دونالد ترامب يعود ليشكل إدارته الثانية بوجوه قديمة وجديدة، مثيرة للجدل ومشحونة بالخطط الطموحة. مع تعيينات جديدة ووجوه بارزة من الماضي، يطمح ترامب لإعادة تشكيل الإدارة الأميركية بلمسته الخاصة، وإحداث تغييرات جذرية في مجالات الاقتصاد، الأمن القومي، والسياسة الخارجية.
إيلاف من لندن: بعد فوزه في انتخابات 2024 ضد نائبة الرئيس كامالا هاريس، يسابق الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، الزمن لتشكيل إدارته الجديدة. ومنذ إعلان فوزه، تتوالى التسريبات والتوقعات حول هوية الشخصيات التي ستتبوأ المناصب الرئيسية في البيت الأبيض، مع تركيز خاص على أسماء بارزة أظهرت ولاءً ودعمت سياسات ترامب بشكل واضح خلال حملته الانتخابية.
من هم أعضاء الإدارة الجديدة؟
- سوزي وايلز: أول رئيسة أنثى لموظفي البيت الأبيض
في خطوة تاريخية، اختار ترامب سوزي وايلز لتكون كبيرة موظفي البيت الأبيض، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب على الإطلاق. وايلز ليست جديدة على الحملة السياسية؛ فقد أمضت عقودًا من العمل خلف الكواليس لدعم الجمهوريين، من بينهم رونالد ريغان وحاكم فلوريدا رون ديسانتيس.
ويُنسب لوايلز دور حاسم في تنظيم حملات ناجحة وفعالة، حيث وصفتها وسائل الإعلام بأنها "القوة المحركة" التي تقف خلف نجاح ترامب في 2024. كما أنها حافظت على بروفيل منخفض في حياتها المهنية، حيث فضلت الابتعاد عن الأضواء ووسائل الإعلام، رغم دورها المؤثر. وتتمتع وايلز بعلاقات قوية في القطاع الخاص أيضًا، حيث عملت كعضو في جماعات الضغط لشركات كبرى، مثل أمازون وجوجل، وتعاونت مع إيلون ماسك عبر شركة ميركوري التي مثلت مصالح سبيس إكس.
- ماركو روبيو: أول وزير خارجية لاتيني
اختيار ترامب للسيناتور ماركو روبيو كوزير للخارجية يعكس رغبة الرئيس المنتخب في تعزيز نفوذه على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، خصوصًا في القضايا المتعلقة بالصين وإيران وأميركا اللاتينية. روبيو، الذي تنافس سابقًا مع ترامب في السباق الرئاسي لعام 2016، تطور من منافس عنيد إلى حليف مقرب، حيث عدّل من مواقفه لتتناسب مع أجندة الرئيس.
بصفته وزير الخارجية القادم، يُتوقع أن يتبنى روبيو نهجًا صارمًا في التعامل مع الخصوم الجيوسياسيين للولايات المتحدة، مع الاستمرار في دعم سياسات إدارة ترامب المتمثلة في المواجهة المباشرة مع بكين وطهران. وعلى الرغم من نزعته الشديدة في الماضي، إلا أنه أظهر مرونة كافية للتكيف مع توجهات البيت الأبيض.
النساء في طليعة الفريق: صعود إليز ستيفانيك
- إليز ستيفانيك: صوت حاسم في الأمم المتحدة
لم يكن مفاجئًا أن يُرشح ترامب إليز ستيفانيك، النائبة الجمهورية من نيويورك، لتولي منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. ستيفانيك، المعروفة بقدرتها على الدفاع عن سياسات ترامب بشكل صريح ودون تردد، تحولت من جمهورية معتدلة إلى حليفة شرسة للرئيس، مكرسة جهودها لدعمه في جميع المواقف الحرجة.
