نبدأ عرض الصحف بتحليل كتبه أنشيل فيفر في صحيفة هآرتس الإسرائيلية بعنوان " بعد استقالة غانتس، لم يعد هناك من يلوم نتانياهو على تردده".

ويقول الكاتب: "الآن اختفت شبكة الأمان الخاصة بنتانياهو، وأصبح مستقبل إسرائيل القريب ضبابياً بالكامل".

ويضيف التقرير أن زعيمي حزبي الوسط في إسرائيل التقيا مع بنيامين نتانياهو مساء يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، بعيد هجوم حماس. وكان لدى يائير لابيد، الزعيم الرسمي للمعارضة، شرط رئيسي واحد للدخول في ائتلاف في زمن الحرب؛ إزالة زعيمي اليمين المتطرف إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش من منصبيهما الوزاريين.

أمّا بيني غانتس، صاحب نصف القوة البرلمانية التي يتمتع بها لابيد، أبدى موافقته على احتفاظ الجميع في ائتلاف نتانياهو بوزاراتهم. وكان شرطه، المتمثل في تشكيل مجلس حرب لا وجود لليمين المتطرف فيه، أكثر قبولا لدى نتانياهو.

ويقول الكاتب إن ذلك لم يعجب بن غفير وسموترتش، لكن أمكنهما بموجبه الاحتفاظ بمنصبيهما، كما تمكن نتانياهو من الاحتفاظ بالأغلبية التي أعادته إلى منصبه قبل تسعة أشهر.

ويقول فيفر إن غانتس لعب دورا بارزا في قرارين حاسمين في الحرب في غزة. ففي الأسبوع الأول من توليه منصبه، وقف إلى جانب نتانياهو بحزم في معارضة مطالب وزير الدفاع، يوآف غالانت، وجنرالات الجيش بتنفيذ هجمات استباقية على حزب الله في لبنان. وبعد شهرين، كان غانتس وغالانت، إلى جانب غادي آيزنكوت، هم الذين ضغطوا على نتانياهو لقبول وقف إطلاق النار لمدة أسبوع مع حماس، والذي ضمن إطلاق سراح 105 رهائن.

ويرى الكاتب أن الأمر المعلوم حقا هو أن غانتس غير تصادمي وعادة ما يتبع خط المؤسسة الأمنية.
ويتساءل المقال عن أسباب انسحاب غانتس وآيزنكوت الآن من مجلس الحرب -رغم محورية دوريهما- ليتركا غالانت ونتانياهو بمفردهما للتعامل مع بن غفير وسموتريتش؟

ويجيب أن غانتس وآيزنكوت توصلا إلى نتيجة مفادها أن نتانياهو يستخدمهما كحاجز ضد بن غفير وسموتريتش، لتفادي انتقادات اليمين المتطرف بعدم ضرب رفح بقوة أكبر وعدم تصعيد الحرب على الحدود الشمالية.
ويقول أنشيل فيفر إنه لن يتحمل نتانياهو أحد سوى غالانت، وقد يضطر في النهاية إلى الوقوف في وجه حلفائه المتطرفين بمفرده، أو ربما ستكتسح جبهة معارضة واسعة الحكومة وسط موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات.

ويختتم المقال مستنتجا أنَّ "إسرائيل عالقة على كل الجبهات، وهي كذلك منذ أشهر. إذا كان حتى غانتس، (الرجل المنضبط)، يغادر الآن مجلس الحرب، فهذه الحكومة عديمة الفائدة تماما".

"هل يضطر نتانياهو إلى وقف إطلاق النار؟"

ونواصل متابعة أصداء استقالة غانتس وآيزنكوت مع صحيفة الإيكونوميست، إذ نشرت تحليلا بعنوان "هل ستجبر مغادرة غانتس وآيزنكوت بنيامين نتانياهو على اتخاذ قرار بالدفع تجاه وقف إطلاق النار"؟

وتقول الصحيفة إن بيني غانتس أمضى 37 عاما من حياته صاعدا سلم مناصب الجيش الإسرائيلي إلى القمة. وانضم مرتين -في أوقات الطوارئ- إلى الحكومات التي يقودها بنيامين نتانياهو، وقاد غانتس السياسة نهاية عام 2018 بنية واضحة ليحل مكان نتانياهو، وتشير استطلاعات الرأي الآن إلى أنه من شبه المؤكد أنه قادر على ذلك، لكن شريطة إجراء الانتخابات هذه الأيام.

وتضيف الصحيفة أن غانتس وآيزنكوت لا يعتقدان أن حرب إسرائيل مع حماس في غزة قد انتهت، لكن كلاهما يعتقد أنه من الممكن، بل وينبغي، إيقاف هذه العملية مؤقتاً، لبضعة أشهر على الأقل، للسماح بالإفراج عن الرهائن الباقين على قيد الحياة.

مجلس الحرب الاسرائيلي المصغر
Reuters
بيني غانتس (يمين)، ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (وسط)، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو (يسار)، خلال أحد المؤتمرات الصحافية السابقة لمجلس الحرب.

