إيلاف من باريس: أعلنت الحكومة الفرنسية في وقت سابق من هذا الشهر أنها ستعيد فرض عمليات التفتيش على الحدود مع ست دول أوروبية مجاورة، هي بلجيكا ولوكسمبورغ وألمانيا وسويسرا وإيطاليا وإسبانيا، اعتباراً من 1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024 وحتى نيسان (أبريل) 2025 على الأقل.

جاءت هذه الخطوة بعد إخطار رسمي إلى المفوضية الأوروبية والبلدان المجاورة، حيث بررت فرنسا قرارها بالقول إن "التهديدات الخطيرة للأمن والنظام العام" الناجمة عن الأنشطة الإرهابية، وازدياد شبكات الهجرة غير النظامية، تستدعي هذه التدابير المشددة.
كما أشار القرار إلى تدفقات المهاجرين التي قد تشكل خطراً من خلال تسلل أفراد متطرفين، إضافةً إلى التوترات المتصاعدة بين المهاجرين أنفسهم، لا سيما على طول الحدود البحرية للبلاد في بحر المانش وبحر الشمال.

قيود على حرية الحركة في منطقة شنغن
كان لهذا القرار أثرٌ واسع النطاق، إذ يُعيد الرقابة إلى حدود فرنسا مع دول شنغن، وهو أمر غير مألوف في ظل نظام شنغن الذي يتيح حرية الحركة بين الدول الأعضاء منذ 1995. وقد أثارت هذه الخطوة قلق المسافرين والأوساط الحقوقية على حد سواء، حيث تخشى العديد من المنظمات من تأثير عمليات التفتيش على تأخير المسافرين عند نقاط العبور وعودة التكدس، إلى جانب تأثيرها المحتمل على المبادئ الأساسية للتعاون الأوروبي.

فرنسا تتبع خطى ألمانيا في تشديد الرقابة الحدودية
يأتي هذا القرار الفرنسي بعد خطوات مماثلة اتخذتها ألمانيا في سبتمبر الماضي، حيث أعلنت حكومة المستشار أولاف شولتز عن فرض ضوابط مؤقتة على جميع حدودها البرية، بهدف كبح الهجرة غير الشرعية وتعزيز الأمن. وفيما يتم تطبيق عمليات تفتيش عشوائية أو مستهدفة في ألمانيا، دعت السلطات المسافرين إلى حمل بطاقات هوية صالحة لضمان سلاسة الإجراءات. هذه الخطوات المتتالية تعكس اتجاهًا متزايدًا بين دول الاتحاد الأوروبي لتشديد سياسات الهجرة والرقابة الحدودية.

سياسات مشددة بقيادة وزير الداخلية الفرنسي
منذ تعيينه مؤخرًا، قاد وزير الداخلية الفرنسي الجديد، برونو ريتيلو، توجهاً متزايداً نحو تشديد الإجراءات ضد الهجرة غير النظامية في البلاد. وأكد ريتيلو أن الأنشطة الإرهابية والشبكات الإجرامية المتورطة في تهريب المهاجرين تمثل تحدياً مباشراً للنظام العام والأمن الداخلي الفرنسي. ولتعزيز الرقابة، أصدر الوزير سلسلة من التعليمات لمحافظي الشرطة لتكثيف عمليات ترحيل الأجانب الذين قد يمثلون تهديداً للأمن العام.

انتقادات من منظمات حقوقية أوروبية
أثار القرار الفرنسي انتقادات من منظمات حقوقية ترى أن فرنسا تتجاوز قواعد الاتحاد الأوروبي فيما يخص الرقابة الحدودية. فوفقاً لقانون شنغن، يجب ألا تستمر الضوابط الحدودية الداخلية لأكثر من ستة أشهر، ما لم تكن هناك "تهديدات جديدة للنظام العام". لكن باريس أعادت تفعيل هذه الضوابط عدة مرات منذ هجمات 2015، تحت مبرر مواجهة المخاطر الأمنية. وتتهم المنظمات فرنسا بـ"إساءة استخدام" هذه التدابير وإعادة فرض القيود على حرية الحركة بين دول الاتحاد.

ينتظر المواطنون في فرنسا من الحكومة سياسة أكثر صرامة في ضبط الهجرة، كما ينتظرون رداً من المفوضية الأوروبية على الإجراءات الفرنسية الجديدة. تظلّ تداعيات هذه الخطوات موضع جدل داخل الاتحاد الأوروبي، الذي يسعى لتحقيق توازن بين الأمن وحرية الحركة في ظل التحديات الراهنة.