دبي: أعادت وفاة زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب خالد باطرفي وتعيين سعد العولقي خلفاً له، تسليط الضوء على نشاط التنظيم الذي شهد خلال السنوات الماضية تراجعاً كبيراً بفعل الخلافات التي عصفت به.

وأعلن التنظيم الأحد وفاة باطرفي من دون أنّ يقدم أسباباً لذلك، بحسب بيان لمركز "سايت" الذي يرصد وسائل الإعلام الجهادية.

غير أن مصادر قبلية وأخرى محلية على صلة بالتنظيم، أشارت إلى أن باطرفي توفي متأثراً بمرض خبيث كان يعاني منه منذ فترة طويلة، وقد ساءت حالته بعد وفاة الطبيب الذي كان يقوم بالإشراف على علاجه ويدعى أبو عبدالله السوري المعروف بطبيب القاعدة.

ويمثّل تنصيب العولقي وهو في الأربعينيات من العمر، زعيماً في الوقت الحالي، محاولة لإحياء التنظيم وإعادة رصّ صفوفه التي اضطربت خلال فترة سلفه.

ويشير الباحث في الجماعات الجهادية عاصم الصبري لوكالة فرانس برس إلى أن وصول العولقي إلى قيادة القاعدة في اليمن سيكون "بمثابة انتعاشة كبيرة للتنظيم الذي يعاني من أزمة مالية وبالإضافة إلى الخلافات العالقة بين التنظيم والعديد من القبائل اليمنية إبان إمارة خالد باطرفي".

تأسس تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في العام 2009 على يد أسامة بن لادن بدمج فصائل التنظيم السعودية واليمنية، وبرز خلال الفوضى التي أنتجتها الحرب في اليمن، في وقت كان المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران يقاتلون في وجه التحالف العسكري الذي تقوده السعودية منذ العام 2015.

تبنى هذا التنظيم الهجوم الدامي على مجلة شارلي إيبدو في العاصمة الفرنسية باريس عام 2015 والذي أسفر عن مقتل 12 شخصاً.

وبالتالي، يُعتبر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب من أهم وأخطر أذرع التنظيم الأساسي، لكن نشاطه تراجع بشكل كبير مع تولي باطرفي للقيادة خلفاً لقاسم الريمي الذي قتل بضربة أميركية في شباط/فبراير 2020، ما شكّل ضربة قاصمة للتنظيم.

ويعد العولقي المعيّن حديثاً، وهو من أبناء قبيلة العوالق في محافظة شبوة، من القيادات الميدانية البارزة والنشطة في التنظيم.

مكافأة بستة ملايين دولار أميركي
هو عضو في مجلس شورى التنظيم وعلى قائمة "برنامج المكافآت من أجل العدالة" الأميركي. وعرضت الولايات المتحدة مكافأة تصل إلى ستة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه. وتقول الخارجية الأميركية إنّ العولقي "دعا علنا إلى شن هجمات على الولايات المتحدة وحلفائها".

ويلفت الصبري إلى أن العولقي وهو المطلوب الأبرز لدى الجيش الأميركي، سيعمل على حل كل تلك الأزمات وإنهاء خلافات التنظيم مع القبائل اليمنية.

وفي ما يتعلق بالعمليات الخارجية للتنظيم، يقول الصبري إن "تنظيم القاعدة يعاني من أزمات داخلية، وهو ما يعرقل تنفيذ أي عمل خارجي، لكن لا نستبعد أن يحاول التنظيم تنفيذ عمليات في الغرب".

وتؤكد مصادر قبلية ومحلية متقاطعة لوكالة فرانس برس أن العولقي، الذي عُيّن بوصيّة من باطرفي، يحظى بتأييد معظم قيادات وأعضاء التنظيم، وأن هناك مباركة من قيادات ميدانية ودينية لتعيينه، وتفاؤلاً كبيراً بقدرته على إعادة التنظيم للواجهة بعد قرابة عامين من الأفول.

ويشير مصدر قبلي لوكالة فرانس برس إلى أن "العولقي قد يستغل علاقاته في المرحلة الحالية لاستعادة الحاضنة القبلية للتنظيم، خصوصاً في شبوة التي كانت معقلاً بارزاً ومنطلقاً لعمليات التنظيم، وإعادة بناء معاقله التي دمرتها القوات الحكومية في شبوة وابين".

وقُتل الأحد عنصران من القوات الحكومية اليمنية في هجوم بجنوب البلاد نُسب إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وفق ما أفاد مصدر أمني وكالة فرانس برس، في أول هجوم للتنظيم عقب تعيين العولقي.

وبالتالي، يقول الباحث الزميل في منتدى الشرق الأوسط أيمن جواد التميمي لوكالة فرانس برس "ألاحظ أنه في دعاية تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فإن معظم الحديث عن العمليات هذه الأيام يدور حول قتال الجماعات اليمنية المدعومة من الإمارات".