لا يزال الرد الإسرائيلي المرتقب بين لحظة وأخرى على الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير يتصدر اهتمام الصحف العالمية، وكذلك التأثير المحتمل لهذا الرد على النظام الحاكم في طهران، فضلا عن العلاقات بين حلف شمال الأطلسي (ناتو) وواشنطن في حال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

ونبدأ جولتنا لهذا اليوم مع مقال من صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، بعنوان "استراتيجية للرد على إيران"، كتبه ديفيد آشر.

يقدم الكاتب في مقاله عناصر أساسية يجب أن تتضمنها الخطة الإسرائيلية للرد على هجوم إيران من وجهة نظره، ويرى أنه يجب على إسرائيل أن تطبق نفس الاستراتيجية التي نفذتها مع حزب الله على طهران بشكل مباشر.

وكتب: "إن المسار الأكثر فعالية الذي يجب أن تتخذه إسرائيل هو استهداف القيادات الرئيسية، والدعم العسكري والبنية الأساسية المالية للحرس الثوري ووزارة الاستخبارات والأمن. وهذا من شأنه أن يضعف أركان النظام مع تجنب إلحاق الأذى المباشر بالمدنيين، وهو ما قد يؤدي إلى تعزيز التعاطف مع النظام".

وأضاف "إلى جانب الهجمات على قدرة إيران على تصدير النفط إلى الخارج، لحرمان النظام من شريان حياته المالي، فإن النهج الذي يركز على (استهداف) القيادة من أعلى إلى أسفل من شأنه أن يضغط على النظام، دون تعطيل الخدمات المحلية الأساسية".

"لا بد أن تعمل إسرائيل أولاً على تحييد التهديد الصاروخي المباشر، الذي يشكله النظام الإيراني. ذلك أن توجيه الضربات إلى القيادة الإيرانية والمنشآت النووية، دون التصدي في الوقت نفسه للقدرات الصاروخية الإيرانية الهجومية، من شأنه أن يسمح للنظام الإيراني بالرد بقوة. وإيران تدرك هذا جيداً، وهو ما يفسر قيام حكامها بنشر صور على شبكة الإنترنت لـ (مدنهم الصاروخية) الموجودة تحت الأرض"، وفق الكاتب.

وقال كاتب المقال إنه "وبعد ذلك لابد وأن تهاجم إسرائيل مقار النظام ومنشآته القيادية وجيشه. ولا ينبغي لنا أن نستثني أياً من القادة الإيرانيين الرئيسيين. والواقع أن اغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية في شقة سكنية بطهران يؤكد أن إسرائيل قادرة على ضرب أي شخص، في أي وقت وفي أي مكان".

"ثم يتعين (على إسرائيل) تدمير معسكرات التدريب الإيرانية على الحدود العراقية. فقد استُخدمت هذه المعسكرات لعقود من الزمان لتدريب عملاء إيرانيين وحزب الله وحماس ومجموعات عراقية خاصة، لشن حملات ضد إسرائيل والقوات الأمريكية في العراق وسوريا، و(ضد) عمليات مكافحة الإرهاب العالمية. وبعد ذلك يتعين تدمير البنك المركزي الإيراني ومرافق تصدير النفط"، بحسب الكاتب.

ووفقا للمقال "يجب أن تركز الحرب الاقتصادية على الجهاز المالي لطهران: البنوك والمصرفيين والمسؤولين الإداريين الذين يدعمون النظام الثوري الإيراني. فقط بعد تعطيل القيادة والسيطرة والبنية التحتية المالية واللوجستية، يجب على إسرائيل أن تفكر في اتخاذ إجراء مباشر ضد المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية".

ويدعو الكاتب الولايات المتحدة لتقديم الدعم المباشر والعلني للضربات المضادة التي تشنها إسرائيل، وليس البقاء صامتة، حسب قوله.

ويُذكّر الكاتب بـ"العدد الكبير من الأمريكيين الذين قُتلوا على يد إيران وشبكتها الإرهابية ومن ذلك هجوم حزب الله على السفارة الأمريكية في بيروت عدة مرات في الثمانينيات، وتدمير ثكنات أمريكية هناك في عام 1983، ما أسفر عن مقتل 241 من مشاة البحرية والبحارة".

"وتبع هذه الهجمات تفجير أبراج الخٌبر (في السعودية) في عام 1996، والعديد من الهجمات التي وجهتها إيران ضد القوات الأمريكية في العراق بين عامي 2003 و2012، والتي أسفرت عن مقتل وجرح الآلاف"، حسب الكاتب.

واختتم: "إن الجيش الأمريكي لديه ثأر دموي ضد نظام طهران. ومع ذلك، لم يرد سوى بالقليل من الانتقام بخلاف اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني في عام 2020. والآن هو الوقت المناسب للانضمام إلى إسرائيل في الانتقام على نطاق واسع".

"الاستقرار الداخلي مرتبط بالنفوذ الخارجي"

ننتقل إلى صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، ومقال بعنوان " إيران... بين الثابت والمتحول داخلياً وخارجياً"، كتبه مصطفى فحص.

