مع انعقاد القمة العربية في دورتها الـ33 اليوم الخميس في العاصمة البحرينية، المنامة، لأول مرة، نشر العديد من الكتاب العرب مقالات حول التحديات والتوقعات من القمة.
نستطلع من تلك المقالات رسالةً كتبها الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، ونشرها في صحيفة الشرق الأوسط واستهل مقاله بالقول إن انعقادها السنوي "يكاد يعيد إلى الذهنية العربية، بل إلى الضمير العربي، صيحة المتنبي: عيد بأية حال عدت يا عيد، بما مضى أم بأمر فيك تجديد".
يقول موسى إن القمة تأتي في "لحظة حاسمة وموقف جلل" إذ تنعقد "وسط تحدٍ جدّي للوجود العربي لم يكن مطروحاً من قبل، بالنظر للقضايا الكبرى التي تعصف بالمنطقة وعلى رأسها الحرب في غزة".
لذلك، يخاطب موسى المجتمعين في المنامة، قائلًا لهم إنه يجب التعامل وفق مقولة "إما نكون أو لا نكون" وإتاحة الوقت الكافي لاستثمار القمة في صياغة مواقف تتعامل مع المشكلات المطروحة، بما يتطلبه التحدي من مواقف وإجراءات يصوغها العقل العربي الجمعي في مواجهة وضع سلبي لم يحدث مثله من قبل، على الأقل بهذا الشكل الذي يعد "إهانة سياسية واستخفافاً استراتيجياً بالعرب في مجموعهم".
كذلك يطالبهم الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية بإصدار مواقف "ترقى لحجم التجاوزات التي ترتكبها إسرائيل"، إذ "لم يحدث من قبل أن سمح النظام الدولي لدولة صغيرة مثل إسرائيل بأن تمثِّل استثناءً إزاء القانون الدولي وإزاء قيم حقوق الإنسان"، وفق قوله.
يتناول موسى أيضاً ضرورة التوصل "لقرارات عاقلة وحاسمة فيما يتعلق بالموقف المضطرب في ليبيا، ولمساعدة تونس للحفاظ على استقرارها، ورفض أن يتولى المرتزقة رئاسة السودان تحت أي ظرف من الظروف مع تشكيل لجنة لمساعدة هذا البلد على العودة إلى وضع طبيعي مستقر".
كما وجّه دعوة للنظر إلى وضع الاقليمي وما يجب أن يكون عليه موقف العرب من السياسة الإيرانية والمقاربات التركية، والوضع في البحر الأحمر وفي المياه العربية.
قمة القادة العرب هل ستكون قمة عادية رغم الظرف الاستثنائي؟
قبيل استضافتها للقمة العربية، كيف تعاملت البحرين مع الحرب في غزة؟
في ذات الموضوع، وتحت عنوان "تساؤلات حائرة أمام القمة" يكتب عبد المحسن سلامة مقالا في صحيفة الأهرام المصرية يقول فيه إن "الشارع العربي من المحيط إلى الخليج، ينتظر مواقف واضحة ومعلنة من القادة العرب فى المنامة حول كيفية مواجهة العدوان الإسرائيلي، وحرب الإبادة فى غزة، وما هى السيناريوهات المتوقعة؟ وكيفية تنفيذ هذه السيناريوهات؟.. وذلك بعدما أصبح العالم أكثر اقتناعا بعدالة القضية الفلسطينية"، وفق تعبير المقال.
يرى سلامة أن الدول العربية لديها أوراق ضغط كثيرة، كأرصدة عربية في البنوك الأميركية، و إمدادات النفط والتي سبق واستخدمها العرب في حرب تشرين الأول (أكتوبر) عام 1973 مع إسرائيل، مطالباً أن تطرح هذه الأوراق للنقاش في ظل الأحداث الراهنة.
يرى الكاتب أن مأساة غزة تحولت "إلى خطر وجودى يهدد العالم العربي كله من المحيط إلى الخليج، والمسألة كلها مسألة وقت، وبالتدريج، فاليوم فى غزة، وغدا فى منطقة ثانية .. قبل أن يعود العالم العربي إلى عصور الاحتلال والانتداب مرة أخرى"، وهو ما يستدعي ضرورة اتخاذ الزعماء المجتمعين في المنامة لمواقف قوية وواضحة.
"لعبة أميركا الخطيرة" مع الأمن الإسرائيلي
وفي الصحافة الإسرائيلية، يكتب جاكوب ناجل وهو مستشار الأمن القومي السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي، مقالاً في صحيفة جيروسالم بوست بعنوان " لعبة أمريكا الخطيرة مع الأمن الإسرائيلي"، يتناول فيه زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، إلى إسرائيل في نهاية هذا الأسبوع.
يقول ناجل إن زيارة سوليفان كمبعوث للرئيس الأمريكي جو بايدن "ليست مدفوعة بالمصالح الإسرائيلية، بل بالمصالح الأميركية قبيل انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر)، في وقت اتخذت الولايات المتحدة الكثير من الإجراءات الحكومية التي من شأنها أن تمنع إسرائيل من تحقيق نهاية منتصرة في غزة وتأمين عودة جميع الرهائن".
