي قصصا".
وتوضح الدليلة السياحية أناييس بارونا "لمونبيليار تاريخ خاص في منطقة فرانش-كونتيه. وثمة حاجة لدى الناس لفهم هذا التاريخ الخاص".
وتضيف مديرة هيئة السياحة فيها فانيسا لو لاي "لدينا الكثير من القصص نرويها وهذا يجذب كثيرين".
في الجناح المقابل، اختارت هيئة السياحة في منطقة غران بواتييه في وسط البلاد الغربي، التركيز في ملصقاتها على مدينة شوفينييه العائدة إلى القرون الوسطى.
وتقول أنييس أوبير التي تعمل في هيئة السياحة "خلال الصيف ننظم عروضا مع نسور وجوارح" مشيرة إلى إضفاء "طابع مسل" متزايد على النشاطات السياحية.
وتوضح "يمكن +تمرير+ التراث الآن من خلال ألعاب".
ويؤكد ديدييه أرينو "ثمة حاجة إلى الغوص في الجذور وفي الوقت عينه الاستمتاع مع رواية مسلية للأحداث".
التعليقات