تمكنت ستيفانيك من بناء قاعدة شعبية قوية بفضل مشاركاتها القوية في مجلس النواب، حيث صعدت إلى منصب رئيسة الكتلة الجمهورية. وكانت قد ذُكرت سابقًا كمرشحة لمنصب نائب الرئيس، ما يعكس نفوذها المتزايد داخل الحزب. ترامب أشاد بها علنًا، واصفًا إياها بأنها "قاتلة"، في إشارة إلى أسلوبها الجريء في الدفاع عن سياساته.
- توم هومان: عودة "قيصر الحدود"
في ملف الهجرة، يسعى ترامب إلى إعادة توم هومان، المدير السابق لإدارة الهجرة والجمارك (ICE)، لتولي منصب المسؤول عن الحدود. هومان، المعروف بسياساته المتشددة إبان فترة رئاسة ترامب الأولى، أدار تنفيذ إجراءات "عدم التسامح المطلق" التي أدت إلى فصل آلاف العائلات على الحدود الجنوبية، ما أثار جدلاً واسع النطاق.
ومع تعيينه المتوقع، أعلن هومان أنه سيشرف على "أكبر قوة ترحيل شهدها هذا البلد"، ما يشير إلى أن سياسة الهجرة ستكون أولوية قصوى في ولاية ترامب الثانية. ويُعتبر هومان أحد أكثر الأصوات تأثيرًا في النقاشات حول أمن الحدود، وكان له دور محوري في مشروع 2025، الذي يسعى إلى إعداد الحكومة الفيدرالية لولاية جمهورية أكثر صرامة.
وجوه مستبعدة: نهاية عهد بومبيو وهيلي
- نيكي هيلي: خروج رغم الشعبية
نيكي هيلي، المنافسة السابقة لترامب في الانتخابات التمهيدية، ورغم شعبيتها الواسعة بين قطاعات من الجمهوريين، لن تعود إلى الحكومة. أعلن ترامب على منصة "تروث سوشيال" أنها، إلى جانب مايك بومبيو، لن تشارك في إدارته الثانية.
هيلي، التي عملت كسفيرة للأمم المتحدة في الولاية الأولى لترامب، كانت قد انتقدت سياساته خلال الحملات الانتخابية قبل أن تعود وتدعمه. وعلّقت على استبعادها بقولها إنها "فخورة" بالدفاع عن أميركا في الأمم المتحدة وتتمنى للإدارة النجاح، رغم الإقصاء.
- مايك بومبيو: نهاية حقبة دبلوماسية
أما مايك بومبيو، الذي شغل مناصب حساسة كوزير للخارجية ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، فلن يكون جزءًا من الإدارة الجديدة. بومبيو، الذي عُرف بمواقفه الحادة والمساندة لأوكرانيا، كان يُعد حليفًا قويًا لترامب. ومع ذلك، أكد الرئيس المنتخب أن بومبيو لن يتولى أي منصب جديد، وهو ما أنهى التكهنات حول عودته المحتملة إلى البيت الأبيض.
وجوه جديدة ومبادرات مفاجئة
- إيلون ماسك: رئيس "قسم الكفاءة الحكومية"
من بين الأسماء الأكثر إثارة، يفكر ترامب في تعيين إيلون ماسك، مؤسس تسلا ومالك X (تويتر سابقًا)، لرئاسة قسم جديد يُدعى "قسم الكفاءة الحكومية" (DOGE)، وهي إشارة إلى العملة المشفرة التي يروج لها ماسك. سيشرف ماسك على إجراء تدقيق شامل لأداء الحكومة الفيدرالية، مع سلطة لخفض البيروقراطية وتعزيز الكفاءة، وهي مهمة تتماشى مع رؤيته لتحسين إدارة الدولة.
مشاركة ماسك تعكس العلاقة المتنامية بين الرئيس المنتخب والملياردير التكنولوجي، الذي أنفق أكثر من 119 مليون دولار لدعم حملة ترامب في الولايات المتأرجحة. ويُتوقع أن تلعب هذه الشراكة دورًا مهمًا في تحويل العديد من القطاعات الحكومية نحو التكنولوجيا والابتكار.
