حذر كبار الأطباء من أن أجهزة قياس نسبة السكر في الدم ليست ضرورية للأشخاص الذين لا يعانون من مرض السكري، ويمكن أن تؤدي في بعض الحالات إلى زيادة اضطرابات الأكل.

إنها جزء من نظام غذائي يتم الترويج له على وسائل التواصل الاجتماعي وتقوده شركات بما في ذلك "زوي".

لكن المستشار الوطني لمرض السكري في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، البروفيسور "بارثا كار"، قال إنه لا يوجد دليل قوي على أن الأجهزة تساعد الأشخاص الذين لا يعانون من ارتفاع نسب السكر في الدم.

أما لدى الأشخاص المصابين بمرض السكري، يمكن أن يظل سكر الدم - المعروف أيضاً باسم غلوكوز الدم - مرتفعاً لعدة ساعات بعد تناول الطعام. عند المستويات العالية جداً، يمكن أن يتسبب ذلك في تلف الأعضاء إذا لم تتم مراقبته وفحصه.

تعد شركة "زوي" التي شاركت سابقاً في تطبيق تتبع أعراض فيروس كورونا - واحدة من الشركات الرئيسية التي تبيع أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم للأشخاص الذين لا يعانون من ارتفاع نسب السكر.

وهي تقدم الآن برنامجاً تبدأ تكلفته بحوالي 380 دولار أميركي، ويُعلن عنه عبر منصات التواصل الاجتماعي.

يقوم المشاركون بتسجيل تناولهم للطعام ويرتدون جهاز مراقبة الغلوكوز (CGM) لمدة أسبوعين لقياس مستويات السكر في الدم بعد تناول الطعام.

وفي اختبارات منفصلة، تم أيضاً اختبار استجاباتهم للدهون، واختبار بكتيريا الأمعاء لديهم.

تقول "زوي" إنّ كل هذه الاختبارات ساعدتها في تحديد أنه حتى شخصين أصحاء يمكن أن يكون لديهما استجابات مختلفة تماماً لنفس الطعام - على سبيل المثال، قد يرتفع سكر الدم لدى شخص ما وينخفض أكثر بعد تناول الكربوهيدرات مقارنة بشخص آخر.

لكن باحثين آخرين يقولون إن ما تعنيه هذه الأرقام، إن وُجدت، بما في ذلك الارتفاعات والانخفاضات الأكبر في نسبة السكر في الدم لدى غير المصاب بالسكري، لا يزال غير مفهوم.

وقالت الدكتورة نيكولا غيس، اختصاصية التغذية وباحثة في مرض السكري في جامعة أكسفورد، إن غالبية الأدلة التي تربط ارتفاع نسبة السكر في الدم وتنوعها الشديد بالمشاكل الصحية تعتمد على مستويات الغلوكوز التي لا تظهر إلا لدى مرضى السكري.

وتوضح أنّ ارتفاع نسبة السكر في الدم هو أحد أعراض مرض السكري، وليس سبباً مباشراً.

ويحدث مرض السكري من النوع الأول عندما يتوقف البنكرياس عن إنتاج الأنسولين، لذلك هناك حاجة إلى الحقن المنتظمة.

ويعد مرض السكري من النوع الثاني أكثر شيوعاً ويحدث عندما تصبح خلايا الجسم مقاومة للأنسولين، وبالتالي هناك حاجة إلى المزيد للحفاظ على مستويات الغلوكوز في الدم ضمن المعدل الطبيعي. ويمكن عادة السيطرة عليه من خلال النظام الغذائي وممارسة الرياضة والمراقبة الدقيقة.

البروفيسور بارثا كار
شارك البروفيسور بارثا كار في تقديم أجهزة المراقبة المستمرة للغلوكوز إلى هيئة الخدمات الصحية الوطنية للمرضى الذين يعانون من مرض السكري من النوع الأول

تشير "زوي" إلى بعض الأدلة - بما في ذلك بعض الدراسات الصغيرة جداً - إلى أنه حتى قبل أن يصل سكر الدم إلى مستويات ما قبل الإصابة بالسكري أو الإصابة بالسكري، فإنّ ارتفاع نسبة السكر في الدم والتغيرات الكبيرة خلال اليوم قد ترتبط ببعض النتائج الأسوأ.

وتقول إنها تدرس بكتيريا الأمعاء وبدأت في رؤية الروابط بين ميكروبات الأمعاء والنظام الغذائي والصحة.

قال جيمس كينروس، خبير الميكروبيوم المعوي وجراح القولون والمستقيم في إمبريال كوليدج لندن، إنه على الرغم من أن الميكروبيوم مهم للغاية، إلا أن الاختبار المباشر للمستهلك كان "إشكالياً" لأن "هذا علم جديد وهناك العديد من الأسئلة التي لم تتم الإجابة عليها حول كيفية عمل الميكروبيوم وكيف يؤثر على صحتنا".

وقالت الدكتورة سارة بيري، كبيرة الباحثين في شركة "زوي"، لبي بي سي إنّ برنامجها استخدم "عقوداً" من أبحاث التغذية الحالية، ودراساتهم الخاصة حول الروابط بين نسبة السكر في الدم والصحة.