ويتهم ناجل الولايات المتحدة بالضغط على إسرائيل من أجل الحصول على ما وصفها "جزرة التطبيع مع المملكة العربية السعودية"، وهو النهج الذي لا يتفق مع التصور الاستراتيجي للأمن القومي الإسرائيلي، وفق ناجل، مضيفاً "أن أحد الركائز الأساسية لاستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي هي الاعتماد على الذات في الدفاع من دون مساعدة خارجية، بما في ذلك من الولايات المتحدة".
يتوقف الكاتب عند احتمالية تطبيع العلاقات مع السعودية، في ظل الزيارات المكوكية لمسؤولين أمريكيين للرياض وإسرائيل، ويقول إنه على الرغم "من الأهمية القصوى لهذه الخطوة، التي تبرر المخاطرة من أجل اغتنام الفرصة، إلا أنها لا ينبغي أن تأتي بأي ثمن"، ذلك في ظل وجود رغبة أمريكية بأن يرتبط التطبيع ومعاهدة الدفاع الإشكالية بـ"الخضوع الإسرائيلي في غزة"، وفق تعبيره.
لماذا تشترط واشنطن على الرياض التطبيع مع إسرائيل قبل توقيع معاهدة الدفاع المشترك؟
وعلى الرغم من أن السعودية حسّنت من بعض شروطها ومطالبها فيما يتعلق بالقضايا النووية خلال مفاوضاتها، من وجهة نظر الكاتب، إلا أن ذلك ليس كافياً، "فالتطبيع المقترح حالياً أضعف مما كان عليه قبل الحرب، والتنازلات المطلوبة من إسرائيل كبيرة، ومن الأهمية بمكان أن تقوم إسرائيل بإبلاغ سوليفان بوضوح وبصوت عال بعيوب التطبيع المقترح واتفاق الدفاع وألا تتعجل في التوقيع".
يعتقد ناجل أنه عندما تنتهي الحرب في غزة، نهاية "ناجحة وكاملة"، ويعود جميع الرهائن والسكان إلى منازلهم في الشمال، حينها فقط يمكن أن يتم التوصل إلى اتفاق ثلاثي يشمل الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل، مع المخاطرة المحسوبة التي يمكن أن تفتح الأبواب أمام العمل المشترك ضد البرنامج النووي الإيراني.
صداقة "تهزّ العالم"
بالتزامن مع زيارة يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الصين لمدة يومين، يكتب صحفيون في الفايننشال تايمز تحليلاً موسعاً حول التعاون الاقتصادي بين البلدين، وإلى أين يمكن أن يتجه.
يستعرض المقال الذي جاء بعنوان " "صداقة اقتصادية تهزّ العالم" تطور التجارة بين البلدين، قائلاً إن الروابط الاقتصادية بينهما مزدهرة، لكنها تواجه ضغوطا بسبب العقوبات الغربية، حيث تقوم الصين بشحن البضائع، بدءا من السيارات والآلات الصناعية إلى الهواتف الذكية، وشراء مليارات الدولارات من صادرات الطاقة الروسية، إذ تفوقت موسكو العام الماضي على المملكة العربية السعودية لتصبح أكبر مورد للنفط للصين.
ومع أن الصين تقول إنها لا تزود روسيا بأسلحة فتاكة، لكنها برزت كقناة مهمة لصناعة الدفاع الروسية.
يشير المقال إلى أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين هي واحدة من أوضح العلامات على رغبة الصين في إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية العالمية باستخدام التجارة وعلى حساب الولايات المتحدة، يستند ذلك إلى "مشاعر يمتلكها الشعب الصيني بأنه أقرب إلى الروس من الغرب"، حيث يتعرض كلا البلدين لعقوبات شديدة.
يحاول بوتين الاستفادة من هذا الشعور، واستخدامه من خلال وضع الخطوط العريضة كي يقود الأغلبية العالمية من البلدان التي سئمت من الهيمنة الكاملة للولايات المتحدة على العالم، وفق المقال، لكن قد لا تنظر الصين لهذه العلاقة مع روسيا بذات الطريقة.
إذ ينقل صحفيو الفايننشال تايمز عن محللين وخبراء بأن "خطط الصين الخاصة للاستفادة من قوتها الاقتصادية من أجل تحقيق نفوذها العالمي قد تتعارض مع طموحات روسيا.... فعلى المدى الطويل، قد تفقد الصين جزئياً اهتمامها بالعلاقات مع روسيا بعد أن تحقق الاكتفاء الذاتي الاستراتيجي".
وهو ما يثير التساؤل عن ما إذا كانت هذه العلاقة "ستؤدي إلى المزيد من الفوضى بدلاً من قاعدة جيوسياسية متماسكة؟".
التعليقات