وتقول الصحيفة إن نتانياهو ليس في عجلة من أمره لإنهاء الحرب، وإن من شأن وقف إطلاق النار أن يزيد من صعوبة تجنبه المحاسبة بعد الحرب على كل الأخطاء التي ارتكبت، والتركيز على استراتيجية فرق تسد التي اتبعها على مر السنين للسماح لحماس بترسيخ نفسها في غزة من أجل تعميق الانقسامات داخل القيادة الفلسطينية بين حماس والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

وبينما لن تؤدي استقالة غانتس بحد ذاتها إلى فرض إجراء انتخابات، نظرا للأغلبية التي يمتلكها نتانياهو في الكنيست، لكنها استقالة تترك نتانياهو معتمدا بشكل كامل على اليمين المتطرف، وفقا للإيكونوميست.

نتانياهو، كما يرى التحليل، لا يرغب أيضاً في التصعيد، وخاصة مع ممارسة أميركا ضغوطاً متزايدة تجاه ضرورة وقف إطلاق النار.

وتقول الصحيفة إن نتانياهو سوف يفتقد شركائه الوسطيين الذين ساعدوه في تفادي القيام بعمل عسكري أكثر تدميراً، والذي من شأنه أن يؤدي إلى عزلة دولية أكبر من أي وقت مضى وتعميق الأزمة غير المسبوقة بالفعل مع الولايات المتحدة.

وتقول الصحيفة إن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيواصل محاولته كسب الوقت، لكن سيتعين عليه الاختيار بين التصعيد أو تقليص حجم التوترات في مرحلة ما، ولن يتمكن بعد الآن من الاعتماد على النفوذ المعتدل للوزراء الوسطيين لمنحه مساحة للمناورة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن نتانياهو يمتلك بدائل للتصعيد؛ بالانفصال عن اليمين المتطرف وقبول غطاء المعارضة لدعم حكومته مقابل وقف إطلاق النار واتفاق لإطلاق سراح الرهائن، والخيار الآخر هو حل الكنيست والرهان على الانتخابات.

لكنَّ حل الكنيست خطوة تشبه المقامرة، إذ تقول استطلاعات الرأي الأخيرة إن ثلاثة أرباع الإسرائيليين يؤيدون رحيل نتيناهو إن لم يكن الآن، فبعد الحرب، وفقا للمقال.

"السعودية حريصة على حقن الدماء.. عكس إيران"

وفي صحيفة الشرق الأوسط نتابع مقالا لطارق الحميد بعنوان "مفاوضات غير سرية"، يعتبر فيه أن السرية تحيط عادة بكل المفاوضات في العالم، إلا بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة.

ويقول الكاتب إنه في مفاوضات غزة، وبعد أن طرح الرئيس جو بايدن خطة المراحل الثلاث لوقف إطلاق النار، وترقب موافقة نتانياهو، وأعضاء حكومته، ثم انتظار موافقة يحيى السنوار، وموقف الفصائل الفلسطينية المرتبك، خرج المرشد الإيراني متحدثاً بأن المنطقة كانت في حاجة إلى عملية السابع من تشرين الأول (أكتوبر) وأنها عملية أوقفت مسار التطبيع بالمنطقة.

واعتبر طارق الحميد أنَّ موقف المرشد الإيراني العلني يرفض وقف إطلاق النار في غزة، وهذا ما أنسى المجتمع الدولي التعنُّت الإسرائيلي بقيادة نتانياهو، بل إن بايدن تراجع عن تصريحه في مجلة "التايم" بأن نتانياهو يطيل أمد الحرب من أجل تحقيق أهداف سياسية، وفقا للكاتب.

علما السعودية وإيران
Reuters
يرى الكاتب أنه حتى لو قرر السنوار الآن تقديم تنازلات غير مسبوقة، فإن نتانياهو سيتشدد بعد عملية إطلاق الرهائن، ولن يخشى الرأي العام أو المعارضة الإسرائيلية.

ويشير المقال إلى عملية تحرير الرهائن الأربعة من غزة، واصفا العملية بالنصر المحدود الذي يمنح نتانياهو مزيداً من الوقت في إسرائيل، وهو ما يعني أن الخاسر الأكبرهم العزل الأبرياء في غزة.

ويقول الحميد إنه على تلك الشاكلة تضيع الفرص "من أجل حقن الدماء في منطقتنا، وتحديداً في القضية الفلسطينية، وفي غزة على وجه الخصوص"، معتبر أن "إيران تذكر العالم، وقبله المنطقة، بأنها المعطلة، وأن حساباتها دائماً خاطئة، ولا تحقق إلا مزيداً من الخسائر بالأرواح والمقدرات".

ويخلص الكاتب إلى أنه نظرا لكل تلك الأسباب يرى أن ما يجري هو مفاوضات غير سرية، "ومن السهل معرفة الحريص فيها على حقن الدماء، وحماية القضية الفلسطينية وأهلها، وهم العرب وعلى رأسهم السعودية، وبين من لا تكترث لذلك، وهو إيران".