يرى الكاتب أنه لأول مرة "منذ عام 1979 يواجه النظام الإيراني أسئلة صعبة عديدة ومعقدة، تبدأ من طبيعته إلى شكله وتصل إلى مستقبله المرتبط موضوعياً بالخارج، أي نفوذه المهدد بكثير من المتحولات".

ويربط الكاتب بين استقرار النظام الإيراني في الداخل وحفاظه على خريطة نفوذ في الخارج، وفي حال فقدانه السيطرة السياسية والعسكرية على بعض أجزاء من هذه الخريطة فإن ذلك "سيدفع الأعداء إلى الانتقال من الخارج إلى الداخل، أي مواجهتها (إيران) مباشرةً، ما يؤدي إلى كسر هيبتها بعد تحطيم أو تعطيل نفوذها".

وكتب: "تواجه إيران للمرة الأولى في تاريخها متحولات خارجية كبرى، تعصف بفائض خريطة الجغرافيا (السياسية والاستراتيجية) أي مناطق نفوذها، واحتمال انتقال المتحول الخارجي إلى الداخل الوطني، وتنتقل معه معادلة الدفاع عن الثورة في الخارج إلى الدفاع عن النظام في الداخل، ما بدا واضحاً في الخطاب الأخير لمرشد الجمهورية في حفل تأبين الأمين العام الراحل لحزب الله حسن نصر الله".

"فالواضح أن النظام الإيراني دخل معركة الدفاع عن النفس، كأن المواجهة بينه وبين الكيان العبري حتمية، لذلك اختار الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، فقام بضرب أصول عسكرية إسرائيلية مباشرة من خلال صواريخ بعيدة المدى"، وفق الكاتب.

وأضاف الكاتب "يدرك النظام أن المواجهة الحالية مع تل أبيب ليست جولة، بل هي حرب متحولات إقليمية، قد يصعب بعدها الحفاظ على ثابتين (سلامة الجغرافيا الوطنية سياسياً، والحفاظ على النفوذ الجيوسياسي والجيوعقائدي)، ولكن المعضلة أنه إذا ضحَّى بالثاني، بمساومات دبلوماسية أو تحت الضغوط العسكرية، فإنه لا يضمن بقاء الأول كما هو، أن لا ينتقل المتحول الخارجي إلى الداخل، وتصبح الثورة والدولة والنظام أمام متحولات صعبة وكبيرة".

واختتم: "أمام احتمال مواجهة عسكرية شاملة أو تنازلات دبلوماسية قاسية، ربط النظام نفسه بثنائية البقاء والنفوذ، بين فائض الخرائط الجيوسياسية واستقرار النظام، وصعوبة الفصل ما بين النفوذ الخارجي وشرعية الداخل. لذلك فإن المواجهة المحتملة قد تفرض على طهران الاختيار ما بين الثابت الداخلي نسبياً والمتحول الخارجي عموماً".

"ترامب يحتاج إلى الناتو أيضا"

الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته (إلى اليسار) مع المرشح الجمهوري الأمريكي دونالد ترامب (إلى اليمين)، أرشيفية.
Getty Images
الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته (إلى اليسار) مع المرشح الجمهوري الأمريكي دونالد ترامب (إلى اليمين)، أرشيفية.

وأخيرا ننتقل إلى صحيفة التايمز البريطانية، ومقابلة حصرية مع "مارك روته" الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، والذي تولى منصبه رسميا في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

جاء تقرير الصحيفة بعنوان "أحترم دونالد ترامب، لكنه يحتاجنا أيضا".

يذكر أن مارك روته هو رئيس وزراء هولندا السابق، والذي استقال من منصبه في يوليو/ تموز الماضي بعد انهيار ائتلافه الحكومي.

وكتبت الصحيفة: "لقد أزعج احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض الحلفاء، الذين لا يستطيعون التنبؤ بما سيفعله فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا وعضوية الولايات المتحدة في التحالف. قال ترامب، الذي أشاد بفلاديمير بوتين ووصفه بأنه "عبقري" و"ذكي للغاية"، إنه سينهي الحرب في غضون 24 ساعة. يخشى الأوكرانيون أن يؤدي هذا إلى خسارة مساحات شاسعة من الأراضي لصالح بوتين".

"وقد حصل روته، البالغ من العمر 57 عاما، على لقب (مُروّض ترامب) في عام 2018، عندما نجح بصفته زعيما هولنديا في إقناع الرئيس، الذي هدد بانسحاب الولايات المتحدة من التحالف، ما لم ينفق الأعضاء الأوروبيون المزيد على الدفاع. ومؤخرا، حذر ترامب من أنه "سيشجع" روسيا على مهاجمة حلفاء الناتو الذين لا يدفعون فواتيرهم (في ميزانية الدفاع) كجزء من التحالف".

وردا على سؤال عن علاقته بترامب قال روته للصحيفة: "لقد عملت معه بشكل جيد للغاية لمدة أربع سنوات... وسوف ينجح الأمر (أيا كان من سيصبح رئيسا ترامب أو كمالا هاريس) لأنه في النهاية يريد كلاهما الحفاظ على أمن الولايات المتحدة، وللحفاظ على أمن الولايات المتحدة فهم بحاجة إلى حلف شمال الأطلسي".