- روبرت كينيدي الابن: نحو سياسات صحية مثيرة للجدل
روبرت كينيدي الابن، الذي تخلى عن حملته الرئاسية المستقلة لدعم ترامب، يُتوقع أن يحصل على منصب يتعلق بالسياسات الصحية. كينيدي، المعروف بمواقفه المناهضة للقاحات، أثار جدلًا واسعًا خلال جائحة كوفيد-19. وصرح مؤخرًا بأنه ينوي اقتراح إزالة الفلورايد من المياه العامة الأميركية، في مبادرة تُظهر مدى تأثيره المحتمل على السياسة الصحية. هذه الأفكار قد تلقى مقاومة شديدة من المؤسسات الصحية، لكنها تعكس رغبة ترامب في مكافأة حلفائه المؤثرين.
العائلة وأدوارها: بقاء أم انسحاب؟
- ترامب الابن وإريك ترامب: أدوار غامضة
على الرغم من تصريحات ترامب في يونيو 2023 بأنه لا يريد أن يخدم أولاده في إدارته الجديدة لتجنب الضغط العائلي، فإن دونالد ترامب الابن وإريك ترامب لعبا أدوارًا محورية في الحملة الانتخابية. من غير الواضح حتى الآن ما إذا كانا سيشغلان مناصب رسمية، لكن وجودهما في الساحة السياسية يبقى مؤثرًا، خصوصًا مع نشاط لارا ترامب، زوجة إريك، التي تشغل منصب الرئيس المشارك للحزب الجمهوري.
- ريتشارد غرينيل: مستشار محتمل للأمن القومي
ريتشارد غرينيل، الذي شغل منصب مدير المخابرات الوطنية بالوكالة وأثبت ولاءه لترامب، يُعد مرشحًا قويًا لمستشار الأمن القومي. غرينيل معروف بأسلوبه الحاد ومواقفه الداعمة لتفاهمات مثيرة للجدل، مثل إنشاء مناطق حكم ذاتي في شرق أوكرانيا، وهو ما رفضته كييف بشدة.
خيارات اقتصادية ودفاعية: من سيقود المال والقوة العسكرية؟
- لاري كودلو: نحو قيادة وزارة الخزانة؟
لاري كودلو، الذي كان مدير المجلس الاقتصادي الوطني خلال فترة ولاية ترامب الأولى، يُعد مرشحًا محتملًا لتولي منصب وزير الخزانة. كودلو، الذي يقدم برامج اقتصادية على قناة فوكس نيوز، يعكس رؤية ترامب لسياسة اقتصادية تستند إلى خفض الضرائب ودعم النمو الاقتصادي.
- جون بولسون: ملياردير في الحكومة؟
ومن بين المرشحين لمنصب وزير الخزانة أيضًا جون بولسون، مدير صندوق التحوط الذي جمع تبرعات هائلة لحملة ترامب. بولسون يُعتبر من المؤيدين الكبار لسياسات الرئيس المتعلقة بالتخفيضات الضريبية وإعادة تنظيم السوق المالية.
وزارة الدفاع: توم كوتون ومايك والتز يتصدران المشهد
أما بالنسبة لوزارة الدفاع، فتتجه الأنظار إلى السيناتور توم كوتون، الذي يُعرف بمواقفه الصارمة وخبرته العسكرية، إذ كان ضابطًا في الجيش وتلقى تعليمه في جامعة هارفارد.
من جانبه، يُعتبر مايك والتز، عضو الكونغرس والمحارب المخضرم، خيارًا قويًا أيضًا، مع خلفيته الواسعة في القضايا الأمنية ودعمه الواضح لسياسات ترامب في الشرق الأوسط وآسيا.
التعليقات