إيلاف من بيروت: تعكف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على صياغة خطط لحملة عسكرية مستمرة تستهدف الحوثيين في اليمن بعد أن فشلت 10 أيام من الضربات في وقف هجمات الجماعة على خطوط التجارة البحرية. فقد اجتمع البيت الأبيض مع كبار المسؤولين أخيرًا لمناقشة خيارات المضي قدمًا في رد متطور على الحركة المدعومة من إيران، والتي تعهدت بمواصلة مهاجمة السفن قبالة شبه الجزيرة العربية على الرغم من العمليات شبه اليومية لتدمير رادارات وصواريخ الحوثيين.

وصف مسؤولو الإدارة، الذين تحدثوا شرط عدم الكشف عن هويتهم، استراتيجيتهم في اليمن بأنها محاولة لتقويض القدرة العسكرية للحوثيين بما يكفي للحد من قدرتهم على استهداف الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن أو، على الأقل، لتوفير رادع كافٍ حتى تتمكن شركات الشحن التي تتجنب المخاطرة من استئناف إرسال السفن عبر الممرات المائية في المنطقة. واعترف بايدن أخيرصا بأن الضربات فشلت حتى الآن في تثبيط عزيمة قادة الحوثيين، الذين وعدوا بالانتقام من الولايات المتحدة وبريطانيا.

قلق في واشنطن
قال مسؤول أميركي لصحيفة "واشنطن بوست" إن الضربات الأميركية والبريطانية الأولية نجحت في إضعاف الأصول العسكرية المستهدفة، لكنه أقر أيضًا بأن الجماعة الحوثية تحتفظ بترسانة كبيرة. وقال: "هذا لا يعني أن الحوثيين لا يزالون لا يملكون القدرة، ولكن هناك الكثير مما لديهم ولا يملكونه الآن".

ويعتقد مسؤولون غربيون أن إيران هي التي توفر المعدات الأكثر تقدما، والتي يقولون إنها نفذت عملية تهريب استمرت لسنوات سمحت لهم بضرب حدود أبعد كثيرًا من حدود اليمن. وتأمل الولايات المتحدة أن تؤدي الضربات، بالتزامن مع حملة الحظر التي شنتها الأسبوع الماضي والتي أسفرت عن شحنة من الرؤوس الحربية الصاروخية ، إلى تجويع الحوثيين ببطء من أقوى أسلحتهم. أضاف المسؤول الأميركي: "من المستحيل التنبؤ بما سيحدث بالضبط، وبالتأكيد عدم التنبؤ بالعمليات المستقبلية. لكن المبدأ القائل بأنه ببساطة لا يمكن التسامح مع منظمة إرهابية ... مع هذه القدرات المتقدمة لإغلاق أو التحكم في الشحن عبر نقطة اختناق دولية رئيسية هو مبدأ نشعر به بشدة تجاهه".

وتقول الصحيفة إن المسؤولين الأميركيين يشعرون بالقلق من أن مهاجمة الحوثيين دفعت الولايات المتحدة إلى صراع مع استراتيجية خروج قليلة ودعم محدود من الحلفاء الرئيسيين. تقول الصحيفة: "جدير بالذكر أن أقوى شركاء أميركا في الخليج حجبوا دعمهم للعملية الأميركية. وحذر رئيس وزراء قطر، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في الخليج، من أن الضربات الغربية لن توقف العنف ويمكن أن تؤدي إلى عدم الاستقرار في المنطقة"، مضيفًا: "نحن بحاجة إلى معالجة القضية المركزية، وهي غزة، من أجل نزع فتيل كل شيء آخر... إذا ركزنا فقط على الأعراض ولم نعالج القضايا الحقيقية، فإن الحلول ستكون مؤقتة".

لومونييه قريبة
لا شك في أن القلق الأميركي هذا مبرر. فبحسب موقع "ناشونال إنترست"، يتساءل العالم كيف سيرد المتمردون الحوثيون في اليمن الضربات المدمرة. فبعد وقت قصير من الغارة على موقع الرادار الحوثي، "زعم مسؤول حوثي خلال مقابلة تلفزيونية مع وسيلة إعلام مرتبطة بحزب الله أن الجماعة وضعت قائمة أهداف تشمل القواعد الأميركية في المنطقة، يمكن أن تشمل القواعد الأميركية في السعودية أو الأردن أو الإمارات أو البحرين أو العراق أو الكويت أو سوريا"، كما يقول الموقع الأميركي.

يضيف موقع "ناشونال إنترست": "ربما تكون القاعدة البحرية الأميركية كامب ليمونييه في جيبوتي أحد الأهداف الواضحة التي لم تتم مناقشتها كثيرًا. ففي حين أن القاعدة لم تحظ باهتمام كبير من وكلاء إيران في الماضي، فإنها واحدة من أهم الأهداف في المنطقة وتقع على بعد ثمانين ميلاً فقط عبر مضيق باب المندب من اليمن".

تستضيف هذه القاعدة التي تعد أساسية لعمليات القيادة الأميركية الأفريقية (أفريكوم) في القرن الإفريقي نحو 4000 جندي من الولايات المتحدة والدول الحليفة، وتم استخدامها للعمليات ضد الحوثيين لسنوات.

ويمكن الحوثيون أيضًا استهداف مطار تشابيلي القريب، حيث قام الجيش الأميركي بتشغيل طائرات بدون طيار من طراز بريداتور وريبر منذ نقلها من ليمونييه في عام 2013.

موقف سياسي يحميها
وبما أن الحوثيين يمتلكون صاروخاً يعمل بالوقود السائل يصل مداه إلى 1200 ميل، فإن القاعدة الأميركية في جيبوتي، والتي تبعد أقل من 100 ميل، هدف سهل، علمًا أنها لم تبنَ لمقاومة هجمات الطائرات بدون طيار أو الصواريخ. يقول الموقع: "يبدو أن واشنطن تدرك أن الحوثيين قد يستهدفون ليمونييه في وقت قصير. في مقابلة مع بي بي سي، قال رئيس وزراء جيبوتي عبد القادر كامل محمد إنه سُمح للولايات المتحدة بنشر أنظمة دفاع جوي من طراز باتريوت في معسكر ليمونييه لحمايته من اي هجوم حوثي، ما يشير إلى أن الولايات المتحدة تحاول حماية قاعدتها الدائمة الوحيدة في أفريقيا".

في المقابلة نفسها، أكد محمد أيضًا أن جيبوتي لن تسمح للولايات المتحدة بنشر منصات إطلاق صواريخ في البلاد أو استخدامها قاعدة لعمليات ضد الحوثيين، "لأنها تعتبر الهجمات البحرية التي تشنها الجماعة إغاثة مشروعة للفلسطينيين"، كما قال. وربما هذا ما سيحمي جيبوتي من صواريخ الحوثي.