موسكو: رفض الكرملين الاثنين التعليق على تبنى تنظيم الدولة الإسلامية الاعتداء الأكثر حصدا للأرواح في روسيا منذ حوالى العقدين، فيما واصل عناصر الإنقاذ البحث عن جثث بين أنقاض قاعة الحفلات المتفحمّة.

قُتل 137 شخصا على الأقل عندما اقتحم مسلحون بزي مموّه قاعة "كروكوس سيتي هول" فأطلقوا النار على الحاضرين قبل أن يضرموا النار في المبنى، في أكثر الهجمات فتكا بالأرواح في أوروبا يتبناها تنظيم الدولة الإسلامية.

وأكد التنظيم الجهادي مرّات عدة منذ الجمعة تنفيذه الهجوم بينما نشرت قنوات إعلامية مرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية تسجيلات مصوّرة للمسلحين داخل القاعة أثناء إطلاقهم النار على الحضور.

لكن في تصريحاته العلنية الوحيدة الصادرة عن الهجوم، أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى ضلوع أوكرانيا المحتمل فيه، بينما لم يعلّق أي مسؤول روسي حتى اللحظة على إعلان المسؤولية من قبل تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين الاثنين لدى سؤاله عن سبب عدم تعليق روسيا على إعلان تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن الاعتداء "التحقيقات جارية. لم تصدر بعد رواية متماسكة. نتحدث فقط عن بيانات أولية. لم تُطرح رواية بعد".

يتوقع مسؤولون أن ترتفع حصيلة القتلى إذ يواصل عناصر الإنقاذ الاثنين عمليات البحث في الموقع عن جثث ضحايا بينما ما زال 97 شخصا في المستشفى.

"التعامل مع التهديدات"
أفاد بيسكوف بأن بوتين لا ينوي زيارة موقع الهجوم في ضاحية تقع شمال غرب موسكو.

ومن المقرر أن يعقد الرئيس اجتماعا مع قادة روسيا الأمنيين ومسؤولين حكوميين وكبار المسؤولين عن مدينة موسكو ومنطقتها في وقت لاحق الاثنين.

عبّر الكرملين الاثنين أيضا عن ثقته في أجهزة البلاد الأمنية فيما تدور تساؤلات حيال كيفية فشلها في منع وقوع المجزرة على الرغم من التحذيرات العلنية والخاصة الصادرة عن أجهزة الاستخبارات الأميركية في هذا الصدد.

وقال بيسكوف "تعمل الأجهزة الخاصة دونما كلل للتعامل مع كل التهديدات والتحديات التي تواجه بلادنا ومجتمعنا".

ترأّس بوتين الذي كان عميلا سريا سوفياتيا، جهاز الأمن الفدرالي (كاي جي بي سابقا) لمدة وجيزة قبل أن يصبح رئيسا للبلاد ويتباهى عادة بسمعة هذه الوكالة كفريق من عناصر الاستخبارات المخضرمين.

أودعت محكمة في موسكو أربعة رجال يشتبه في أنهم من مطلقي النار، رهن الحبس الاحتياطي بشبهة "الإرهاب"، متهمة إياهم بأنهم المهاجمون الذين اقتحموا قاعة الحفلات الموسيقية وأضرموا النيران فيها ليل الجمعة.

ويواجه هؤلاء عقوبة السجن مدى الحياة، علما بأن بعض المسؤولين الروس دعوا إلى إعادة تطبيق حكم الإعدام من أجل التشدد في الأحكام التي ستصدر في حقّهم.

وأفاد الكرملين الاثنين بأنه لا يخوض أي نقاشات حاليا بشأن احتمال إعادة تطبيق حكم الإعدام.

وجوه مدماة
واقتيد المشتبه بهم الأربعة الذين بدت وجوههم متورمة وتحمل كدمات وجروح إلى محكمة منطقة باسماني في العاصمة بحضور عشرات الصحافيين حيث جرت الجلسات في وقت متأخر من الليل وتواصلت حتى الساعات الأولى من الصباح.

وأدخل عناصر "إف إس بي" مشتبها فيه على كرسي متحرّك بينما كان بالكاد قادرا على فتح عينيه.

ورفض بيسكوف التعليق على التقارير والتسجيلات المصوّرة التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وأظهرت عمليات تحقيق بأساليب عنيفة مع حق المشتبه بهم بعدما أوقفوا السبت.

عرّفت المحكمة عن الأربعة على أنهم محمد صابر فايزوف وشمس الدين فريدوني وراشاباليزود سعيدأكرامي وداليرجون ميرزويف. وأفاد الإعلام الرسمي الروسي بأنهم يحملون جميعا جنسية طاجيكستان.

وذكرت المحكمة بأن اثنين منهم اعترفا بذنبهما.

ولم ترد أي معلومات جديدة عن سبعة أشخاص آخرين أعلنت روسيا توقيفهم على خلفية الاعتداء.

إزالة الركام
قُتل 137 شخصا على الأقل، بينهم ثلاثة أطفال، في الاعتداء، وفق آخر حصيلة صدرت عن المحققين الروس.

وبعدما أطلقوا النار على الحاضرين في المسرح، أضرم المسلحون النيران بالمبنى، ليعلق كثر بداخله.

لقي الضحايا حتفهم إما لإصابتهم بإطلاق نار أو بسبب استنشاقهم الدخان، بحسب لجنة التحقيقات الروسية.

وكان أكثر من 5000 شخص داخل قاعة الحفلات عندما اقتحم المسلحون حفلة لموسيقى الروك بيعت جميع تذاكرها، وفق ما نقل الإعلام الرسمي الروسي عن ناطق باسم مالك الصالة قوله الاثنين.

وأفاد حاكم منطقة موسكو أندريه فوروبيوف إن عناصر الإنقاذ سيواصلون البحث تحت الأنقاض وإزالة الركام في الموقع حتى مساء الثلاثاء.

وقال في منشور على تلغرام "تتمثّل المهمة بإزالة الركام للتأكد من عدم وجود جثث تحته".

تعهّد بوتين السبت "الاقتصاص" من "الإرهابيين والقتلة والمجرّدين من الحس الإنساني" الذين نفّذوا "العمل الهمجي الإرهابي".

وأكد أنه تم توقيف أربعة مهاجمين أثناء محاولتهم الفرار إلى أوكرانيا حيث ضمنوا طريقا لعبور الحدود.

حداد
أعلن جهاز "إف إس بي" أن المسلحين كانت لديهم "جهات اتصال" في أوكرانيا، من دون تقديم تفاصيل إضافية.

من جانبه، نفى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن تكون أوكرانيا ضالعة في الهجوم.

وأفادت الولايات المتحدة التي حذّرت في السابع من آذار (مارس) من هجوم "وشيك" قد تشهده موسكو من قبل "متطرفين" بأن تنظيم الدولة الإسلامية "وحده يتحمل المسؤولية".

وحذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون روسيا الاثنين من "استغلال" الهجوم لإلقاء اللوم على كييف.

وأعلنت روسيا يوم حداد وطني الأحد إذ قدم العشرات لوضع الزهور على نصب مخصص للضحايا، بينما رُفعت لافتات تكريما لذكراهم على جوانب المباني والمواقف في أنحاء البلاد.

وذكر مذيعو القنوات التلفزيونية الرسمية في نشرة الأخبار أن المدارس الروسية تنظّم حصصا دراسية مخصصة "للإرهاب" الاثنين بينما وضع الأطفال شرائط بيضاء اللون تكريما للضحايا.