إيلاف من المنامة: جرى اليوم إطلاق أول قمر صناعي بحريني"المنذر"، الذي تم تصميمه وتطويره بأيدٍ بحرينية من قبل مهندسي الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء. ويعد هذا الإطلاق شاهدًا على الجهود المبذولة في توطين تقنيات الفضاء وتعزيز القدرات البحرينية في هذا المجال الحيوي، مما يمهد الطريق نحو مزيد من الاعتماد على القدرات الذاتية في تطوير المشاريع الفضائية المستقبلية.

و يعتبر القمر الصناعي "المنذر" انجازا غير مسبوق وتجسيدا عمليًا لرؤية مملكة البحرين في تعزيز استقلاليتها في مجال الفضاء وتطوير التقنيات الوطنية التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة. فمنذ انطلاق المشروع، ركزت الهيئة البحرينية لعلوم الفضاء على بناء قدرات الأطر البحرينية من خلال تصميم وتطوير وإدارة القمر الصناعي بالكامل داخل المملكة، مع الاستفادة من الخبرات الإقليمية والدولية لضمان تنفيذ المشروع وفق أعلى المعايير الفضائية.

ويشكل هذا المشروع "المنذر" خطوة مهمة نحو توطين تقنيات الفضاء في مملكة البحرين، حيث أسهم في تمكين فريق من المهندسين البحرينيين الشباب من اكتساب خبرات عملية في تطوير الأنظمة الفضائية المتقدمة، ابتداءً من صياغة مفهوم المهمة ووضع المتطلبات الهندسية، مرورًا بتصميم الأنظمة وبناء البرمجيات، وصولًا إلى إجراء الاختبارات البيئية والتشغيلية. كما أن المشروع ساهم في نقل المعرفة والتكنولوجيا، ووضع الأسس لتطوير مشاريع فضائية مستقبلية يقودها مهندسون بحرينيون.
وجرى إطلاق القمر الصناعي "المنذر" إلى مداره المخصص له على متن صاروخ Falcon 9 التابع لشركة SpaceX، وذلك ضمن مهمة Transporter-13، من قاعدة فاندنبرغ الفضائية في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة .
ونجح القمر في الانفصال عن الصاروخ والوصول إلى مداره المتزامن مع الشمس على ارتفاع 550 كم عن سطح البحر، ليبدأ بعدها سلسلة من الاختبارات المدارية لضمان جاهزيته للعمل بكفاءة قبل بدء العمليات التشغيلية الكاملة.


"المنذر":حمولات تقنية مبتكرة تعكس التقدّم البحريني


وتستعد الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء في مملكة البحرين لبدء مرحلة التشغيل الأولي، والتي ستتيح للمهندسين البحرينيين اختبار مكونات القمر الصناعي في المدار قبل بدء عملية تفعيل الحمولات التقنية المتطورة التي يحملها القمر على متنه، بما يرسّخ مكانة البحرين في مجال تطوير الأقمار الصناعية النانوية والاستفادة منها في التطبيقات الفضائية المختلفة.

ويعتبر "المنذر" وهو من فئة الأقمار الصناعية النانوية، يزن حوالي 3.2كجم، ويدور في مدار متزامن مع الشمس على ارتفاع 550 كم عن سطح البحر. وهو مصمم ليحقق عدة مهام متكاملة، حيث تم تطويره وتزويده بقدرات تحليل ومعالجة بيانات متقدمة، مما يتيح له أداء مهامه بفعالية ضمن بيئة الفضاء القاسية.

الحمولات الأربع ل "المنذر"

يضم القمر الصناعي "المنذر" أربع حمولات تقنية رئيسية، كل منها مصممة لتخدم هدفًا استراتيجيًا ضمن رؤية البحرين لتعزيز حضورها في قطاع الفضاء:

1-حمولة الاستشعار عن بعد – كاميرا فضائية متوسطة الدقةًً
تم تجهيز "المنذر" بكاميرا فضائية متوسطة الدقة (20 متر/بكسل)، وهي مخصصة لالتقاط صور لمملكة البحرين ومياهها الإقليمية.تتميز هذه الكاميرا بقدرتها على التقاط صور يمكن تحليلها لاحقًا لاستخدامها في دراسات بيئية وزراعية، ورصد التغيرات العمرانية، والمراقبة الساحلية، وغيرها من الدراسات التي تلبّي متطلبات مختلف الجهات الحكومية. سيتم تطبيق خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي طورها مهندسو الهيئة على الصور التي يتم التقاطها من الفضاء، حيث يمكّن من رفع مستوى دقتها، وتحليل بياناتها بشكل فعّال قبل إرسالها إلى المحطة الأرضية.


