قُتل سبعة أشخاص يعملون في مؤسسة المطبخ المركزي العالمي الخيرية خلال غارة جوية إسرائيلية على مناطق في وسط قطاع غزة.

ومن بين القتلى ثلاثة بريطانيين، ودعا وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، إسرائيل إلى تقديم "تفسير كامل وشفاف بخصوص ما جرى على وجه السرعة".

وقام فريق بي بي سي لتقصي الحقائق بدراسة صور تمت مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي لأثار الهجوم، في محاولة لمعرفة تفاصيل الحادث.

ماذا نعرف عن قافلة المساعدات؟

تقول المؤسسة الخيرية إن عمال الإغاثة كانوا يستقلون ثلاث مركبات - اثنتان منهم مصفحتان، وتضيف أنها نسقت تحركات القافلة مع الجيش الإسرائيلي.

وبحسب المؤسسة الخيرية، قام فريقها بتفريغ أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية في مستودع في مدينة دير البلح وسط غزة.

ومن خلال تحليل صور نُشرت لثلاث مركبات متضررة بشدة - يظهر على سقف إحداها شعار المؤسسة الخيرية، وتمكن فريق بي بي سي لتقصي الحقائق من تحديد مواقع المركبات الثلاث.

وتبعد المسافة بين المركبات حوالي 2.5 كيلومتر (1.5 ميل)، مما يشير إلى وقوع أكثر من ضربة جوية واحدة.

خريطتان. الأولى هي خريطة لغزة، وفيها خطوط ملونة لإظهار "طرق المساعدات التي يمكن الوصول إليها" و"الطرق المغلقة" و"الطرق البديلة للمساعدات" و"نقاط التفتيش الإسرائيلية". الصورة الثانية هي صورة بالأقمار الصناعية لمنطقة القصف، وتم إبراز مواقع ثلاث سيارات متضررة.
BBC

وتمكن فريق تقصي الحقائق في بي بي سي من تحديد مواقع المركبات، من خلال مطابقة المشاهد في الصور والفيديوهات مع صور الأقمار الاصطناعية في نطاق المنطقة المذكورة وسط غزة.

وفي إحدى الصور التي تُظهر سيارة متضررة بشدة من نوع تويوتا هايلوكس، بالإضافة إلى الأشجار والسياج بجانبها، بقيت شجرة نخيل وحيدة داخل سياج محاط بسور مع نمط مميز من المباني المحيطة.

وباستخدام صور الأقمار الاصطناعية، تمت مطابقة هذه المعالم مع جزء من طريق الرشيد - الذي يمتد على طول الساحل وسط قطاع غزة.

صورة لمركبة ثانية متضررة بشدة، حيث تم وضع دائرة حول المعالم - بما في ذلك الأشجار والمباني المميزة ومقارنتها مع صورة القمر الصناعي للطريق نفسه
BBC

وفي صورة لمركبة ثانية متضررة بشدة، يمكن رؤية ثقب كبير مسنن في سقف مركبة من نوع تويوتا هايلوكس أخرى، يظهر عليها أيضا شعار المؤسسة الخيرية.

وفي مكان آخر قريب، يمكن رؤية برج وجزء من غابة حرشية وجدار منخفض في الخلفية. قام فريق بي بي سي لتقصي الحقائق بمطابقة المشهد على بعد حوالي 800 متر جنوب السيارة الأولى.

تحديد الموقع الجغرافي لمركبة المساعدات
BBC

وتم تصوير مركبة ثالثة متضررة في منطقة مفتوحة إلى الجنوب، على بعد حوالي 100 متر من الطريق.

وتقول مؤسسة المطبخ المركزي العالمي الخيرية إن المركبة الثالثة كانت "غير مصفحة"، وتبعد حوالي 1.6 كيلومتر جنوب المركبة الثانية و2.5 كيلومتر من المركبة الأولى.

صورة لمركبة متضررة بشدة تابعة لمؤسسة المطبخ المركزي العالمي الخيرية
Getty Images
تقول مؤسسة المطبخ المركزي العالمي الخيرية إن المركبة الثالثة كانت "غير مصفحة"

وقال أحد السكان المحليين، والذي كان شاهداً على الغارة الجوية: "كانت إصابة مباشرة. حاولوا إسعاف بعضهم ووضعهم في سيارة أخرى في المقدمة، لكنهم قصفوا السيارة".

وفي مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء يوم الأربعاء، قال مؤسس المطبخ المركزي العالمي، خوسيه أندريس، إن المؤسسة الخيرية كانت على اتصال واضح مع الجيش الإسرائيلي.

وأضاف أندريس أن الحادث لم يكن بسبب "سوء الحظ أو أُسقطت القنبلة في المكان الخطأ".

ما هي الأسلحة التي رُجّح استخدامها؟

عرضت بي بي سي لتقصي الحقائق صور المركبات على عدد من خبراء الأسلحة.

