نتناول في عرض الصحف اليوم، قانون أمريكي يمكنه أن يسمح بإيقاف المعونات العسكرية الأمريكية لإسرائيل لارتكابها "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان"، والتناقض في الرؤية الإسرائيلية لعنف المستوطنين والحرب في غزة، وتحليل للموقف الإسرائيلي إزاء محور فيلادلفيا.
نبدأ من صحيفة نيويورك تايمز ومقال لبيتر بينارت بعنوان "يمكن لهاريس تغيير سياسة بايدن تجاه إسرائيل بمجرد الالتزام بالقانون".
يرى الكاتب أن كمالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة ونائبة الرئيس، في مأزق الآن، فعلى الرغم من حشد الديمقراطيين خلفها، إلا أنها تُقابل باستهجان من المتظاهرين الذين يريدون إنهاء الدعم الأمريكي لحرب إسرائيل في غزة، ويطالب العديد من هؤلاء أن تؤيد هاريس حظر الأسلحة ضد إسرائيل.
ويعتبر الكاتب أن هناك حلاً يسمح لهاريس بفعل أكثر من الدعوة إلى وقف إطلاق النار، حيث يمكنها الانفصال عن دعم جو بايدن "غير المشروط تقريباً" للحرب الإسرائيلية التي يرى العديد من القانونيين أنها أدت إلى إبادة جماعية.
يقول الكاتب: "يمكن لهاريس القيام بما يليق بمدعية عامة سابقة، عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، ينبغي لهاريس أن تقول ببساطة إنها ستنفذ القانون".
ويشير الكاتب إلى أن القانون الذي يتحدث عنه موجود منذ عقد من الزمان، ويحظر على الولايات المتحدة مساعدة القوى الأجنبية التي ترتكب "انتهاكات جسيمة" لحقوق الإنسان، ويمكنها استئناف تلك المساعدات "إذا عاقبت الدولة الأجنبية الجناة بشكل مناسب"، إذ أقر الكونغرس عام 1997، القانون الذي يحمل اسم السناتور السابق باتريك ليهي - وقد تم تطبيقه مئات المرات - بما في ذلك ضد حلفاء الولايات المتحدة مثل كولومبيا والمكسيك.
إن هذا القانون لم يُطبق قط على إسرائيل، الدولة التي تلقت على مدى العقود الثمانية الماضية مساعدات أمريكية أكثر بكثير من أي دولة أخرى، كما يقول الكاتب، ويستذكر بإقرار تشارلز بلاها، المسؤول السابق بوزارة الخارجية في مايو/أيار الماضي بأن "هناك عشرات من وحدات قوات الأمن الإسرائيلية التي ارتكبت انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان"، وبالتالي يجب أن تكون غير مؤهلة للحصول على مساعدات أمريكية بحسب الكاتب.
ويرى بينارت أن قوة قانون ليهي تكمن في أنه عالمي، إذ أن هاريس لن تكون مضطرة إلى اختراع معيار جديد، بل يمكنها ببساطة تأييد المعيار المنصوص عليه في القانون الأميركي، ولن يؤدي هذا إلى تغيير السياسة الأميركية بين عشية وضحاها، ولكنه سيبعث برسالة إلى مسؤولين مثل بلينكن والمسؤولين الذين ستقوم هاريس بتعيينهم إذا وصلت للرئاسة، مفادها أن استثناء إسرائيل من قانون ليهي يجب أن ينتهي.
ويختتم الكاتب بأن "فرضية قانون ليهي هي أن جميع الأرواح - بما في ذلك أرواح الفلسطينيين - ثمينة على قدم المساواة، ويمكن لكامالا هاريس أن تثبت أخيراً أن مرشحة الحزب لمنصب الرئيس توافق على ذلك".
"لماذا يشعر الإسرائيليون بالصدمة إزاء أفعال المستوطنين في الضفة الغربية لكنهم لا يرون مذبحة غزة"
إلى صحيفة هآرتس ومقال لجدعون ليفي بعنوان "لماذا يشعر الإسرائيليون بالصدمة إزاء أفعال المستوطنين في الضفة الغربية لكنهم لا يرون مذبحة غزة؟".
ويقول الكاتب إنه من السهل أن يشعر الإسرائيليون بالصدمة إزاء أفعال المستوطنين، حيث يقولون لأنفسهم هذا ليس نحن، وأن من يرتكبون ذلك ليسوا جزءً من إسرائيل، إذ يتنصل الجميع من المسؤولية ويبدأ الساسة في الإدانة، وحتى الصحافة تظهر تعبيراً عن الصدمة.
ويرى الكاتب أنه على النقيض يتم "إخفاء جرائم الجيش"، إذ يتم إبراز "جرائم المستوطنين" على الرغم من أنها "تتضاءل مقارنة بجرائم الجيش"، على حد تعبيره.
