إيلاف من لندن: في أيلول (سبتمبر) الماضي، خططت عائلتان بريطانيتان لقضاء إجازة ممتعة في دبي، الوجهة التي تُعرف بأبراجها الشاهقة وشواطئها الفاتنة. بين رمال الصحراء الذهبية وأجواء العطلات الساحرة، تقاطعت طرق الشاب ماركوس فكانا، البالغ من العمر 18 عامًا، مع فتاة بريطانية تبلغ من العمر 17 عامًا.
ما بدأ كعلاقة رومانسية عفوية بين مراهقين، انتهى بحكم قضائي صارم بالسجن لمدة عام لماركوس، بعد عودة العائلتين إلى بريطانيا ورفع والدة الفتاة شكوى للسلطات الإماراتية.
تفاصيل القضية
ماركوس، القادم من شمال لندن، كان يظن أن علاقته بالفتاة مقبولة اجتماعيًا وقانونيًا، خصوصًا أن العمر القانوني للعلاقات في بريطانيا هو 16 عامًا. لكن في الإمارات، تختلف القوانين؛ إذ تُعد العلاقات الجنسية مع من هم دون 18 عامًا مخالفة قانونية صريحة.
وكان فكانا قد أخبر عائلته عن علاقته الغرامية لكن الفتاة لم تخبر عائلتها.
عودة الفتاة إلى بريطانيا، وما كشفته والدتها من محادثات وصور، كانت كافية لإشعال فتيل القضية. على الفور، أبلغت الأم السلطات الإماراتية، التي تحركت سريعًا لاعتقال ماركوس بينما كان يقيم في أحد فنادق دبي، بتهمة ممارسة الجنس مع قاصر.
"أنا آسف.. أرجو العفو"
في بيان مؤثر أرسله ماركوس عبر منظمة "Detained in Dubai"، عبّر الشاب عن ندمه العميق وطلب العفو من حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم. يقول فكانا "أنا وعائلتي محطمون وفي حالة صدمة". أضاف: "لم أقصد كسر القانون. لم أكن أعلم أن ما قمت به يعتبر جريمة هنا. أرجو أن تمنحوني فرصة للعودة إلى حياتي وعائلتي". وأضاف: " أطلب من صاحب السمو الشيخ محمد آل مكتوم أن يسامحني ويعفو عني". وقال راجيا: "دعوني أذهب إلى المنزل. أرجوكم أعيدوا لي حياتي".
طلبه هذا أثار موجة من التعاطف بين البريطانيين، الذين وجدوا أنفسهم أمام قصة تحمل أبعادًا إنسانية وقانونية معقدة.
بين القانون والاختلاف الثقافي
قضية ماركوس تسلط الضوء على الفجوة الكبيرة بين الأنظمة القانونية والثقافات المختلفة. في بريطانيا، يُعتبر الشباب في سن 16 بالغين قانونيًا، بينما في الإمارات، يبقى الشخص قاصرًا حتى بلوغه 18 عامًا.
هذا التضارب القانوني أدى إلى اعتقال ماركوس وإدانته بتهمة تُعد غير مألوفة في بلده الأم، مما ألقى الضوء على أهمية توعية المسافرين بالقوانين المحلية في الدول التي يزورونها.
وقالت حكومة دبي في وقت سابق: "بموجب قانون دولة الإمارات العربية المتحدة، تصنف الفتاة قانوناً كقاصر، ووفقاً للإجراءات المتعارف عليها دولياً، قامت والدتها - كونها الوصي القانوني عليها - بتقديم الشكوى". وأضافت: "يلتزم النظام القانوني في دبي بحماية حقوق جميع الأفراد وضمان إجراءات قضائية نزيهة".
معاناة عائلية مستمرة
مع عودة والدي ماركوس إلى بريطانيا لاستئناف أعمالهما المتواضعة – في مستودع وتنظيف المنازل – باتت العائلة في مواجهة ضغوط نفسية ومالية هائلة. تكاليف الإقامة المؤقتة لماركوس في دبي، إلى جانب الأتعاب القانونية، أصبحت عبئًا ثقيلًا على الأسرة.
وفي ظل هذه الظروف، أعربت عائلة ماركوس عن أملها في أن تؤدي الجهود الدبلوماسية البريطانية إلى تخفيف الحكم أو إلغاءه، مما يسمح بعودة ابنهم إلى وطنه.
أصداء القضية دوليًا
القضية أثارت تفاعلات واسعة في بريطانيا، حيث وصفت منظمة "Detained in Dubai" الحكم بأنه "غير معقول". وقالت رادها ستيرلينغ، المؤسسة والمديرة التنفيذية للمنظمة:
"تدمير حياة شاب لمجرد خطأ في التقدير لا يمكن تبريره. نحن على ثقة بأن محكمة الاستئناف ستنصف ماركوس".
وفي بريطانيا، عبّر المتحدث باسم رئيس الوزراء عن "قلق عميق" إزاء الوضع، مشيرًا إلى أن وزارة الخارجية البريطانية تعمل عن كثب مع فريق ماركوس القانوني.
بينما ينتظر ماركوس جلسة الاستئناف، يبقى مصيره معلقًا بقرار قضائي قد يأخذ شهورًا للوصول إلى نتيجة.
التعليقات