إيلاف من واشنطن: في أول شهر له في منصب الرئيس الأميركي، استهل دونالد ترامب ولايته بتغيير جذري في طريقة حكمه، حيث ركز بشكل مباشر على تعزيز سلطته الشخصية على حساب باقي المؤسسات الحكومية.

يُظهر تقرير نشرته صحيفة "الإيكونوميست" الأميركية أن ترامب يعتقد أن السلطة يجب أن تكون مركزة في يد الرئيس دون غيره، وهو ما يتجسد من خلال تهميش الكونغرس وتوجيه الأوامر التنفيذية التي قد تخرق الدستور الأميركي. ترامب لم يكتفِ بتجاوز السلطة التشريعية، بل بدأ أيضًا اختبار حدوده مع القضاء، مما يثير مخاوف من خطر كبير يهدد الديمقراطية الأميركية.

التقرير يشير إلى أن ترامب يتصرف كما لو أن السلطة هي حقه الشخصي، ولا يتردد في استخدام أوامر تنفيذية لتجاوز القرارات التشريعية. فبموجب هذه الأوامر، يقرر ترامب أحيانًا ما إذا كان يمكنه تجاوز الأموال المخصصة من قبل الكونغرس، الأمر الذي كان يُتوقع أن يظل من اختصاص السلطة التشريعية، لا السلطة التنفيذية. هذا السلوك يُعتبر تجاوزًا للقوانين التي حددها مؤسسو أميركا في الدستور، وقد يُشكل تهديدًا كبيرًا لمبادئ الفصل بين السلطات في الدولة.

ما يثير القلق بشكل أكبر هو كيف أن ترامب يعزز من سلطته على الإدارات الحكومية. فوفقًا للتقرير، يُظهر ترامب سيطرة كاملة على تعيين المسؤولين في المناصب العليا، حيث تم استجواب مرشحي المناصب الرفيعة حول موقفهم من ادعاءات ترامب الكاذبة بفوزه في انتخابات 2020، وهو ما يوضح تطورًا في سعيه لتعزيز سلطاته الفردية. ليس فقط في الشؤون الداخلية، بل في السياسة الخارجية أيضًا، حيث بدأ ترامب بالانسحاب من المنظمات متعددة الأطراف مثل منظمة الصحة العالمية، مستمرًا في تعزيز سلطة أميركا من خلال استخدام التهديدات والرسوم الجمركية للحصول على تأثير أكبر على الحكومات الأجنبية.

أما على الصعيد الدولي، فتسعى سياسات ترامب الخارجية إلى تغيير التحالفات التقليدية. فبينما يعزز تحالفه مع روسيا، يتعامل مع علاقاته الأوروبية على أنها مجرد صفقات يمكن التفاوض بشأنها، مما يثير القلق من تآكل التحالفات التي كانت تضمن قوة الغرب.

مؤامرة أم رغبة في الإصلاح؟
لكن ليست كل خطوة في مسار ترامب تعتبر تهديدًا محضًا؛ فالمقال يشير إلى أن جزءًا من أهدافه قد يكون مشروعًا، مثل إصلاح الحكومة الفيدرالية. لكن أسلوبه في تطبيق هذه الإصلاحات، الذي يعتمد على أسلوب "الصدمات البيروقراطية"، قد يؤدي إلى عواقب كارثية قبل أن تحقق هذه الإصلاحات أي نتائج إيجابية. كما أن سياسات ترامب التي تتحدى القضاء قد تؤدي إلى أزمة دستورية تهدد استقرار الحكومة الفيدرالية.

التقرير يختتم بتحذير شديد من أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى تدمير المؤسسات الأميركية، ليس فقط على مستوى الحكومة الفيدرالية ولكن على مستوى تحالفاتها الدولية، مما يعرض أميركا لخسارة كبيرة لصالح الصين وروسيا.

*أعدت إيلاف التقرير عن صحيفة "الإيكونوميست" الأميركية: المصدر