نواكشوط: ينتخب الموريتانيون رئيسهم المقبل السبت، ويعد الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني الأوفر حظّاً للبقاء على رأس هذا البلد الصحراوي الشاسع الذي تمكن من احتواء انتشار الجهاديين على عكس جيرانه في منطقة الساحل.

ودُعي حوالى 1.94 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع لاختيار أحد المرشحين السبعة، ليقود خلال السنوات السبع المقبلة بلداً يعد ساحة استقرار نادرة في غرب إفريقيا ومنتجاً مستقبلياً للغاز.

انتخابات محورية في التاريخ
ويقول عبدالله إيواه الأستاذ في جامعة نواكشوط الذي يقدّم نفسه على أنّه مؤيّد للرئيس، لوكالة فرانس برس، إنّ "هذه الانتخابات محورية في التاريخ السياسي لموريتانيا"، مضيفاً أنّها ستُسهم في "تثبيت الاستقرار".

لم تشهد موريتانيا أي هجمات منذ العام 2011، بينما تشهد مالي المجاورة ومنطقة الساحل عموماً الكثير من الهجمات. ولكن بينما لا يبدي العسكريون في كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر أيّ إشارة إلى استعدادهم لإعادة السلطة التي استولوا عليها منذ العام 2020، فإنّ موريتانيا تطيل عبر الانتخابات أمد فرصة تنظيم أول انتقال للسلطة بين رئيسين منتخبين منذ الاستقلال عن فرنسا.

مصدر طاقة لأوروبا
ويؤكد عبدالله إيواه أنّ البلاد أصبحت أيضاً "مهمّة جدّاً لأمن الطاقة في أوروبا لأنّها ستصبح منتجاً للغاز وهي واعدة للغاية في ما يتعلّق بالهيدروجين الأخضر، وهو طاقة قد تستبدل الوقود الأحفوري".

وبعد ولاية أولى طغت عليها جائحة كوفيد-19 وتداعيات الحرب في أوكرانيا، جعل الغزواني مكافحة الفقر ودعم الشباب أولويته خلال الولاية الثانية الذي يطمح إليها. ويمثّل الشباب الذين تقلّ أعمارهم عن 35 عاماً أكثر من 70 في المئة من السكان.

تنتشر صور الغزواني مع شعار "الخيار الآمن" في كلّ مكان في العاصمة والأقاليم. وفي وسط نواكشوط، نُصبت خيم يجتمع فيها مؤيدوه حيث يرقصون ويغنّون ويتناقشون.

يقول يعقوب عبيدالله (34 عاماً)، "أَدعم الرئيس لولاية ثانية. ننعم بالسلام. السكان آمنون. إنّه يحمل برنامج مساعدات اجتماعية واسع النطاق. إنّه مرشّحي".

من ناحية أخرى، تبرز الانتقادات في إحدى الخيم القليلة التي تضم أنصار حمادي ولد سيدي المختار مرشّح حزب التواصل الإسلامي، القوة الأولى في المعارضة البرلمانية.

جولة أو جولتان؟
يقول أحمد زين وهو أحد مناصري حمادي ولد سيدي المختار "هذه البلاد لا تتنفّس. نظام التعليم والصحة، الفساد، ومصادرة السلطات من قبل مجموعة صغيرة من الرجال... كلّ شيء متوقّف. نحن بحاجة إلى تغيير جذري من أجل نهضة بلادنا".

في احدى الأسواق الشعبية في العاصمة، يعرب إدومو مبارك بائع الأحذية البالغ 37 عاماً، عن الرغبة ذاتها، غير أنّه سيصوّت للناشط في مجال حقوق الإنسان بيرام الداه أعبيد.

لا يؤمن مبارك بحقيقة الديموقراطية. ويقول ساخطاً "الجيش هو دائماً الذي يملي مستقبلنا. يتدخل في كلّ شيء كي يفوز مرشّح النظام". وكان الغزواني في الجيش سابقاً.

الغزواني أكثر قوة
يعتبر المراقبون أن الغزواني سيفوز من الدورة الأولى، نظراً للانقسامات التي تشهدها المعارضة وفي ظلّ تشتت الموارد لصالح الرئيس الحالي.

وفي هذا السياق، ندّدت المعارضة بـ"انتخابات أحادية الجانب"، واتهمت اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلّة بـ"عدم القيام بأيّ شيء لضمان سيرها بسلاسة".

كذلك، طالبت المعارضة بالتحقّق البيومتري من أسماء الناخبين أثناء التصويت، الأمر الذي اعتبرت اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلّة أنّه "من المستحيل" القيام به قبل الموعد النهائي، مشيرة إلى أنّه سيكون "مكلفاً للغاية من الناحية المالية". وكانت المعارضة قد شكّكت في الانتخابات التشريعية قبل عام.

الرقابة الدولية
في هذه الأثناء، لم يتوجه سوى عدد قليل من المراقبين الدوليين إلى موريتانيا. وأرسل الاتحاد الإفريقي 27 مراقباً لفترة قصيرة، بينما لم يرسل الاتحاد الأوروبي بعثة، بل ثلاثة خبراء انتخابيين فقط.

من جهتها، شكّلت الحكومة الموريتانية مرصداً وطنياً لمراقبة الانتخابات، الأمر الذي تعتبره المعارضة أداة للتلاعب بالأصوات.

إلى ذلك، أعلن ائتلاف من ناشطي المجتمع المدني عن إنشاء مرصد مستقل، لكنّ أحد مسؤوليه اتهم اللجنة الانتخابية المستقلّة بـ"عرقلة" إنشاء هذا المرصد.