لكنها تعترف بأن الشركة ليس لديها "كل الأدلة".

سارة بيري
تقول الدكتورة سارة بيري إن شركة "زوي" تعتمد على سنوات من أبحاث التغذية

ولكن نظراً لمخاطر النظام الغذائي السيئ، قالت "سيكون من غير المسؤول الانتظار لعقود من الزمن لفهم النتائج طويلة المدى مثل أمراض القلب والوفاة".

وأشاد الدكتور ران كروك، الطبيب العام الذي أسس شركة تقدم الخدمات الصحية للشركات الناشئة، بشركة "زوي" لمحاولتها جمع الأدلة، وقال إن عدم وجود كل الأدلة حول نسبة السكر في الدم لا ينبغي أن يكون "خنقاً للابتكار".

ويتفق هو وآخرون، بما في ذلك بعض منتقدي "زوي"، على أنّ أجهزة مراقبة الغلوكوز المستمرة يمكن أن تكون أداة مفيدة لبعض الأشخاص لتحفيزهم وتغيير نظامهم الغذائي.

ومع ذلك، ظل الناس يشعرون بالقلق بشأن الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي منذ عقود. وفشلت المئات من برامج النظام الغذائي في حل التحدي المتمثل في تمسك الناس بالعادات السيئة عندما تكون البيئة التي يعيشون فيها مليئة بالأطعمة الغنية بالسكر.

وقالت الشركة "تتميز "زوي" بالصرامة العلمية في نهجها، ولا مثيل لها في الصناعة من حيث التجارب السريرية والأبحاث القوية بوجود فريق متخصص من العلماء ومتخصصي التغذية والذين يتطلعون إلى تحسين الصحة من خلال نصائح مفيدة قائمة على الأدلة".

لكنّ الدكتورة جيس تشعر بالقلق من رؤية المرضى الذين يستخدمون منتجات "زوي" يستغنون عن الأطعمة التي تعتقد أنها مفيدة لصحتهم، لأنها يبدو أنها ترفع نسبة السكر في الدم.

وهذا في حد ذاته يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية، ولا توصي به الشركة.

وتضيف أنّ الأشخاص الذين يتجنبون الكربوهيدرات سيحصلون على "استجابة مبالغ فيها للغلوكوز" مؤقتاً في المرة القادمة التي يتناولون فيها هذه الأطعمة، وهو ما تقول إنه "طبيعي تماماً"، ولكن هذا قد يدفعهم إلى الاعتقاد بأنهم غير قادرين على تحمل الكربوهيدرات على الإطلاق.

ويعتقد البروفيسور كار أنّ استخدام أجهزة مراقبة الغلوكوز بشكل مستمر- والتي يستخدمها مرضى السكري - عندما لا يكون هناك سبب صحي للقيام بذلك، يمكن أن يؤدي إلى التركيز المهووس على الأرقام التي - في العديد من الحالات - "يمكن أن تترجم إلى اضطرابات الأكل".

ووفقًا لمؤسسة "بيت" الخيرية لاضطرابات الأكل، "غالباً ما يركز الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل على الأرقام كجزء من مرضهم، لذلك لا نوصي أبداً بأن يستخدم أي شخص يعاني من اضطرابات الأكل، أجهزة مراقبة الغلوكوز".

وتحاول شركة "زوي" فحص الأشخاص الذين لديهم تاريخ من اضطرابات الأكل، وقال الدكتور بيري لبي بي سي إن العاملين في الشركة لديهم إمكانية الوصول إلى مدربي التغذية، الذين يمكنهم دعمهم فيما يتعلق بالقلق الغذائي، ونصحهم بالعلاج إذا شعروا بوجود مشكلة.

ونشرت الشركة بحثاً بناءً على البيانات التي جمعتها من المشاركين لمحاولة العثور على أنماط محددة في مجالات مثل اختيارات الطعام والجوع ونتائج اختبارات الدم، لكنها لا تستطيع إظهار الجوانب التي تسبب بالفعل تغييرات في الصحة.

وقد أجرت "زوي" دراسة لفهم التغييرات التي أحدثها البرنامج، لكنها لم تُنشر بعد.

تقول الدكتور بيري إن برنامج "زوي" هو "منتج شامل لا يتضمن فقط اختبار الميكروبيوم أو مجرد المراقبة المستمرة للغلوكوز".

ومع ذلك، تعتقد الدكتورة غيس أنه بما أن هذه العناصر لا تزال غير مثبتة، فمن دونها، فإنها مجرد "طريقة تبدو علمية لجعل الناس يأكلون المزيد من الفاكهة والخضار".

وتعتقد أن الكثير من نصائح "زوي"، بما في ذلك تناول المزيد من الأطعمة الكاملة وتقليل الأطعمة المصنعة، معقولة، لكنها تعتقد أن هذه الرسالة "ليست مقنعة بما يكفي" لبيع منتج بقيمة 300 جنيه إسترليني.