الأثنين:05. 12. 2005

في ضوء اختياره أكثر مفكري العالم تأثيرا
وتفرغ لفضح سياسات الحلف الإسرائيلي ـ الأمريكي


تقرير‏ـ محمد عبدالهادي

جاء اختيار المفكر الأمريكي اليهودي ناعوم تشومسكي مؤخرا أكثر مفكري العالم تأثيرا ليضع هذا الرجل في مكانته الصحيحة عالميا ـ والمستحقة كرمز يجسد الضمير بين أبناء ديانته بسبب مواقفه الشجاعة وتطلعاته في كتاباته إلي قيم الحق والعدل التي تتجلي في تأييده الحقوق العربية والفلسطينية وفضحه الممارسات الأمريكية والإسرائيلية ضدهما في فلسطين والعراق‏,‏ الأمر الذي جلب له استعداء مؤسسات رسمية وغير حكومية في الولايات المتحدة وإسرائيل وأغلق أمامه أبواب الاعلام في البلدين‏.‏

ويعكس هذا العداء له ادراكه بوعي ونزاهة قيمة التضحية الغائبة في المجتمعات الثقافية والاعلامية العربية‏,‏ التي يجب أن يدفعها أصحاب المبادئ بسبب مبدأ أو قيمة دون انتظار مكافأة من حكومة أو حزب أو أجهزة‏,‏ كما تعكس ديانة الرجل حقيقة أن ليس كل اليهود سفاحين وقتلة من أمثال شارون وبيريز ويعالون وموفاز وشامير وغيرهم‏.‏
تشومسكي عاش فترة في إسرائيل تحت تأثير الدعاوي الصهيونية وتبدت أمامه هناك الحقائق وفظاعة الممارسات ضد الشعب الفلسطيني وواقع الاحتلال وزيف تلك الدعاوي فقرر مغادرتها إلي الأبد ذاهبا إلي الولايات المتحدة‏,‏ ولتشومسكي مواقف جريئة حيال الادارة الأمريكية برئاسة جورج بوش ويتهم فريقه للحاكم بأنه يحاول السيطرة علي العالم‏.‏

ولايعزف تشومسكي منفردا فوسط مناخ التطرف والكراهية في إسرائيل تزخر الحياة السياسية والاعلامية فيها ايضا بوجود أصحاب ضمائر حية‏.‏

وعلي سبيل المثال جاء وصف وزير العدل السابق يوسف ليبيد أحداث رفح العام الماضي بأنها تشبه المحرقة النازية لليهود قبل تراجعه في وصفه تحت ضغوط سياسية حلقة في سلسلة تعبير قطاعات من المجتمع الإسرائيلي عن رفضها لسياسة وممارسات شارون‏,‏ فإلي جانب جماعة السلام الآن النشيطة منذ‏1979‏ ودعوة شخصيات إسرائيلية معتدلة أمثال يوسي ساريد ويوسي بيلين ولطيف دوري ويوري أفنيري وغيرهم إلي السلام والتعايش واقامة الدولة الفلسطينية والانسحاب من الضفة والقطاع وكذلك مطالبة البعض بإخلاء كل المستوطنات وبالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين أو عاصمة مشتركة لإسرائيل وفلسطين وبتخفيض جنود الخدمة العسكرية في الضفة وغزة‏,‏ وعبر فنانون وصحفيون وناشطون من الشباب عن رفضهم سياسة الاذلال للشعب الفلسطيني ونظم بعض الجنود ومعارض صورا توضح ارتكاب جرائم ضد الانسانية ارتكبها جنود‏,‏ ونبهوا إلي أن الشعب الفلسطيني هو الذي سيمنح إسرائيل الشرعية والوجود الطبيعي في الوسط العربي‏.‏

وفي يناير‏2005‏ أطلقت منظمات يسارية حملة شعبية ضد الجنرال دان حلوتس نائب رئيس أركان الجيش لمنع ترشيحه لمنصب رئيس الأركان والمطالبة بإحالته للتقاعد ردا علي تصريحاته التي ذكر فيها أنه نام الليل وشعر بأن ضميره مرتاح بعد نجاح عملية عسكرية في غزة راح ضحيتها‏16‏ مدنيا فلسطينيا بينهم تسعة أطفال‏,‏ وطالبت هذه المنظمات بضرورة تحلي الجيش بالاخلاقيات‏.‏

علي صعيد المجتمع المدني انطلقت حركة ضمير أخري هي منظمة يوجد حد وهي منظمة تناهض احتلال الأراضي الفلسطينية وتدعو إلي السلام والتعايش انضمت إلي المركز الفلسطيني لحقوق الانسان في تحركه لمحاسبة جنرالات الجيش الإسرائيلي مرتكبي جرائم ضد الانسانية‏.‏ وهذه المنظمة قامت مؤخرا بابلاغ السلطات القضائية البريطانية بارتكاب وزير الدفاع شاؤول موفاز ورئيس الأركان الأسبق موشيه يعالون جرائم حرب ضد الفلسطينيين‏,‏ وانضمت إلي المركز الفلسطيني في دعواه أمام القضاء البريطاني لإلقاء القبض علي الجنرالات المتهمين حال وصولهم إلي لندن‏.‏

وتتعرض يوجد حد لحملة تشويه ومضايقات من جانب السلطات الإسرائيلية حيث طالب مسئولون حكوميون بتضييق الخناق عليها واتهمها رئيس لجنة الشئون الخارجية والأمن في الكنيست بالخيانة والتحريض علي رفض الخدمة العسكرية في الأراضي المحتلة‏,‏ ودعا إلي عقابها باعتبارها خارجة علي القانون‏,‏ وفي نفس الوقت تزخر الساحة السياسية في مصر ببعض من لايصفون الاحتلال الإسرائيلي بانه احتلال ويعتبرون الأراضي المحتلة أرضا متنازعا عليها والمقاومة المشروعة إرهابا والشهداء منتحرين‏..‏ تحيا صحوة الضمير اليهودي‏.‏