2- حمولة الذكاء الاصطناعي – معالجة الصور وتحليلها على متن القمر
إحدى المميزات البارزة لـ "المنذر" هي قدرته على تحليل الصور الفضائية مباشرة على متنه باستخدام الذكاء الاصطناعي، مما يجعله الأول من نوعه في المنطقة الذي يطبق هذه التقنيات على متن الأقمار الصناعية النانوية. تعد هذه الحمولة من أبرز الابتكارات التقنية في "المنذر"، حيث تم تطوير برمجية ذكاء اصطناعي متقدمة تقوم ذاتيًا بتحليل الصور مباشرة قبل إرسالها إلى المحطة الأرضية. تقوم البرمجية بتصنيف الصور الملتقطة بعد معالجتها وفقًا لجودتها ومدى فائدتها العلمية. كما يتم ارشفة الصور الغيرالصالحة بعد تقليل حجمها، مثل صور المناطق المغطاة بالغيوم أو المشوشة أو المعتمة، مما يساعد في تقليل كمية البيانات المرسلة إلى الأرض، وتحسين كفاءة الاتصال بين القمر الصناعي والمحطة الأرضية، وحسن استغلال طاقة القمر الصناعي. وتعتبر هذه التقنية نقلة نوعية في طريقة تعامل الأقمار الصناعية النانوية مع البيانات، حيث تتيح إمكانية تنفيذ عمليات تحليل أولية في الفضاء، مما يسهم في توفير الوقت والموارد الأرضية.


3- حمولة الأمن السيبراني – حماية بيانات القمر الصناعي.
في ظل تزايد التهديدات السيبرانية التي تستهدف الفضاء، تم تزويد "المنذر" بحمولة متخصصة في الأمن السيبراني الفضائي، وهي تقنية بحرينية بالكامل تهدف إلى حماية بيانات القمر الصناعي عبر تقنيات التشفير المتقدمة، مما يضمن عدم تعرض المعلومات لأي اختراق أو تعديل غير مصرح به. كما تتضمن تطبيق خوارزميات توثيق الهوية لضمان أن عمليات تشغيل القمر "المنذر" يتم تنفيذها فقط من قبل المشغلين المعتمدين. مما يساهم في تعزيزمستوى الاستقلالية الرقمية لمملكة البحرين في مجال أمن الفضاءوحماية الاصول الفضائية للمملكة.

4-حمولة البث الراديوي – تعزيز الهوية الوطنية في الفضاء
إحدى الحمولات الفريدة التي يحملها "المنذر" هي حمولة البث الراديوي الموجهة لهواة اللاسلكي حول العالم، حيث يقوم القمر ببث النشيد الوطني البحريني عبر ترددات مخصصة لهواة الراديو، ما يتيح استقبال البث في مختلف أنحاء العالم باستخدام معدات استقبال بسيطة. كما يبث كلمة لعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى ال خليفة. يتم إرسالها عبر إشارات رقمية يمكن فك تشفيرها وقراءتها من قبل هواة الراديو ومحطات الاستقبال الفضائية. يهدف هذا البث إلى الترويج لإنجاز البحرين الفضائي وتعزيز مكانتها الدولية في مجال الفضاء، كما أنه يتيح الفرصة لهواة الراديو في مختلف أنحاء العالم لاستقبال الإشارة القادمة من الفضاء والتعرف على مملكة البحرين.

الاختبارات والتحضيرات قبل الإطلاق
خضع القمر الصناعي "المنذر" لسلسلة من الاختبارات الصارمة لضمان قدرته على تحمل البيئة الفضائية القاسية والعمل بكفاءة بعد الإطلاق. وقد تمت الاختبارات في عدة مرافق متخصصة على المستوى الإقليمي والدولي، حيث شملت اختبارات جاهزية الحمولة في مختبرات المركز الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي هدفت إلى التحقق من أداء الكاميرا الفضائية وقدرتها على العمل في بيئة الفضاء. والاختبارات البيئية الفضائية في مختبرات وكالة الفضاء المصرية، والتي تضمنت اختبارات التحمل الحراري واختبارات الاهتزازات التي تحاكي الظروف التي يمر بها القمر أثناء الإطلاق وخلال عمله في المدار الفضائي. والاختبارات النهائية تم اجراؤها في مملكة هولندا بالتعاون مع شركة ISISPACE، حيث تم إجراء اختبارات التكامل النهائي للقمر الصناعي، واختبار جاهزيته للعمل في الفضاء. كل هذه الاختبارات والتجارب كانت ضرورية لضمان أن القمر الصناعي "المنذر" يستطيع العمل بكفاءة في مداره المحدد، مما يزيد من فرص نجاح مهمته العلمية