بين نيران الصراع المحتدم بين إسرائيل وحزب الله، يظل الجيش اللبناني بعيدًا عن دائرة الضوء. ففي الوقت الذي يتبادل فيه الطرفان الضربات العنيفة، يتساءل الجميع عن موقف الجيش اللبناني، وعن دوره في حماية البلاد وسط هذا التصعيد الذي يهدد باندلاع حرب شاملة في المنطقة.


يرتكز الصراع الحالي بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، على موقفين محددين بوضوح، إلى حدٍ جعلهما من ثوابت المشهد فيما يتعلق بهذا الصراع لأكثر من أربعة عقود.

وفي وقت يواصل حزب الله استهداف دولة إسرائيل، تقول الأخيرة "إنها عازمة على القضاء على التهديد الذي يشكله حزب الله عليها من لبنان".

وقد تفاقم التوتر بين الجانبين جراء الأعمال العدائية اليومية عبر الحدود، والتي بدأت في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر) عام 2023.

والآن بعد أن بدأ الغزو الإسرائيلي للبنان لأول مرة منذ 2006، يتساءل الكثيرون أين الجيش اللبناني من كل هذا؟ وماذا فعل لمنع حدوث ذلك؟ في ظل تداعيات هذا التصعيد على المنطقة بأكملها.

من يدافع عن لبنان الجيش اللبناني أم حزب الله؟

في ظاهر الأمر، كان الجيش اللبناني غائباً عن الأعمال العدائية في حين تصدر كل من إسرائيل وحزب الله - المصنف كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أخرى– المشهد في الصراع. أما على الصعيد النظري، تتمثل مهمة الجيش في محاربة أعداء الأمة وتُعد إسرائيل رسمياً عدو للبنان.

ويفتقر الجيش اللبناني إلى المعدات وترسانة الأسلحة اللازمة لمثل هذه المواجهة.

فالجيش الإسرائيلي مجهز تجهيزاً قوياً ويحظى بدعم أكبر من القوى الغربية سواء على المستوى المالي أو مستوى التسليح، إذ يملك الجيش الإسرائيلي ترسانة أسلحة متطورة.

بالإضافة إلى ذلك، هناك قناعة تنتشر على نطاق واسع تدعمها شهادات العديد من الضباط السابقين رفيعي المستوى، يتهمون الولايات المتحدة بالضغط المستمر على الحكومات المتعاقبة لمنع الدولة اللبنانية من الحصول على أي أسلحة متطورة يمكن أن تشكل تهديداً لإسرائيل.

وأدت الأزمة الاقتصادية الشديدة -التي تفاقمت بسبب انفجار مستودع الأسمدة المدمر في مرفأ بيروت عام 2020- إلى تفاقم الأمور بالنسبة للجيش اللبناني.

وقد أثر نقص الأموال على موظفي الدولة والإمدادات الأساسية مثل الوقود.

منح أمريكية للجيش اللبناني

وما يزيد الأمور تعقيداً؛ هو أن الولايات المتحدة -التي يعتبرها حزب الله أكبر عدو له- هي المانح الرئيسي للجيش اللبناني. وأسهمت واشنطن في إمداد الدولة بالرواتب المتواضعة لأفراد الجيش اللبناني لبعض الوقت.

رغم ذلك، تقتصر المساعدات الأمريكية للجيش اللبناني على المركبات ولوازمها والأسلحة الفردية، ولا تقارن بالمساعدات التي تقدمها لإسرائيل.

في غضون ذلك، يرى مراقبون أن عدم فاعلية الجيش اللبناني وعدم تشكيله خطورة على إسرائيل يشبه عدم فاعلية باقي جيوش المنطقة مقارنة بإسرائيل.

وقال الجنرال منير شحادة، منسق الحكومة اللبنانية السابق لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل": "لا يمتلك الجيش اللبناني ولا أي جيش عربي القدرات التي تمكنه من مواجهة العدو الإسرائيلي".

وأضاف: "مع الجيش الإسرائيلي لا يوجد قتال مناسب إلا حرب العصابات، على غرار ما حدث في غزة".

وقال اللواء المتقاعد من الجيش اللبناني، خليل الحلو، إن "دور الجيش اللبناني هو الحفاظ على الاستقرار الداخلي، إذ أن الوضع الداخلي اليوم في البلاد يعتبر حساساً".

وأضاف الجلو: "نزوح نصف مليون من أنصار حزب الله اللبناني إلى مناطق مناهضة لحزب الله يخلق احتكاكاً قد يتطور إلى اضطرابات أمنية وربما حرب أهلية".

وفي أعقاب مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله على يد إسرائيل، انتشر الجيش اللبناني بكثافة في العديد من المناطق التي تعتبر "حساسة"، إذ كانت هناك احتمالات كبيرة لتصاعد توترات بين الجماعات المختلفة في البلاد.

كما أصدر الجيش اللبناني بياناً الأحد الماضي، حث فيه "المواطنين على الحفاظ على الوحدة الوطنية"، مؤكداً أنه مستمر في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على السلم المدني في البلاد.

جنود لبنانيون
Getty Images
جنود لبنانيون بالقرب من مستشفى في العاصمة اللبنانية

هل يحارب الجيش اللبناني إسرائيل؟

فهل للجيش أي دور في الصراع الحالي؟ في الواقع لا.

لكن الجيش موجود في الجنوب وبأعداد كبيرة. كما أعلن الجيش في الفترة الأخيرة أن جندياً لبنانياً قُتل جراء غارة جوية إسرائيلية بطائرة مسيرة استهدفت دراجة نارية أثناء مرورها عبر نقطة تفتيش.

كما أن أي وقف لإطلاق النار في المستقبل من المرجح أن يتضمن انتشاراً أكبر للجيش في الجنوب، وهو الأمر الذي ألمح إليه رئيس الوزراء اللبناني.

لكن من المتوقع أن ينطوي كل ذلك على مجموعة من التحديات الخاصة به. فهناك حاجة إلى المزيد من الأفراد، ومن أجل ذلك، هناك حاجة إلى المزيد من الأموال، وهي غير متوفرة لدى الجيش في الوقت الراهن.