مثل أربعة رجال من طاجيكستان أمام المحكمة في روسيا يوم الأحد بتهمة تنفيذ هجوم قاتل على قاعة حفلات في موسكو، مما أسفر عن مقتل 139 شخصا على الأقل.

وبدا في لقطات جلسة الاستماع أن المشتبه بهم فريدوني شمس الدين، وداليردزون ميرزوييف، وسعيد اكرامي مورودالي راشاباليزودا، ومحمد سوبير فايزوف، يعانون جميعا من إصابات خطيرة واضحة، وشوهد بعضهم وهم يسيرون إلى قاعة المحكمة وهم منحنيين.

ويبدو أن قوات الأمن الروسية سربت مقاطع فيديو لجلسات استجواب وحشية، وتقول تقارير إن رجلا واحدا على الأقل تعرض لصدمات كهربائية.

واتهم أحد المشتبه بهم أيضا، وهو شمس الدين البالغ من العمر 25 عاما والذي يبدو وجهه منتفخا بشدة، بتجنيد رجلين آخرين تم اعتقالهما يوم الاثنين.

زرت المنطقة التي تعيش فيها عائلة شمس الدين في طاجيكستان، وهو من قرية تسمى لويوب تقع على بُعد حوالي 40 كم شمال غرب عاصمة طاجيكستان، دوشانبي.

الأرض جافة في لويوب، وهي قرية جبلية ذات مناخ معتدل، ولا يوجد نهر قريب. يعمل الشباب في القرية بشكل رئيسي في الزراعة أو البناء أو في السوق المحلية.

وشوهدت قوات الأمن الطاجيكية يوم السبت في المنطقة، وقد اصطحبت والد المشتبه به للاستجواب.

قال أحد القرويين، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لبي بي سي إن شمس الدين هاجر لأول مرة إلى روسيا قبل ستة أشهر، مثل عشرات الأشخاص الآخرين من لويوب.

قرية لويوب
تقع قرية لويوب على بعد 40 كيلومترا من العاصمة الطاجكية دوشانبي

شمس الدين هو واحد من آلاف اتخذوا هذه الخطوة، حيث يسافر العديد من الطاجيك إلى روسيا هربا من الأجورالمنخفضة ومستويات البطالة المرتفعة في الداخل. وتقول السلطات الطاجيكية إن أكثر من 652,000 شخص هاجروا إلى روسيا العام الماضي، لكن السلطات الروسية تقول إن العدد قد يصل إلى الملايين.

يقول القروي إنه بعد ثلاثة أشهر، سافر شمس الدين من روسيا إلى تركيا ثم عاد إلى روسيا في أوائل آذار (مارس).

لا يعتقد من تحدثت معهم في القرية أن الشاب البالغ من العمر 25 عاما يمكنه تنفيذ مثل هذا "الهجوم الإرهابي".

قال لي أحد القرويين بعد مشاهدة لقطات تصور شمس الدين على الإنترنت بينما يتم استجوابه: "لقد قام ضباط الأمن بضربه وتعذيبه للدرجة التي تجعله مستعدا لتحمله مسؤولية موت لينين!"

وفي مقطع فيديو مدته ثلاث دقائق، ورد أن أجهزة الأمن الروسية سربته، شوهد شمس الدين وهو يرتجف بينما يشده جندي من الجيش من شعره ويضرب رأسه بحذاء على الأرض. ويقول شمس الدين، متحدثا باللغة الروسية، إنه نفذ مذبحة موسكو مقابل 500,000 روبل (4200 دولار).

ووصف رئيس طاجيكستان، إمام علي رحمون، الهجوم بأنه "حادث مخجل ومروع"، وحث شعبه على حماية الأطفال والشباب من تأثير الجماعات المتطرفة وعدم السماح لهم "بتشويه سمعة الأمة الطاجيكية".

وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن المجزرة، ونشر لقطات للهجوم تم التحقق منها من قبل بي بي سي. وزعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن المخابرات الغربية والأوكرانية ساعدت الجهاديين، وهي المزاعم التي رفضتها أوكرانيا.

وتحدث رحمون مع بوتين عبر الهاتف يوم الأحد لإدانة الهجوم، وقال للرئيس الروسي: "الإرهابيون ليس لهم جنسية ولا وطن ولا دين".

تداعيات تؤثر على الطاجيك

بدأ المواطنون الطاجيكيون العاملون في روسيا بالفعل في مواجهة رد فعل عنيف منذ هجوم يوم الجمعة.

أخبرني عامل مهاجر طاجيكي في موسكو أنه شهد تواجدا أمنيا متزايدا في منطقته، وأن الشرطة تتفقد وثائق الأشخاص ذوي الوجوه الآسيوية. أما أولئك الذين ليس لديهم وثائق فيواجهون خطر الترحيل.

إنه يشعر بالقلق بالقلق على المستقبل، ويقول: "الآن وبعد أن تم التعرف على مرتكبي الهجوم كمواطنين من طاجيكستان، قد يزيد ذلك من سوء ظن الروس بالطاجيك".

كل عائلة في طاجيكستان تقريبا لديها واحد أو أكثر من أفرادها انتقلوا إلى روسيا للعمل. وتعتبر الأموال التي يرسلها المهاجرون الطاجيكيون إلى بلادهم عاملا مهما لتحقيق الاستقرار في اقتصاد هذه الجمهورية الصغيرة الفقيرة في آسيا الوسطى، وقد تتأثر حياة آلاف العائلات في طاجيكستان بتداعيات هذا الهجوم.

