القدس: عند مدخل مكتب عضو الكنيست أحمد الطيبي، عبارة "أجمل الأيام هي تلك التي لم نعشها بعد". ويتمسّك الطيبي بهذا القول في مواجهة حملة يتعرّض لها العرب الإسرائيليون منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وفق تعبيره.

وقال النائب العربي الإسرائيلي لوكالة فرانس برس "لقد كانت، ولا تزال هناك، أيام صعبة بالنسبة للمواطنين الفلسطينيين العرب في إسرائيل".

بعد المقطع المأخوذ من الشاعر التركي ناظم حكمت، علّقت على الحائط داخل المكتب في مبنى الكنيست في القدس، صور للطيبي مع الرئيس الأسبق للولايات المتحدة بيل كلينتون، ومع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وغيرها…

وتحدّث الطيبي عن ملاحقات متزايدة تطال العرب الإسرائيليين منذ هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الذي شنّته حركة حماس داخل إسرائيل وأسفر عن مقتل 1194 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة لوكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

واندلعت حرب مدمّرة بعد الهجوم في قطاع غزة، وتسبّب القصف الإسرائيلي والعمليات البرية بمقتل ما لا يقلّ عن 37765 فلسطينيا، حسب وزارة الصحّة التابعة لحماس.

في موازاة ذلك، تتعرّض الأقلية العربية في إسرائيل التي تشكّل حوالى 20 بالمئة من سكان البلاد، لضغوط كبيرة. وتقول مؤسسات حقوقية إن هناك جرائم كراهية متزايدة وإجراءات شرطية غير عادلة.

وقال الطيبي، رئيس الجبهة الديموقراطية والعربية للتغيير، إن الشرطة الإسرائيلية طاردت بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، "المئات من المواطنين العرب بسبب كتابتهم مقالاً أو قصة تعاطفت مع أطفال غزة أو قالوا لا للحرب".

وقال مركز "عدالة" القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل إن أفراد المجتمع الذين أعربوا عن تعاطفهم مع المدنيين في قطاع غزة تعرضوا للعقاب بشكل غير عادل.

وأظهرت أرقام المركز "أن الشرطة الإسرائيلية اعتقلت بين 7 تشرين الأول (أكتوبر) حتى 27 آذار (مارس) أكثر من 400 شخص من العرب بتهم تتعلق بالتعبير، وتقول الشرطة إنها ترقى إلى مستوى "التحريض على الإرهاب".

وقال المركز في تقرير إن "الحملة على حرية التعبير خلقت وضعا لا يستطيع معه المواطنون الفلسطينيون، العرب في إسرائيل، الاحتجاج أو التعبير عن آرائهم بحرية".

"الموت للعرب"
وأكّد الطيبي أنه وغيره من المواطنين العرب في إسرائيل كانوا ضد مقتل المدنيين في السابع من تشرين الأول (أكتوبر). وأضاف "قلنا هنا وفي كل مكان إننا ضد استهداف المدنيين في جنوب إسرائيل، وضد استهداف أي طفل أو أي امرأة".

وتابع "في هذه الأثناء، نحن نتحدّث عن أكثر من 15 ألف طفل فلسطيني قتلوا في غزة".

وطالب طلاب يهود في بعض الكليات الجامعية في إسرائيل بإبعاد الطلاب العرب الذين واجهوا إجراءات تأديبية، حتى لو تمّت تبرئتهم في بعض الحالات. وخلال احتجاج في مساكن الطلاب في وسط إسرائيل، هتف طلاب "الموت للعرب!".

في تشرين الثاني (نوفمبر)، احتج إسرائيليون يمينيون لدى متجر في القدس يعمل فيه عمال عرب.

وقال الطيبي الذي يشير الى إنه فقد 13 فردا من أقاربه في غزة "بسبب القصف الإسرائيلي"، إنه "لم يتم توقيف أيا من الذين دعوا في إسرائيل الى ترحيل المواطنين العرب وقتل كل العرب وتدمير غزة كلها".

ورأى أن الخطاب المناهض للعرب لا يحظى برد فعل يذكر من الشرطة.

وتقدّم الحكومة الإسرائيلية وجود عرب في المحاكم والمستشفيات والبرلمان كدليل على قبولهم واندماجهم في المجتمع.

لكن الطيبي اعتبر أن "عدم المساواة بين العرب واليهود يزداد سوءا"، خصوصا منذ تشرين الأول (أكتوبر)، "إذ أصبح حكماً عرقياً، لليهود فقط".

"سنبقى"
وروى أنه تلقّى "مئات التهديدات من إسرائيليين عاديين. عندما تكون هناك حرب… يُعتبر الجميع هدفا مشروعا".

وعندما سئل عما إذا كان يخشى التعرّض لاعتداء، أجاب: "لا، ولكنني حذر".

وانتقد الطيبي كلا من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وحليفه اليميني المتطرف وزير الأمن القومي إيتامار بن غفير بسبب سوء معاملة العرب.

وقال عن بن غفير المدان في الماضي بالتحريض على العنصرية "إنه إرهابي، وفقا للقانون الإسرائيلي".

ووصف بن غفير الطيبي بأنه إرهابي وطالب بإقالته من البرلمان بسبب تصريحاته المؤيدة للفلسطينيين. وقال الطيبي "الجو العام في إسرائيل… يكاد يكون فاشيا".

لكنه قال إنه لا يزال لديه أمل "في أن يتمكّن اليهود والعرب من إعادة بناء الجسور"، مضيفا “أنا واقعي ولكنني متفائل دائما، لأنني على الجانب الصحيح من التاريخ".

وأضاف أنه إذا انتهت الحرب في غزة، فإن "الديموقراطية هي السبيل الوحيد" لحلّ الأزمة مع قيام دولة فلسطينية بحقوق كاملة.

وتابع "إنه حق طبيعي للفلسطينيين. الفلسطينيون في هذه البلاد، فلسطينيو الداخل، المواطنون في إسرائيل ليسوا مواطنين عابرين هنا، ليسوا مواطنين مع وقف التنفيذ. كنا هنا وسنبقى هنا".

وختم الطيبي "نعم نواجه فاشية متنامية، نواجه محاولات تخويف وترهيب، في الجامعات وفي أماكن العمل وفي المستشفيات… صمدنا في الماضي وسنصمد أمام هذه الموجة من الفاشية والعنصرية. وكما قال محمود درويش +نحن نحبّ الحياة ما استطعنا اليها سبيلا+".