الأربعاء:11. 01. 2006
حتى اللحظة الاخيرة ظل شبح الثعلب الالماني القاضي المحترف ديتليف ميليس مسيطراً، على مسرح النظام السوري، متوجاً جهده الجنائي البحت، في طلب الاستماع الى رأس النظام ووزير خارجيته في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قبل تسليم ملفه الى خلفه القاضي البلجيكي سيرج براميرتس عائداً الى المانيا حيث عمله الاهم في وطنه، غير ان هذا الشبح لم يلاحق النظام السوري ورموزه فحسب، بل انه سيظل مسيطراً بالكامل على كل وجهة خلفه براميرتس، بعد ان رسم خلال ستة اشهر مسار التحقيق وحدد وجهته واندفعت عربته لتجسد كل المحطات التي وصل اليها لتصبح ثوابت لا مجال للشك فيها.
غير ان براميرتس سيبدأ محظوظاً بأن سهام التشكيك السوري طالت سلفه، وان كل كراهية الدنيا التي يختزنها نظام دمشق موجهة الآن الى ميليس، وبالتالي فإن دمشق رغم انها تعرف ماضي براميرتس في كشف جرائم إبادة جماعية في رواندا، ستستقبله بترحاب ((ليس حباً بعلي بل نكاية بعمر))، حتى انها اعتبرت انتهاء مدة عقد ميليس انتصاراً تاريخياً لها.
هذا اولاً،
اما الشأن الثاني: فليهيىء براميرتس نفسه لمرحلة جديدة في علاقة لجنة التحقيق الدولية مع دمشق. قد تكون اكثر ايجابية اذا التـزم نظامها الجهود العربية والدولية لتسهيل مهمته في التعاون السوري معها، وهي المرحلة الاصعب ndash; التي من سخرية القدر ndash; ستكون مفصلية في مسار نظام دمشق في التعاطي مع لجنة التحقيق الدولية.
الشأن الثالث: هو كنـز المعلومات الذي سيقدمه نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام، بعد ان قرر الكلام عبر قناة ((العربية)) علناً وسيكون كلامه الاهم سراً مع براميرتس، وهذا من شأنه ان يشق جدار النظام الاستخباراتي السوري داخل سوريا نفسها.
الشأن الرابع: مقابل هذا ((التساهل)) السوري النظري سيواجه براميرتس بتشكيل قوى داخلية لبنانية تابعة للنظام الامني السوري، تأمرها دمشق بالعرقلة، لتتجنب هي الإتهام بها، بما يلقي من جديد بظلال الشك حول دور اللجنة، خاصة كلما تقدمت في التحقيق في الجريمة الارهابية.
محظوظ براميرتس؟
ربما لأنه خلف ميليس الذي امتلك الحقيقة شبه الكاملة في كشف جريمة اغتيال الحريري، ولم يبق الا الاعتراف من الذين أمروا وخططوا ونفذوا.. اما الذين حرضوا وضللوا فقد كشفوا متلبسين.
وربما لأن الخيارات ضاقت امام النظام الامني في دمشق حتى لم يعد امامه الا احد أمرين: اما الإذعان.. وإما الانتحار.. حتى لا ينتحر على يد براميرتس.
التعليقات