ويوضح ليفي أنه "في جيت، وحوارة، وقصرة، وجنوب تلال الخليل، والجزء الشمالي من وادي الأردن، يعيش الناس تحت رعب المستوطنين، ولكن مقارنة بالدمار الذي يخلفه الجيش في غزة والضفة الغربية، فإن أعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون ليست سوى أمر بسيط".
ويشير إلى أن "معسكر الاحتجاج هو الذي لا يرغب في رؤية كل ذلك، فاليمين يختفى عندما يرى أي عرض من عروض الشر التي تلحق بالفلسطينيين، إذ يلبي ذلك رغبته في الانتقام وسفك الدماء، ولكن معسكر الاحتجاج ليس كذلك".
"بنيامين نتنياهو هو رئيس الوزراء، وهو المسؤول عن كل هذا، بعض المستوطنين ينتهكون القانون، وفوق كل هؤلاء تخيم سحابة سوداء تغطي أفعالهم: الجيش الإسرائيلي، فهو الرأس الحقيقي للهرم، وهو الجسم الذي نستمر في تقديسه، متجاهلين ما يفعله". كما ورد يختتم الكاتب المقال.
"لماذا يصرّ نتنياهو على رفض الانسحاب من محور فيلادلفيا ولو كإجراء مؤقت؟"
ونختتم بصحيفة القدس العربي، التي جاءت افتتاحيتها بعنوان "محور صلاح الدين: أين الموقف المصري؟".
وتقول الصحيفة إن مصادر سياسية وإعلامية متعددة أكدت أن نقطة الخلاف الرئيسية في المفاوضات الجارية بين حماس وإسرائيل تتركز على رفض إسرائيل الانسحاب من محور صلاح الدين (المعروف أيضا بمحور فيلادلفيا) الحدودي، وهو معبر ثلاثي الاتجاهات بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة يمتد على مسافة 14 كيلومترا، إضافة إلى رفض إسرائيل الانسحاب من محور نتساريم قرب مدينة غزة الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه.
"إن حماس تصر على انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من المحور فيما تصرّ حكومة بنيامين نتنياهو على السيطرة عليه، وأن نتنياهو رفض حلولا لتأمين الصفقة من أطراف في حكومته، بمن فيهم وزير الدفاع يوآف غالانت الذي اقترح الانسحاب لفترة محدودة مدتها ستة أسابيع."
وتتساءل الصحيفة: لماذا يصرّ نتنياهو على رفض الانسحاب من محور فيلادلفيا ولو كإجراء مؤقت؟
ترى الصحيفة أنه "يمكن تبيّن ملامح الجواب من مواقف الأطراف الأخرى، وعلى رأسها، بالطبع، الوسيط الأمريكي، الذي اقترح، حسب مصادر إعلامية، تقليص تواجد الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا وعدم الانسحاب منه، إلى جانب عودة السلطة الفلسطينية إلى الإدارة، تحت قيادة إسرائيلية".
إلى الجانب التاريخي للمحور الذي يقع - بحسب معاهدة السلام الموقعة عام 1979 بين مصر وإسرائيل - في المنطقة القريبة من الحدود التي يرمز إليها بـ(ج)، وهي منطقة منزوعة السلاح بموجب المعاهدة، وبعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2004 وإخلاء المحور تم نقل سلطة محور صلاح الدين الى السلطة الفلسطينية ومصر والاتحاد الأوروبي، ووُقع اتفاق تنشر بموجبه مصر حرس حدود في رفح الفلسطينية وتسيّر دوريات على الجانب المصري باعتبارها "قوة لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود" لا قوة عسكرية، مع الإشارة إلى أن هذا إجراء أمني وليس إلغاء لاعتبار المنطقة منزوعة السلاح بحسب الصحيفة.
وترى الصحيفة أنه "بمقاطعة السياق التاريخي الآنف مع التطوّرات الخطيرة الجارية في القطاع، يتجاوز إصرار حكومة نتنياهو على الاحتفاظ بمحور صلاح الدين مسألة المماحكة على التفاصيل أو محاولة انتزاع أكثر ما يمكن من المفاوضات، بل إن المعنى العميق للموضوع يتمثّل في استراتيجية إسرائيل، بقيادة نتنياهو وشركاه، بتعديل شروط السلام مع مصر، وإلغاء السلطة الفلسطينية، ورفض الرعاية الأوروبية لحل الدولتين والتسوية مع الفلسطينيين".
وتخلص الصحيفة إلى أنه "رغم ما يقال عن أن اختيار الجيش الإسرائيلي لتسمية محور صلاح الدين بـ(فيلادلفيا) كان عشوائيا، لكن الواقع أن اختيار الأسماء له أهمية رمزية كبيرة بقدر الجغرافيا، وأن استيلاء إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، وانتهاك الحماية القانونية الدولية للمدنيين، والرعاية الأوروبية لحل الدولتين، واتفاق السلام مع مصر، قضايا مترابطة يكون فيها الاستيلاء على الحاضر معادلا للاستيلاء على التاريخ" بحسب الصحيفة.
التعليقات