يقول مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق إبراهيم جابر لبي بي سي إن الجيش سيواصل هجماته على الرغم من الجهود الدولية للتوسط في وقف لإطلاق النار و إنهاء الحرب الأهلية المستمرة منذ 17 شهراً.

الجنرال السوداني أضاف أن "محادثات السلام يمكن أن تستمر، لكن الجيش لن يتوقف عند ذلك".

ويأتي ذلك بعد أيام قليلة من إطلاق الجيش عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم من يد قوات الدعم السريع شبه العسكرية.

ويستمر القتال بين الجانبين منذ أبريل/نيسان الماضي عندما اختلف قادتهما حول مستقبل البلاد، وأدى ذلك إلى كارثة إنسانية، بعد أن أصبح أكثر من نصف سكان السودان، يعانون من الجوع، في حين أُجبر الملايين على ترك منازلهم.

كما ألمح الجنرال في المقابلة الطويلة التي أجرتها معه بي بي سي، إلى أن السلطات السودانية أكملت تعاملات لشراء أسلحة من إيران، نافياً أن تكون بلاده في مجاعة.

وقال جابر إنه "عندما يتفق الطرفان (على وقف إطلاق النار)، يمكن للجيش أن يتوقف"، مكرراً مطالب الجيش بانسحاب قوات الدعم السريع من المناطق التي احتلتها.

وأضاف: "فليمارس المجتمع الدولي الضغط على الميليشيا لوقف القتال وترك المنازل التي استولت عليها"، مؤكداً أنه أصبح "أكثر ثقة" الآن بعد أن أصبح لدى الجيش القوة اللازمة للاستمرار في القتال.

واعترف المبعوث الأمريكي للسودان توم بيرييلو هذا الأسبوع بأن المحاولات الدبلوماسية الجديدة للتفاوض على وقف الأعمال العدائية، "فشلت في إحراز أي تقدم".

وقال لوسائل إعلام في العاصمة الكينية نيروبي: "الوضع رهيب للغاية وأولئك الذين في موقع يسمح لهم بوقف ما يحدث، يبدو أنهم حريصون بدلاً من ذلك على زيادة حدة التوتر".

وأشار إلى بعض التحسن في وصول المساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أن بضع مئات من الشاحنات المحملة بالمساعدات تمكنت من الوصول إلى المناطق التي كانت محظورة في السابق.

وأوضح أنه "من الواضح أننا بحاجة إلى أن نشاهد أحجاماً مختلفة تماماً عن ذلك"، في إشارة إلى زيادة حجم المساعدات.

ومنع الجيش السوداني عبور شحنات المساعدات من نقطة حدودية هامة تسيطر عليها قوات الدعم السريع بين تشاد ودارفور لعدة أشهر، لكنه استأنف السماح بمرورها مرة ثانية في أغسطس/آب الماضي، كما تعهدت قوات الدعم السريع بتسهيل عمليات تسليم المساعدات في المناطق التي تسيطر عليها.

ونفى الجنرال جابر المزاعم التي تشير إلى أن الجيش ما زال يتباطأ في منح موافقات لدخول عمال المنظمات الإنسانية، ما أدى إلى تراجع عدد التأشيرات والتصاريح الصادرة لهم.

وأكد أن قوات الدعم السريع قامت بسرقة السلع الإنسانية، وما زالت تمنع دخول المساعدات إلى مدينة الفاشر المحاصرة في ولاية شمال دارفور.

وكرر جابر نفي الجيش لوجود مجاعة في البلاد، ملقياً باللوم مرة أخرى على قوات الدعم السريع في أزمة الجوع.

وخلصت مجموعة من الخبراء التابعين للأمم المتحدة إلى أن الأوضاع الإنسانية تمهد لمجاعة في مخيم زمزم للنازحين خارج الفاشر، استناداً إلى ما يتوافر لديهم من معطيات، لكنهم أكدوا أيضاً أن أجزاء أخرى من السودان معرضة لذات الخطر أيضاً.

ولم تصدر الحكومة السودانية إعلاناً رسمياً تعترف فيه بوجود مجاعة، الأمر الذي قد يؤدي إلى إصدار قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لتمكين الوكالات من تقديم الإغاثة عبر الحدود.

ويركز الجيش السوداني على حدود دارفور مع تشاد، لأنه يقول إنها ممر للمرتزقة والأسلحة التي تزودهم بها الإمارات بشكل خاص.

وقال الجنرال جابر إن دعم الإمارات المزعوم لقوات الدعم السريع "يُحدث فارقاً كبيراً في الحرب لأن قوات الدعم السريع ما هي إلا ميليشيا تتلقى دعماً بأسلحة متقدمة عالية التقنية، لكنهم في نهاية المطاف لن ينتصروا في الحرب، فهي ميليشيا" على حد وصفه.

وتنفي الإمارات ما يتردد من مزاعم حول تقديمها مثل هذا الدعم لقوات الدعم السريع في السودان، لكن الأمم المتحدة تقول إن هناك أدلة موثوقة على ذلك.

وقدّم تحقيق نُشر حديثاً في صحيفة نيويورك تايمز تفاصيل واسعة النطاق حول هذه القضية.

كما وثق تقرير صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية ومقرها نيويورك، أدلة مرئية على دخول أسلحة من الإمارات، والصين، وإيران، وروسيا وصربيا إلى السودان تحمل تواريخ تصنيع تعود إلى العام الماضي.

وأشار الجنرال إلى أن الجيش ناقش شراء أسلحة مع إيران.

وقال: "يمكنك العثور على الأسلحة إذا كان لديك المال وطريقة السداد".

وأضاف: "إيران لن تمنحكم أي أسلحة إلا إذا دفعتم نقداً. وليس لدينا سيولة... الأهم هو أننا حكومة، ولدينا الحق في التعامل مع الجميع".

ونفى جابر اتهامات بارتكاب جرائم حرب وردت في تقرير حديث للأمم المتحدة، والذي أشار إلى وجود أدلة على القصف العشوائي، والهجمات على المدارس والمستشفيات، والاعتقال التعسفي والتعذيب.

وقال: “الجيش السوداني ليس ملائكة. فقد يرتكبوا جرائم، لكني أتحدث عن الأفراد".

ولم يجازف الجنرال السوداني بالتنبؤ بالمدة التي قد تستمر فيها الحرب بينما استشهد مسؤول دفاع سوداني آخر، على سبيل المقارنة، بالمعركة التي خاضتها الولايات المتحدة منذ عشرين عاماً ضد طالبان في أفغانستان عندما سئل عن ذلك.

واستمرت جميع الحروب الأهلية السودانية السابقة لسنوات عديدة، وفقاً لـ"سودان وور مونيتور"، وهي مجموعة من الباحثين الذين يتتبعون الصراع.

وقالت هذه المجموعة لبي بي سي في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "العامل الرئيسي الذي يجعل هذه الحرب طويلة الأمد هو أن السودان بلد ضخم وكلا الطرفين المتحاربين كبيران، مما يجعل من المستحيل لأي معركة واحدة أن تحدد نتيجة الحرب".

بالنسبة للجنرال جابر، كانت نهاية اللعبة واضحة: "السودان سوف ينتصر، وسوف يُعد بناؤها".