كثيرا ما يسافر عامل البناء إيراج عاشوروف، البالغ من العمر 40 عاما، إلى روسيا للعمل، مع شقيقيه وأبنائهما. وقد عاد مؤخرا إلى منزله لرؤية عائلته في طاجيكستان، لكنه قلق بشأن ما إذا كان سيعود إلى روسيا أم لا في ضوء الهجوم الذي وقع يوم الجمعة.

وقال عاشوروف لبي بي سي: "عدت من روسيا قبل شهر وكنت سأسافر إلى موسكو مرة أخرى، لكن بعد الحادث الأخير في موسكو أشعر بالقلق بشأن مصير إخوتي. في مثل هذه الحالات، عادة ما يزداد الضغط على العمال المهاجرين".

واقترح السياسي الروسي سيرجي ميرونوف، الحليف الرئيسي لفلاديمير بوتين، إلغاء الدخول بدون تأشيرة للأشخاص من دول آسيا الوسطى "لتعزيز الأمن القومي". ويعتقد ميرونوف أن الحكومة الروسية بحاجة إلى تشديد الرقابة على عمليات الهجرة لمواجهة الهجمات الإرهابية.

كيف تجند الدولة الإسلامية الطاجيك ؟

معظم المواطنين الطاجيكيين الذين انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية في السنوات الأخيرة هم عمال مهاجرون في روسيا تم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو تطبيقات المراسلة مثل تيليغرام، واعترف بعض المتهمين بالتورط في هجمات التنظيم الأخيرة بأنه تم الاتصال بهم على وسائل التواصل الاجتماعي مع وعود بالمال.

وتقول الحكومة الطاجيكية إن معظم المواطنين البالغ عددهم 2000 الذين انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية بين عامي 2014 و 2016 خلال صعود التنظيم إلى صدارة الأحداث، قد تم تجنيدهم في روسيا.

ويعتقد قاسم شاه اسكندروف، رئيس مركز دراسات أفغانستان ومقره دوشانبي، أن العمال المهاجرين من دول آسيا الوسطى أكثر عرضة للتجنيد من قبل الجماعات المتطرفة.

ويسلط الضوء على أهمية تركيا، حيث يمكن لكل من الطاجيك والروس السفر بدون تأشيرة، كمركز لوجستي حديث لتنظيم الدولة الإسلامية.

ويجب على العمال المهاجرين الحصول على تصريح إقامة وعمل في غضون ثلاثة أشهر بعد دخول روسيا، وهو ما تصل تكلفته إلى نحو 430 دولارا (40,000 روبل). ويغادر بعض المهاجرين روسيا إلى تركيا قبل إكمال الموعد النهائي لمدة الأشهر الثلاثة، ويعودون إلى روسيا لتجنب الدفع.

ويعتقد إسكندروف أن القاعدة الأساسية لتنظيم الدولة الإسلامية هي أفغانستان، وأن العديد من الطاجيك يتم غسل أدمغتهم هناك.

بوابة المدرسة التي درس فيها شمس الدين
بوابة المدرسة التي درس فيها شمس الدين

دور أفغانستان

تحد طاجيكستان أفغانستان من الجنوب، وتشير تقارير إلى أنه منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في آب (أغسطس) 2021، ازداد وجود منظمات وجماعات مثل داعش والقاعدة في أفغانستان.

وفي التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، كان التواجد الكبير للجماعات الإرهابية في أفغانستان لا يزال يعتبر عاملا في تقويض الأمن الإقليمي.

وقالت منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهي كتلة عسكرية تقودها روسيا وتضم بيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وأرمينيا (التي علقت عضويتها مؤخرا) وطاجيكستان، الشهر الماضي إنها لاحظت زيادة في عدد مقاتلي داعش وغيرهم من المتشددين الإسلاميين على الحدود الجنوبية لطاجيكستان.

ووفقا للمنظمة، فإن شبكة معسكرات التدريب لهذه الجماعات تتوسع أيضا وتتركز غالبية مقاتليها الأجانب في المناطق الشمالية من أفغانستان، على الحدود مع طاجيكستان.

أدى هجوم أعلن تنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عنه في مدينة كيرمان إلى مقتل 89 شخصا

أدى هجوم أعلن تنظيم الدولة الإسلامية المسؤولية عنه في مدينة كيرمان إلى مقتل 89 شخصا

الجدول الزمني: الروابط الطاجيكية بداعش

  • 14 آب (أغسطس) 2023: هجوم مسلح في إيران يؤدي إلى مقتل شخص واحد. المشتبه به الرئيسي هو مواطن طاجيكي.
  • 3 كانون الثاني (يناير) 2024: هجوم انتحاري في جنوب إيران يؤدي إلى مقتل 89 شخصا على الأقل. شارك في الهجوم ثنان من المواطنين الطاجيكيين.
  • 28 كانون الثاني (يناير) 2024: الهجوم على الكنيسة الكاثوليكية في تركيا يؤدي إلى مقتل شخصا واحدا. مشتبه به طاجيكي واحد.
  • في السنوات العشر الأخيرة، تم ارتكاب 6,680 جريمة تتعلق بالإرهاب والتطرف في طاجيكستان
  • في السنوات الثلاث الماضية، قام 24 مواطنا طاجيكيا بأعمال إرهابية في 10 دول مختلفة
  • ذهب 2000 مواطن طاجيكي إلى سوريا وإيران للانضمام إلى داعش، ويعتقد أن نصفهم قتلوا
  • حوكم نحو 4,075 مواطنا طاجيكيا بتهمة ارتكاب "أعمال تطرف وإرهاب"

(المصدر: حكومة طاجيكستان)