وعلى الرغم من أن الصور لم تُظهر شظايا صواريخ أو قنابل في مكان الحادث، لكن الخبراء درسوا الأضرار التي لحقت بالمركبات.

وقال كريس كوب-سميث، وهو ضابط سابق في الجيش البريطاني ومفتش أسلحة سابق في الأمم المتحدة، إن الهجوم ربما كان نتيجة لصواريخ سبايك التي أطلقتها طائرات دون طيار.

وصواريخ سبايك هي نوع من الأسلحة القوية التي تُطلق عادةً ضد الدبابات والمركبات المدرعة الأخرى.

ويتفق مع هذا الطرح جاستن كرامب، الضابط السابق في الجيش البريطاني الذي يدير شركة سيبيلين - وهي شركة لاستخبارات المخاطر - ويقول إن الهجوم "من المحتمل أنه نُفذ بواسطة طائرة دون طيار"، وأضاف أن الضربة قد تكون ناجمة على الأرجح عن صاروخ وليس قنبلة أو قذيفة هاون.

الضحايا

نشرت مؤسسة المطبخ المركزي العالمي أسماء عمال الإغاثة السبعة الذين قُتلوا على النحو التالي:

  • لالزومي فرانكوم الشهيرة بـ"زومي"، 43 عاماً، مواطنة أسترالية
  • داميان سوبول، 35 عاماً، مواطن بولندي
  • سيف الدين عصام عياد أبو طه، 25 عاماً، فلسطيني
  • جاكوب فليكنجر، 33 عاماً، يحمل الجنسيتين الأمريكية والكندية
  • جون تشابمان، 57 عاماً، مواطن بريطاني
  • جيمس (جيم) هندرسون، 33 عاماً، مواطن بريطاني
  • جيمس كيربي، 47 عاماً، مواطن بريطاني
صور عمال الإغاثة السبعة الذين قتلوا في غارة جوية إسرائيلية في غزة
World Central Kitchen
صور عمال الإغاثة السبعة الذين قتلوا في غارة جوية إسرائيلية في غزة

وقد نُشرت صور جثث عمال الإغاثة لأول مرة على وسائل التواصل الاجتماعي قبل الساعة 22:30 بتوقيت غرينتش في الأول من أبريل/نيسان.

وأظهرت مقاطع فيديو مصورة جثث خمسة أشخاص. وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عبر منصة إكس إنه تم انتشال جثتين من دير البلح في وقت لاحق.

وظهر شعار المؤسسة الخيرية على السترات الواقية من الرصاص لثلاثة من القتلى على الأقل.

كما أظهرت مقاطع الفيديو زملاء من مؤسسة المطبخ المركزي العالمي وهم يتعرفون على الجثث.

وقال أحدهم: "هؤلاء هم الأشخاص الذين أحضروا المساعدات من البحر"، قبل أن يصرخ وهو يتعرف على عامل إغاثة فلسطيني قُتل في الغارة.

الطريق الذي مرّت منه القافلة

وقالت المؤسسة الخيرية إن المساعدات الغذائية تم جلبها إلى غزة "عن طريق البحر".

ويتم توصيل المساعدات عن طريق البحر باستخدام رصيف بحري أنشأته مؤخراً مؤسسة المطبخ المركزي العالمي غرب مدينة غزة. وكانت أول عملية تسليم عبر هذا الطريق في 15 مارس/آذار.

ولدى المؤسسة أيضاً "مركز استقبال" يقع على طول الطريق الساحلي، ويستقبل النازحين الفارين من الشمال.

وليس واضحاً أين يقع مستودع دير البلح بالضبط، لكن مؤسسة المطبخ العالمي افتتحت مؤخراً مطبخاً ميدانياً جديداً إلى الشرق من دير البلح، قبالة طريق صلاح الدين.

ويُظهر مقطع فيديو تمت مشاركته على حساب المؤسسة في منصة إكس، الأسبوع الماضي، منطقة تخزين بها شاحنة رافعة، بالإضافة إلى طعام موجود على منصات متحركة. ويقع هذا المكان على بعد 5 كيلومترات تقريباً من المكان الذي ضُربت فيه السيارة الأولى على الطريق الساحلي.

وطلب فريق بي بي سي لتقصي الحقائق من المؤسسة الخيرية معرفة موقع المستودع وتفاصيل الإحداثيات التي شاركوها مع القوات الإسرائيلية، لكنها لم تقدم أي تفاصيل.

وأصدر رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، بياناً وصف فيه الهجوم بأنه "خطأ جسيم ما كان يجب أن يحدث"، تحدث فيه عن "خطأ في تحديد الأشخاص في ظروف معقدة خلال الليل". وأضاف أن التحقيق في الحادث سينتهي خلال "الأيام المقبلة".

ويواصل فريق بي بي سي لتقصي الحقائق التحقيق في هذا الحادث.

شارك في هذا التحقيق ميرلين توماس وأسوب علمي وجوشوا شيثام