إيلاف من واشنطن: تواجه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس المرشحة الديمقراطية في انتخابات الرئاسة، تطورات دراماتيكية في الشرق الأوسط في وقت حساس، بعد مقتل تسعة أشخاص الثلاثاء، بينهم طفلة، وإصابة أكثر من 2800 بجروح، في تفجيرات أجهزة اتصال خاصة بعناصر حزب الله في مناطق عدة في لبنان.

وتعد التفجيرات حدثا فريدا من نوعه قد يمهد لتوسع الحرب خاصة بعد إصابة السفير الإيراني في بيروت في هذا الهجوم.

"خيبة أمل" أميركية
أشار مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق ومدير السياسة العربية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، إلى أن إدارة بايدن، رغم انطباعها الإيجابي عن القدرات الإسرائيلية، تعاني من "خيبة أمل" بسبب الأثر المحتمل لهذه التفجيرات.

وقال: "من الواضح أن هذا الحدث سيؤدي إلى ردود فعل من حزب الله، مثل إطلاق مزيد من الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل. لكن هذا لا يغير شيئا بالنسبة للإدارة الأميركية التي تسعى منذ أشهر لجعل حزب الله يقبل صفقة لتخفيف التصعيد".

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة "لم تكن على علم مسبق، ولم يكن لها أي دور" في الانفجارات المتزامنة لأجهزة اتصال تاعبة لحزب الله في لبنان.

وتأتي الانفجارات بعد أسابيع من الجهود الدبلوماسية الأميركية لمنع رد إيراني كبير على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أثناء زيارته لطهران في يوليو. وقد حملت طهران إسرائيل مسؤولية الاغتيال وتوعد بالرد.

والثلاثاء، أجرى وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، محادثات هاتفية مع نظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، مذكرا إياه بـ"أهمية تقليص التوترات عبر الدبلوماسية" لتجنب اندلاع نزاع إقليمي، بحسب ما أعلن البنتاغون.

والتقى المبعوث الأميركي الرفيع المستوى، آموس هوكستين، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، ومسؤولين إسرائيليين آخرين، الاثنين، في إطار سعيه إلى الحيلولة دون اندلاع حرب شاملة مع لبنان.

لكن يبدو أن إسرائيل لا تمتثل لرغبات واشنطن في التهدئة، إذ يشير شينكر في مقابلته مع "الحرة" إلى أن "عمليات مثل هذه تتطلب شهورا وأسابيع من التخطيط والمعلومات الاستخباراتية".

ما هي ردود الفعل المتوقعة؟
في ما يتعلق بردود الفعل المحتملة من إيران وحزب الله، قال شينكر: "يمكن أن تنظر إيران إلى هذا على أنه هجوم على منشأة دبلوماسية. ومع ذلك، يمكن أن نعتبر السفير الإيراني كعضو في حزب الله إذا كان يحمل جهاز بيجر خاصا بالحزب".

وشنت طهران هجوما غير مسبوق بطائرات من دون طيار وصواريخ على إسرائيل في أبريل الماضي بعد سنوات من الحرب الخفية بين البلدين، والتي بلغت ذروتها مع الهجوم على مبنى قنصلي إيراني في سوريا، أسفر عن مقتل اثنين من الجنرالات الإيرانيين وآخرين.

لكن شينكر لا يتوقع رد فعل كبيرا من إيران في الوقت الراهن.

وقال ميلر الثلاثاء إن الرسالة الأميركية لإيران "تظل بدون تغيير"، مضيفا: "نحض إيران على عدم استغلال أي حادثة لمحاولة مفاقمة عدم الاستقرار وتصعيد التوترات في المنطقة".

وبالنسبة للجماعة اللبنانية، قال شينكر، إن "حزب الله بدأ نزاعا منخفض الحدة في الثامن من أكتوبر، لكنه لم يكن مستعدا لخوض حرب كاملة، الأمر في يدهم الآن إذا قرروا أن الوقت قد حان لخوض حرب مع إسرائيل".

الضغوط السياسية والانتخابية على إدارة بايدن
مع اقتراب الانتخابات الأميركية، يشعر المسؤولون في واشنطن بضغط إضافي في التعامل مع هذا الملف.
وقال شينكر: "أعتقد أن الإدارة ستواصل جهودها لمنع نزاع إقليمي وحرب. هذا شيء لا أحد يريده، وبالتأكيد ليس إدارة بايدن".

ومنذ بداية الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ عام، تتبادل إسرائيل وحزب الله القصف وإطلاق الصواريخ عند الحدود الإسرائيلية اللبنانية، ما خلّف عشرات القتلى والجرحى من عناصر حزب الله والسكان المدنيين في جنوب لبنان، إضافة لنزوح عشرات الآلاف منهم نحو مناطق تُعتبر أكثر أماناً.

ويرى شينكر في حديثه مع قناة "الحرة" أن "من المحتمل أن الإدارة ستضاعف جهودها للتوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار في غزة، على أمل أن يخفف حزب الله من التصعيد أيضا".

وأضاف شينكر: "إذا أراد حزب الله حربا، ستكون هناك حرب. وإذا لم يرد أن تكون هناك حرب ويشعر أنه عليه أن يستمر في المقاومة ضد إسرائيل، فإن المشكلة هي أن إسرائيل ليست مستعدة للعب هذه اللعبة. هناك تكلفة للأحداث، وإسرائيل تتوقع زيادة في الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة نتيجة لذلك".

وأفاد موقع أكسيوس نقلا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين بأن وزير الدفاع الأميركي لويد اوستن قد يزورُ إسرائيل الاسبوع َ المقبل لبحث التوتر المتزايد مع لبنان.

وأكد ميلر من جهته الثلاثاء بأن الولايات المتحدة "تريد أن ترى حلا دبلوماسيا للنزاع بين إسرائيل وحزب الله".

وتابع المتحدث باسم الخارجية الأميركية قائلا: "نريد أن نرى اتفاقا يسمح لعشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين نزحوا من منازلهم وعشرات الآلاف من اللبنانيين الذين نزحوا من منازلهم بالعودة إلى ديارهم".

لكنه اعتبر أن حزب الله الذي تصنفه الولايات المتحدة "منظمة إرهابية"، يشكل هدفا عسكريا مشروعا، من دون أن يؤكد تورط إسرائيل في الانفجارات.

وقال ميلر إن "الأعضاء الإرهابيين في أي منظمة إرهابية هم أهداف مشروعة للدول لشن عمليات ضدهم".